الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لا اصلاح إلا بعد تخريب

بواسطة azzaman

لا اصلاح إلا بعد تخريب

خليل ابراهيم العبيدي

 

أعلن المستشار الاقتصادي للسييد رئيس الوزراء بأن مصرف الرافدين في طريقه للاصلاح ، ولا حاجة لغرض العقوبات عليه ، وان الحديث عن العقوبات هو حديث غير منصف ، واستطرد قائلا أن القطاع المصرفي العراقي يشهد توترا جديدا على وقع الحديث عن امكانية فرض عقوبات اميريكية على مصرف الرافدين أكبر مصرف حكومي ، والتعقيب الموجه إلى السييد المستشار  (هو أن)  ، لا اصلاح يا سييدي إلا بعد تخريب ، اي ان مصرفنا العتيد منذ تأسيسه عام 1941 ، كان صالحا وقدوة للكثير من مصارف الشرق الأوسط ، سواءا اكان ذلك على مساىرة او ملاحقة المصرف لكل التطورات التي تلحق بالعمل المصرفي ، او مدى الالتزام بالمعايير المصرفية الدولية ، وكان مثلا لأعلى معايير الحفاظ على ودائع عملائه ، ولانه كان نافذة جمهورية العراق على عالم المال والتحويلات الخارجية ، وان ما اصابه من تخريب شأنه شأن بقية دوائر الدولة ، وان السبب كان من ورائه تحرش المحتل بنظامه وامانته وقدرته على الوفاء بالتزاماته المالية ، وان اول من خرق النظام المالي العراقي ، وتجاوز أصول الايداع والصرف الحكومي هو الحاكم المدني بول بريمر ، الذي خول المسؤول الاداري صلاحيات التجاوز على ما استقر عليه الأداء المالي الحكومي المعتمد منذ تأسيس الدولة عام 1921.

ان النظام المحاسبي الذي اتبعه المصرف منذ قيامه كان نظاما واقيا من كل انحراف ، وان التدقيق فيه نقيا وكان يدويا ، ولم يك في يد محاسبه ومدققه إلا آلة حاسبة بسيطة ، ولم يك لديه المؤشر الحالي ( السريع والدقيق) للايداعات او التحويلات او المصروفات ، او حتى الخروقات ، لقد كان عد النقود باليد ولم يك هناك إلا الأمانة في الاستلام ، والثقة في التسليم ، وقد كنت واحدا ممن تعامل مع المصرف في ايداع مبيعات واحدة من اكبر شركات القطاع التجاري العام ، فقد درجت (على سبيل المثال ) دون احتساب لاي مخاطر او اشكال على تسليم مبالغ الشركة يوميا ( ولمدة ستة أيام عمل في الأسبوع وليس خمسة ) إلى أمين صندوق المصرف ويقوم هو بالاستلام على وفق نظام الشدات الأصلية ويوقع على قسيمة الاستلام النقدي او قسيمة الاستلام بالشيكات ، وأتركه حرا في العد دون وجودي ، ولم يحصل لسنين اي اشكال لا من جانبي ، ولا من جانب أمين الصندوق ، وهذا ما كان يحصل في فروع المصرف كافة وفي عدد من المحافظات التي عملت فيها بداية حياتي الوظيفية الحكومية التي كانت حياة مهنية لا يعرف الموظف فيها مفهوم الفساد او التعدي على المال العام او القانون العام ، اردت بهذه المقدمة أن امهد الى أن طرفي العملية هما ممن يشعر بأنه ابن الدولة وانه موظف حكومي ، وهو الأولى أن يكون القدوة في الأمانة وحب العمل والوفاء للوظيفة والجهة التي يعمل لديها ، وكان الموظف فينا يشعر أن الدائرة ملك له ، وهذا ما تعلمناه على يد اساتذة المالية العامة والاقتصاد في كليات جامعة بغداد العتيدة . هذا وقد كان المصرف نافذة الحكومة للصرف لكل الأغراض الحكومية قبل إنشاء مصرف الرشيد ، او مصرف التجارة العراقي ، ولي تجربة مع الصرف الحكومي بمبلغ 6 دنانير من خلال مستشفى الرمد حيث تم تنظيم مذكرة اذن الصرف بالمبلغ ، وتم مراجعة دائرة الخزينة وكانت في القشلة انذاك ، حيث تم تحرير شيك بالمبلغ مسحوبا على مصرف الرافدين ، هكذا كان الصرف ، وهكذا كانت اوصوله ، وهكذا كان دور هذا المصرف العريق .

ان ما تعرض له مصرف الرافدين كان بسبب الاستخفاف بالضوابط والتعالي عليها من جهة والتلاعب بمقدراته وموجوداته من جهة أخرى ، وان اختيار اداراته لم تكن موفقا بالقياس إلى الادارات المهنية القديمة ، كما وان المصرف راح ضحية تحويل مقاصده من مقاصد مالية اقتصادية إلى مقاصد سياسية تعبوية ربما خدمات قدمت لاصحاب الارهاب في حالات كثيرة ووفرت له الأموال لإعادة غسلها بالدماء العراقية .

ان طبيعة اي مشروع تجارية اكانت ام صناعية ، مالية اكانت ام مصرفية لا تحتاج لعمليات الاصلاح إلا بعد أن تتعرض لعمليات التلاعب بضوابطه ، او تخريب لهيكله التنظيمي او الخروج عن ضوابط تعيين ملاكاته ، وهذا على ما يبدو ما اصاب مصرف الرافدين واخرجه عن سكته القديمة وسار  به نحو طريق يعد خارجا عما كل ما هو مألوف مصرفيا وماليا......

 


مشاهدات 152
الكاتب خليل ابراهيم العبيدي
أضيف 2025/03/23 - 3:17 PM
آخر تحديث 2025/03/26 - 8:38 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 291 الشهر 15602 الكلي 10576551
الوقت الآن
الأربعاء 2025/3/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير