الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
خطية ومنها إلى الفوضى

بواسطة azzaman

كلام أبيض

خطية ومنها إلى الفوضى

جليل وادي

 

من الضروري عند التعامل مع الآخرين أن نضع أنفسنا في وضعياتهم، ذلك ان هذا التصرف يجعلنا نتفهم طبيعة أفكارهم ونفسر السلوك الذي قاموا به، والدوافع التي حملتهم عليه، ونطلق على هذه الحالة (تفهم مواقف الآخرين) او التقمص الوجداني اعلاميا، أي أن نتقمص الوضع الذي عليه الأفراد والجماعات، وفي ضوئه يجري التعامل معهم واتخاذ القرار والسلوك المناسبين، اذ كثيرا ما نصدر أحكاما جائرة بحقهم من دون تفهم وضعياتهم، وهذا ظلم لهم، ما يقود الى ردة فعل غير محسوبة والشعور بالانكسار او التذمر من الطرف المقابل على أقل تقدير.

لطيف جدا تعاطفنا مع الناس عندما نرى وضعياتهم بائسة، فمن شأنه الكشف عن انسانيتنا، ولكن يجب أن يكون التعاطف مبررا، وان لا تقتصر المنفعة على القلة بينما تتضرر الكثرة، فمصلحة المجتمع فوق أي اعتبار، فالأساس فيها تغليب مصلحة الجماعة، وهذا ما نصت عليه القوانين الوضعية والشرائع السماوية، فما بالك عندما يؤدي التعاطف مع القلة الى خراب البلاد، فبعض الحالات التي يعيشها الناس تستحق التعاطف، ولكن تعاطفنا يجب ان لا يُبقي وضعياتهم على حالها والتي بدورها تنعكس سلبا على البلاد.

أريد بكلامي هذا، الحديث عن تعاطف الحكومة مع بعض الظواهر السلبية السائدة، ففي اطار (الخطية) تسمح للأطفال والشباب بالارتزاق من العمل في سياقة التكتك، بمبرر اعالة عوائلهم، بخاصة وانهم يندرجون في خانة العاطلين، وهذا تعاطف محمود، لكن بلدا تجوب فيه هذه المركبات يسيء حضاريا اليها، فلا مثيل لهذه الظاهرة في العالم حتى في الدول الفقيرة ربما في الهند فقط، ليس من التحضر بمكان انتشار هذا المرض السرطاني في العاصمة، وتدمير الجمال المتبقي فيها، بينما نريدها حاضرة جميلة ومزدهرة نباهي بها الحواضر الأخرى، فهل عجزت الحكومة عن ايجاد حلول تتيح لهؤلاء الأفراد تأمين قوت عيالهم والعيش بكرامة، بتوفير فرص عمل، او التطبيق الجدي للقانون الذي يحدد مناطق عملهم بعيدا عن مراكز المدن وشوارعها العامة، او استبدال التكاتك بسيارات تقسط أسعارها عليهم، نعم يزيد ذلك من تضخم عدد السيارات، لكنه أفضل من تكتك يسرح ويمرح في ساحة التحرير. ونغض الطرف ايضا عن الذين تجاوزوا على أراضي الدولة وشيدوا عليها بيوتا، وأجبروا الحكومة على التعامل معها كأمر واقع، عشوائيات في قلب العاصمة والمحافظات، تحت مبرر (الخطية) لأنهم لا يملكون سقفا يستظلون به، وجميعهم من الفقراء الذين يتعذر عليهم الحصول على سكن لائق في بلد يعد الأغنى في العالم، نعم منهم من هو فقير حقا، لكن الكثيرين يملكون سكنا وفي مناطق مناسبة، والسؤال هل من الصعب على الدولة أن تتقصى بإجراءات دقيقة عمن يملكون ولا يملكون عبر دوائر الطابو، واعطاء المستحقين أرضا وقرضا او شقة سكنية بسعر مناسب وبالتقسيط ؟، ليس هذا فحسب، بل ومحاسبة المتجاوزين أشد الحساب، لكي لا يكون الفرهود فعلا طبيعيا في المستقبل.   

هل من الصعب تشييد أسواق نموذجية لبيع الخضروات واللحوم في المناطق المكتظة سكانيا وتأجيرها للبقالين، ومنع الذين يفترشون الأرصفة والشوارع لبيعها بطريقة تشمئز منها النفوس قبل أن تتضرر الصحة ؟، بعض الشوارع بضمنها شوارع عامة يتعطل فيها السير لكثرة المتبضعين من الأرصفة، انظروا الى الأمكنة قبل نشر البقالين بسطياتهم، لتروا كيف لم يكلفوا أنفسهم حتى على تنظيف مخلفاتهم.

خطية وعلى باب الله، ودعه يرتزق، هكذا يقول بعض رجال المرور، وهم يشاهدون بأعينهم وعلى بعد امتار كيف يقف سواق سيارات الأجرة في مناطق مُنع الوقوف فيها، كالتقاطعات والاستدارات وتحت المجسرات، ومنطقة باب المعظم وتقاطع القدس في محافظة ديالى نموذجا، هذا الذي أراه في الطريق الذي أسلكه، ومع هذه الظاهرة غير الحضارية لا يُحرك رجال المرور ساكنا الا اذا جاءهم مسؤول أعلى، حينها يفر السواق من المكان، ويعودون ثانية اليه بعد مغادرته، وبعضهم ينسقون مع رجل المرور المكلف بالمراقبة، لماذا لا يطبق رجال المرور القانون بصرامة لكي يعتاد السواق الفعل الصحيح، ومن باب الخطية ندخل الى الفوضى.

 

jwhj1963@yahoo.com


مشاهدات 73
الكاتب جليل وادي
أضيف 2025/03/08 - 12:03 PM
آخر تحديث 2025/03/10 - 5:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 241 الشهر 5008 الكلي 10465957
الوقت الآن
الإثنين 2025/3/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير