الطرفان لا يقولان الحقيقة
فاتح عبدالسلام
الجدل يدور بسخونة وفي وتيرة متصاعدة حول مطلب المفاوضات المباشرة الذي تريده الولايات المتحدة من جهة، وما تفضله إيران في محادثات غير مباشرة عبر طرف ثالث هو سلطنة عمان في الاغلب من جهة أخرى.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث بلمحة عابرة عن جانب من فوائد المفاوضات المباشرة بقوله انها تختصر الوقت وتكون سبيلاً مباشراً ومتصلاً لمعرفة ماذا يريد كل طرف. والايرانيون يقولون انّ هذه المفاوضات لا يمكن ان تحصل تحت التهديدات الجارية، وان سوابق في التجارب الماضية تجعلهم لا يثقون بالعودة الى الجلوس المباشر مع الامريكان. ويبدو انّ الجانبين يتحججان بحجج غير دامغة في تبرير موقفيهما، وان المراقب ليعجب من أنّ مصير بلد كبير مثل ايران تقف امامه إشكالية هذه القضية الإجرائية في كون المفاوضات مباشرة أو عبر وسيط ، لأنّ في ذلك الجدل والتمترس وراء حجة غامضة تملصاً واضحاً من التركيز على جوهر موضوع المطالب التي سيجري بحثها في المفاوضات التي أرى انها لم تعد “مباشرة” او “غير مباشرة” بقدر ما أصبحت علنية يعرف بمحتواها العالم كله وسط مرمى التصريحات المتبادلة، قريباً من الحشود الامريكية البحرية والجوية والبرية التي تدفع بها الولايات المتحدة الى المنطقة، وهي ليست مخصصة لردع الحوثيين مطلقاً، وانّما هدفها أكبر بكثير، ولا حاجة للاجتهاد الكبير في ملاحظة ذلك.
قد تقود المحادثات غير المباشرة الى سلام، وقد تتسبب المفاوضات المباشرة في اندلاع حرب، وقد يكون كلا النوعين من التفاوض مسارا للمراوغة وكسب الوقت. لا تزال الذاكرة طرية إزاء تلك المحادثات المباشرة التي سبق حرب الخليج الثانية في العام 1991، حين التقى الوزيران الاسبقان لخارجية العراق طارق عزيز، والولايات المتحدة جيمس بيكر ، وانتهى اللقاء بزيادة وتيرة التهديد ثم وقوع تلك الحرب التي حطمت القدرات العراقية وقادت البلاد الى حصار قاتل اعقبها على نحو مستمر وصولا الى حرب مباشرة جديدة في العام 2003 وما جرت خلفها من كوارث لن يستطيع جيلان عراقيان تجاوزها في افضل الأحوال.