أين كانت الحكومات من إستثمار الغاز العراقي؟
سامي الزبيدي
منذ سنين طويلة والعراق يعتمد على استيراد الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز ولم تتخذ كل الحكومات المتعاقبة الإجراءات العملية لاستثمار الغاز العراقي سواء المصاحب لحقول النفط أو الموجود في مكامنه في العديد من الحقول كحقل عكاشات في الانبار وحقل المنصورية في ديالى وحقل نهران عمر في البصرة وغيرها في عملية مقصودة لكي يبقى العراق يستورد الغاز من إيران بمبالغ كبيرة جدا سنوياً لتعزيز اقتصادها الذي يتعرض لعقوبات أمريكية وغربية بسبب برنامجها النووي والتسليحي ودعمها لأذرعها المسلحة في فلسطين ولبنان والعرق واليمن , وزيادة في الاعتماد على الغاز الإيراني وبدلا من العمل على تطوير عملية استخلاص الغاز المصاحب العراقي وعملية استثمار حقولنا الغازية راحت حكومة المالكي توقع عقد لمد أنبوب لنقل الغاز الإيراني الى العراق بطول 300 كيلومتر بمليارات الدولارات هذا غير ثمن الغاز المستورد الذي يصل الى خمسة مليارات دولار سنويا وهذا المبلغ يعادل ميزانية الأردن ولبنان ولا ادري لماذا لم تصرف تلك الحكومة هذه المبالغ الكبيرة جداً لتطوير واستثمار الغاز العراقي الذي سيستفيد منه العراق سنين طويلة ويعزز اقتصاد البلد بدلاً من مد هذا الأنبوب وأنابيب أخرى لاستيراد الغاز الإيراني تحت شط العرب في البصرة إضافة الى مد عدد من الخطوط لنقل الكهرباء من إيران في البصرة وميسان وواسط وديالى مبالغها السنوية تكفي لبناء عدة محطات للكهرباء والمشكلة ان وزير النفط في حكومة المالكي حسين الشهرستاني استورد محطات كهرباء تعمل بالغاز وليس بمواد أخرى كاكاز والنفط الأسود والأبيض وهو يعلم ان العراق لا يمتلك كميات الغاز المطلوبة لتشغيل هذه المحطات في عملية تحايل الغاية منها استيراد الغاز من إيران وحينها قال المالكي في مقابلة (ان الشهرستاني لم يخبرني بأننا لا نملك الغاز لتشغيل المحطات !!!) .
بلدان اجنبية
أية مؤامرات وأية مصيبة يتعرض لها شعبنا وبلدنا على أيدي سياسيين لا يخدمون بلدهم ويخدمون البلدان الأجنبية وعلى حساب وطنهم وشعبهم , والسؤال المهم هنا لما كان العراق يحتاج الى الغاز لتشغيل محطات الكهرباء وما أكثرها التي تعمل بالغاز لماذا لم تبادر الحكومات المتعاقبة ومنذ 2005 والى الآن لاستشار الغاز العراقي المصاحب لحقول النفط وعبر جداول التراخيص التي عقدها الشهرستاني ومن جاء بعده مع الشركات الأجنبية النفطية التي فازت بالتراخيص وتركوا الغاز العراقي يحرق هباءاً ويسبب التلوث البيئي ولم يتم استثمار حقول العراق الغازية العديدة والعملاقة ولم يتم الاستفادة منها لتعزيز اقتصاد العراق الذي يمتلك احتياطي كبيرة من الغاز تجعله في المرتبة الرابعة عالميا في احتياطات الغاز ,ثماني سنوات هي فترة حكومتي المالكي الأولى والثانية ولم يتم استثمار الغاز العراقي خلالها وكان بالإمكان استثمار الغاز بما يغطي احتياج العرق ويصدر الفائض منه وخلال ثلاث سنوات من عمر