في حضرة الحسين.. حيث تعاد صياغة الوعي
حيدر العطشان
ليس حضور عزاء الإمام الحسين عليه السلام مجرّد طقس ديني أو ممارسة شعائرية تُؤدى في موسم محدد، بل هو حالة وعي تتجدد، وموقف يُعاش بكل تفاصيله. وفي زمان تضيع فيه القيم وسط ضجيج الماديات والتيارات السريعة، يظل الحسين عليه السلام منارة تهدي القلوب والعقول، خاصة عند الشباب.
حين يحضر الشاب مجلس الحسين، فهو لا يُشارك في البكاء فقط، بل يُشارك في حمل قضية. يتعلّم أن للحق ثمنًا، وأن الوقوف بوجه الظلم ليس ترفًا بل مسؤولية. فالإمام الحسين خرج “لطلب الإصلاح”، ومن هنا يبدأ الوعي الحقيقي: حين يدرك الشاب أن الإصلاح يبدأ من الذات، من الموقف، من الصدق مع النفس ومع الآخرين.
مجالس العزاء تُعلّم الشاب الانضباط، الالتزام بالمواعيد، التعاون في خدمة الآخرين، وحب العمل التطوعي. فيها تتكسر الحواجز بين الناس، وتُذوّب الفوارق الاجتماعية، ويعلو صوت الإخاء والنية الطيبة.
كم من شاب غيّرت المجالس مسار حياته؟! كم من قلب عاد حيًا بين صفوف الذاكرين، وكم من فكر نضج وهو يستمع لقصة الطف ويفهمها بمعناها العميق لا الظاهري فقط؟
إن حضور عزاء الحسين هو مدرسة، وهوية، ومشروع وعي طويل المدى. ولعلّ أجمل ما في الأمر أن الحسين لا يدعو الشباب إلى حزنهم عليه فقط، بل إلى وعيٍ يصنع المستقبل.
□ محام