العراق في موقع الإنتظار

فاتح عبدالسلام

العراق منذ العام 2003 يسير على حسب ردود الأفعال المختلفة محليا وإقليميا ودوليا. وقد يكون أحيانا هو مصدر رد الفعل على احداث حوله. في جميع الأحوال لم يخضع البلد الى مراجعة وطنية شاملة بعيدا عن مهازل النعرات التي غذت سياسات ومواقف وشخصيات ظهرت في سياق العقدين الأخيرين. وبالرغم من الأفق ذي اللون القاتم الذي يلاحظه أي مراقب في سماء العراق، بعد ان وصلت الأوضاع بين إيران والولايات المتحدة الى ساعة المواجهة سلماً أو حرباً، اجد ان الفرصة نادرة وشحيحة لكن لم تفت نهائيا لقيام مراجعة جوهرية لوضع العراق وموقعه الذاتي والجواري والدولي، لكي يجري تعديل المسارات الخاطئة والمنحرفة والشاذة والمتردية باتجاه بوصلة وطنية واحدة.

كشفت الازمة الإيرانية الامريكية الاخيرة وما يتصل بها من مطالب تنسحب على العراق أيضا، عن واد مظلم كان البلد يسير فيه ولا يدري الى اين يتجه ولماذا.

لم تتبلور سياسات استراتيجية وطنية خالصة لها إمكانية حل المشكلات وتوحيد الصفوف والتصرف مع الثوابت الأساسية من منطلق المسؤولية الجماعية. تركوا الفساد يتوغل الى العظم، وصنفوا الفساد بحسب جهة التعامل والغاية والوسيلة، فكان هناك ثقافة خاصة شرعية للفساد من امثلتها بيع المناصب وتمويل الحقائب الوزارية للكتل السياسية التي تقف وراءها، وبعد ذلك نرى مسؤولين وزعامات في حديث موصول عن مكافحة الفساد في البرامج الانتخابية والظهور الإعلامي المستمر.

اذا وقعت الحرب بين الولايات المتحدة وايران، فسوف تتأثر أوضاع المنطقة كلها لكن بدرجات متفاوتة، ودول المنطقة لها إمكانات التكيف مع أحوال الطوارئ، ولا توجد حالة هلع الا عند النظر الى وضع العراق بعد وقوع الحرب الموعودة. لماذا بات مستقبل العراق رهن الاحداث الكبرى العاصفة حوله؟

أرى انّ الازمات المفاجئة أحياناً تفتح باب المراجعة والاستحقاقات الغائبة عن الذهن، بالرغم من انها استحقاقات وطنية من المفترض أن تكون حاضرة دوماً لأنها تقع في صلب العقيدة السياسية لأية جهة تتصدى لدور قيادة العراق.

متى يدرك السياسي العراقي ان خياره محلي داخلي وطني فقط، وان أي اجندة متصلة بالخارج في الأمور الأساسية الثابتة، تعني ان مركب البلد قد تجرفه التيارات والرياح في ليلة وضحاها.