حكومتي المالكي خصوصا وانه عرف ان العراق لا يملك الغاز لتشغيل محطات الكهرباء, ولم يستثمر الغاز أيضا في حكومات العبادي وعبد المهدي والكاظمي وبقي العراق يستورد الغازالايراني كل هذه السنين بمليارات الدولارات سنوياً , وخلال حكومة السوداني تم توقيع عقد جديد مع إيران لاستيراد ألعاز لمدة خمس سنوات وكان الأولى بالحكومة العمل على الإسراع في استثمار الغاز العراقي بدلاً من التأخير الذي لا موجب له وهناك شركات أجنبية تستطيع تامين الغاز الكافي لتشغيل المحطات الكهربائية في العراق خلال سنة ولا داعي لعقد جديد مع إيران طويل الأمد فكل الحكومات كانت تتعمد بقاء العراق يستورد الغاز من إيران تعزيزا لاقتصادها وعلى حساب الاقتصاد العراقي وكانت كل الحكومات تعتمد على تمديد أمريكا لإعفاء العراق من عملية استيراد الغاز الإيراني خلال العشرين سنة الماضية ولهذا لم تهتم تلك الحكومات بمسالة استثمار الغاز العراقي وبقيت تراوح في مشاريع غير جدية لم تستطع خلالها تأمين الغاز العراقي كل هذه السنين .
عقوبات اقتصادية
ومع مجيء الرئيس الأمريكي ترامب الذي شدد العقوبات الاقتصادية على إيران وألغى إعفاء العراق من شراء الغاز من إيران فاحدث هذا القرار إرباكاً كبيراً للعراق ولعمليات تشغيل محطات الكهرباء الغازية حيث يعتمد العراق على الغاز الإيراني بشكل كبير لتشغيل هذه المحطات وأصبح العراق اليوم في وضع صعب ومحرج مع قرب فصل الصيف ولم تحسب كل الحكومات لمثل هذا الأجراء الأمريكي وتستعد له من خلال الإسراع في عمليات استثمار وتامين الغاز العراقي بجدية وليست لديها أية معالجات فعالة تساهم في إنتاج الغاز العراقي لسد نقص الغاز الإيراني وما نسمعه عن استيراد الغاز من تركمانستان أو من السعودية وقطر هذه الأيام لتعويض الغاز الإيراني ليس حلاً سريعاً لان مثل هذا الأمر كان المفروض العمل به منذ سنين حيث عرضت السعودية وقطر تزويد العراق بالغاز بنصف سعر الغاز الإيراني لكن الفاسدين والعملاء من السياسيين رفضوا ذلك ليبقى العراق يستورد الغاز الإيراني وبمبالغ كبيرة جدا تعزيزاً لاقتصادها , ثم ان هذا الأمر الآن يحتاج الى عمل مضني وطويل فبالسبة للغاز العربي عبر الخليج يحتاج الى منصات لاستلام وتخزين الغاز في الفاو ومن ثم نقله الى محطات الكهرباء أما الغاز التركمانستاني فعملية نقله معقدة لأنه ينقل عبر خطوط نقل الغاز الإيرانية التي ستطول كثيرا وتتعرض لمشاكل فنية كما ان إيران ستحصل على فوائد مالية من مرور الغاز عبر أنابيبها وهذا ما ترفضه أمريكا وحكومة السوداني في ورطه حقيقة فليس لديها حلول سريع وفاعلة لتعويض الغاز الإيراني بعد ان ألغت أمريكا الاعفاءت الممنوحة للعراق من استيراد الغاز الإيراني وهذا الأمر كان من الفروض أن تحسب له الحكومات حسابات حقيقية وان تعمل على استثمار الغاز العراقي قبل سنوات عديدة مضت وبمشاريع جدية ومن قبل شركات رصينة حتى لا تقع في هذا المأزق الذي سيؤثر على العراق وشعبه كثيرا خصوصا وان الصيف اللاهب على الأبواب .