فم مفتوح .. فم مغلق
التصحر يغزو محافظات الوسط والجنوب
زيد الحلي
كلما سنحت لي فرصة السفر إلى محافظات الوسطى والجنوبية، تتسع رقعة الأسى في داخلي حين أشاهد مئات الكيلومترات من الأراضي الفارغة من الزراعة والسكن، حتى أصبح التصحر وصفًا دقيقًا لها، باستثناء بعض المطاعم الشعبية، ومحال جَزْر اللحوم، وأكشاك بيع القهوة والشاي المنتشرة على قارعة الطرق.
إن أرض العراق وحدة جغرافية واحدة، والاهتمام بها زراعيًا وإروائيًا مسؤولية الحكومة الاتحادية، وما مجالس المحافظات سوى حلقات مساعدة في هذا المجال. ولا يمكن إنهاء حالة التصحر التي نلمسها بين حدود المحافظات إلا من خلال الزراعة، والسعي إلى إدارتها بطرق حضارية.
إن إعادة استخدام الموارد الحضرية وتعزيز الزراعة في هذه الأراضي يحمل فوائد صحية واجتماعية واقتصادية لا تُعد ولا تُحصى، ومن شأنه تخفيف آثار تغير المناخ، وفقدان الطبيعة والتنوع البيولوجي، والتلوث والنفايات، وغير ذلك.
وإذا كنا نتوهم أن الأراضي الجرداء التي تربط بين المحافظات هي مساحات سلبية محسوبة على خريطة الوطن، فنحن واهمون؛ فهذه الأراضي، إذا ما تم استثمارها، ستصبح مناطق جذب للمستثمرين ومصدر إلهام سياحي، كونها تمثل نموذجًا مهمًا لأحد أنماط السياحة في عصرنا الحديث، حيث المناطق الجافة النقية التي لا تعرف التلوث.
ومعروف أن العراق يضم عدة محافظات ومئات الأقضية وآلاف النواحي، تفصل بينها أراضٍ بور غير مخدومة. وتُعتبر محافظة بغداد الأكثر ازدحامًا بالسكان، بينما تُعد محافظة المثنى الأقل ازدحامًا، أما محافظة الأنبار فهي الأكبر مساحةً، حيث تبلغ مساحتها 138,500 كلم²، فيما تُعد محافظة بغداد الأصغر مساحةً بمساحة تبلغ 4,555 كلم².
أمام هذه الجغرافية المتنوعة، تبرز بوضوح صورة اندثار بساتين النخيل، وغياب الحزام الأخضر، والجفاف الذي ضرب معظم المحافظات، مما جعل العراق مرتعًا للعواصف الترابية والتربة الصحراوية.
Z_alhilly@yahoo.com