الوعي المجتمعي والإختلاف الديني والمذهبي
حاكم محسن الربيعي
الوعي المجتمعي هو ادراك غالبية المجتمع بصحة أو عدم صحة ظاهرة أو حالة معينة , أي يكون هناك اجماع وقناعة بصحتها أو عدم صحتها, والتعامل معها على اساس أحقية الجميع في التعامل معها وفق مصالح المجتمع بشكل مؤداه لم الشمل وليس الفرقة , وبالتالي لكل فرد الحق في المجتمع ان يساهم في بناء الوطن الذي يحوي هذا المجتمع , الذي هو الاخر يساهم في بناء الوعي المجتمعي لدى أفراده , ومن هنا يقول بن خلدون ما معناه (حسنوا ظروف الناس، يتقدم وعيهم), وهو في ذلك , إنه يسبق الماركسية في ابراز دور المجتمع في بناء الوعي المجتمعي , حيث قال ماركس جملته الشهيرة «ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، وإنما وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم « ,و هذا يعني ان المجتمع مسؤول عن تنمية الوعي المجتمعي لا فراده بالقناعة لا بالقوة, مع ان القوة القانونية مطلوبة في بعض الحالات التي يحصل فيها تجاوز على حقوق الاخر, وبالتالي فان المجتمعات مسؤولة عن اشاعة وتنمية الوعي المجتمعي, بما يعزز القناعة والايمان بحقوق الاخر باعتباره ابن هذا الوطن الذي فيه شعب بمختلف دياناته ومذاهبه , فالإنسان غير معني بالأخر من حيث ديانته ومذهبه , هذا شأن رباني .
سفوح جبال
وكما جاء في قوله تعالى وفي الآية الكريمة 17 من سورة الحج في محكم كتابه ( ان الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا ان الله يفصل بينهم يوم القيامة , ان الله على كل شيء شهيد ), وهنا اشارة كما في الآية الكريمة , ان هذا الاختلاف مع الاخر هو شأن رباني ليس للبشر أي شأن فيه , بل الامر لله الواحد الاحد , وبالتالي يعد أي تجاوز على المختلف مع الاخر دينيا ومذهبيا خروجا على الآية الكريمة(ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ) , الامر متروك لله , وعلى هذا السبيل أذكر حادثة حصلت مع أحد الزملاء يرويها في بعض الحالات التي يحصل خلالها حديث ذات صلة , يقول عندما زرت هضبة التبت الواقعة على سفوح جبال الهملايا بين الصين والهند وعلى ارتفاع ساعتين ونصف بالسيارة وهو موقع اقامة الديلي لاما زعيم البوذيين في معبده الرئيس وهو مكان اقامة البوذيين , يقول سألني مسلم هندي عندما عرف جنسيتي من دولة عربية , من اي طائفة انت , كذا أم كذا , قلت له مسلم , رد على ان الطائفة الفلانية فقط هم من يقولون ذلك , يقول تركته لحاله ولم أجادله لان قناعته هكذا, لكن هذه الحالة تكررت معه في عجمان في الامارات عندما استأجر تكسي سائقها باكستاني , وعرف جنسية الرجل, سأله , انت كذا أم كذا , يعني من أي طائفة , لا ريد ذكر الطوائف لأني لأؤمن بالفرعيات سوى اني مسلم , يقول قلت له مسلم , صاح به بصوت عالي , انت كذا أم كذا .
نظام سياسي
ويقول الحمد لله لا عرف للعراك قاموسا ولا أؤمن به , ويعرفني معاريفي من الزملاء والأصدقاء جميعا حفظهم الله والقول للزميل، وكان رده وهو في حالة زعل من صياح السائق الباكستاني , صنف لي النبي محمد (ص) والخلفاء الاربعة (رض ) , أيا منهم كان من الطائفة كذا وأيا كان من الطائفة الاخرى , يقول رأيت صاحبي أصابه الخجل وهو يقول بصوت , خافت مسلمين وهذا هو الدين الصحيح, نعم , هو فعلا الدين الصحيح مسلمين بلا تفرعات , ولكن هذه التفرعات التي لم تكن موجودة , أصبحت تستغل سياسيا في بعض الدول , ويتم استدراج الناس طائفيا للمشاركة في الانتخابات , وهي المشكلة الملازمة لنظام سياسي أقيم في دولة عربية بعد حصول تغيير في نظامها السياسي بفعل غزو مقيت امريكي بريطاني وبتعاون اوروبي .
وكان للقنوات الفضائية دور في تعرض مواطني هذه الدولة الى مثل هذه الاسئلة في مختلف بلدان العالم, وهذا يعد تحديا لكل المحاولات الرامية الى تعزيز الوعي المجتمعي طالما هناك امكانية للاستفادة من هذه الجزئية , فكيف السبيل الى الخلاص من هذه الظاهرة , يمكن الحد من ذلك من خلال اشاعة ثقافة استيعاب الاخر من خلال حملة وطنية تتبناها الحكومة على اساس هوية الوطن وليس الطائفة وتؤكد على الطوائف الدينية لاعتماد خطاب ديني يوحد, ودعمها بقانون يمنع الحديث بغير الهوية الوطنية ويفرض عقوبة السجن على من يمارس هذه الظاهرة, كما في احدى الدول العربية الخليجية والتركيز على الوحدة الوطنية على اساس هوية البلد.