خيار تجرّع السّم

فاتح عبدالسلام

تقلصت خطوط الرجعة والمناورة الى درجة كبيرة في التصعيد المندلع، حتى بات لا يمكن استبعاد المواجهة المباشرة بين الولايات المتحدة وايران بعد اندلاع معركة الحوثيين في اليمن، ويبدو انّ الحرب ثنائية هذه المرة، خارج أهداف إسرائيل التي كانت طوال سنوات تحرّض على شن ضربات على ايران من دون استجابة أمريكية، وتنخرط إسرائيل اليوم في تجدد الحرب على قطاع غزة كأولوية لا يمكن اغفالها.

لكن ما الذي يمكنه ان يمنع الحرب من الوقوع؟

الوساطات السرية، وهي في أضعف حالاتها، ولا توجد خيارات متاحة بيد أي وسيط في المنطقة ليلعب هذا الدور بين ايران وامريكا. غير ان قناة الوساطة لم تغلق نهائيا بعد.

ثانيا: تكرار اعلان تجرع السّم الذي سبق أن أعلنه مؤسس الجمهورية الإيرانية الراحل آية الله الخميني في الثامن من الشهر الثامن من العام 1988 حين قبل بقرار مجلس الأمن الدولي بعد ثماني سنوات من الحرب» المُقدسة» مع العراق.

وهذا الخيار لو فعلته ايران فيعني التخلي الكامل عن برامج الصواريخ البالستية التي لها ان تصل الى قلب اوربا ومناطق وجود القواعد وحاملات الطائرات الامريكية في البحار. كما يعني تفكيك البرنامج النووي، كما فعل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عندما فكّك بنفسه برنامجه النووي.

الخيارات الأخرى، مرتبطة بالجدل الدائر في عمق مؤسسة القرار الإيراني، مابين المصالح العليا المبررة بأي ثمن وبين الشعار العقائدي الذي يتنقل من ضفة إسرائيل الى ضفة أمريكا تبعا للنجاحات والاخفاقات في المفاوضات طوال السنوات السابقة.

غير ان الورقة الاقوى بيد ايران هي اليمن، اذ يسود الاعتقاد ان الحوثيين لن يخرجوا من اللعبة كما حدث في سوريا ولبنان والعراق. وفي النهاية تبدو القوة الإيرانية في اليمن اكثر ايلاما وتأثيرا للولايات المتحدة من الدخول في حرب بجنوب لبنان او قطاع غزة.

المعادلة في ساعة الانتصاف لتمر او الانتكاس لتغرق في مجهول مرعب، ولن يستقيم المنطق السياسي في ان تضع ايران ما تمثله من مركزية  قطبية إقليمية في مهب الريح، في حرب ليست حربها، كما لم تعد الحرب في لبنان وغزة وحتي سوريا حربها .

 خيار تجرع السم هو الوحيد ينقذ ايران والمنطقة من الغرق في الحرب والفوضى.