الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أعرافنا المتخلفة في الزواج

بواسطة azzaman

أعرافنا المتخلفة في الزواج

ماهر نصرت

 

لقد احتار مجتمعنا في إيجاد طريقة حديثة لاعتمادها عند عملية زواج الشباب وتنفيذ مايُسمى بالرؤيا الشرعية التي تكون من حق الشاب والشابة في لقائهما لأول مرة وتبادل الحديث والأفكار بينهما من أجل اكتشاف ولو الجزء القليل من طبائع وخفايا الطرف الآخر.
بالمناسبة قبل أن أنسى أود أن أبين بان مصطلح ( الرؤيا الشرعية ) قد ظهر حديثاً في مجتمعنا ولم يكن متداولاً سابقاً وأن كان موجوداً ويُقصد به على أكثر الظن السماح بالتقاء الطرفان المقبلان على الزواج وتبادلهم الحديث والأفكار وما يحلوا لهم من أسئلة واستفسارات وليس من الضروري ان يكون اللقاء داخل بيت أهل المرأة لكي لاتكون الأجواء مقيدة للحريات ومحفوفة بالخوف من الأم او الأب او الأخ او العم وغيرهم من أولياء الأمور القساة الذين مازالوا أسرى للأعراف الاجتماعية القديمة وإنما يجوز أن يكون اللقاء خارج البيت تحت إشراف أحد من أهلها يسمح للطرفين بالحديث الحر ولا ضير في ذلك ، هذه هي الرؤيا الشرعية ولا يوجد غيرها .

أنا معكم في أن اللقاء لساعة أو ساعتين في متنزه عام او في مطعم لايكفي في طرح كل مافي النفس من أسئلة متراكمة ورغبة شديدة في اكتشاف مايحمله الآخر من أفكار وأهداف واستشعار نبض سلوك الآخر كما يفعل الرادار عند التقاط الموجات المرتدة فهما على أبواب ارتباط مصيري يستمر لسنوات طويلة وكلٌ منهم لديه الرغبة في معرفة الكثير عن طبائع زوج المستقبل أو زوجة المستقبل  .

المشكلة إن أعرافنا الاجتماعية لاتسمح بهذا اللقاء على أساس الحفاظ على سمعة المرأة وصون شرفها أمام الناس خوفاً من أن يراها المعارف وهي تلتقي مع غريب وسيؤثر هذا بشكلٍ سلبي على سمعتها وعفتها في المستقبل إذا لم تحصل قسمة للزواج من الذي التقت معه
لقد تطورت الحياة ورحلت تلك الأيام التي كان الزوج لايرى زوجته إلاّ في ليلة الدخلة وكم زوجة ظهرت لزوجها ( عوراء أو عرجاء أو خرساء أو تحمل عاهة ) وهو لايعلم بحالها الا عندما يراها في غرفة الدخلة ويرفع النقاب عن وجهها لأول مرة وينصطدم المسكين المغلوب على أمره ولايدري ما يفعل وسط هذا الحدث السيء ليس هذا فحسب بل من الممكن ان يشمئز الرجل من وجه زوجته عندما يراها لأول مرة في ليلة الدخلة وكذلك المرأة من الممكن أن لايروق لها وجه زوجها او شخصيته التي تراه لأول مرة هي الأخرى وهذا ظلم كبير يتحمل وزره الآباء الذين عملوا على تزويج بناتهم بهذه الطريقة المشينة ويحسبون انهم عملوا خيراً ، أليس هذا هو الأسلوب الذي كان متبع في زواج آبائنا وأجدادنا فلماذا نعيده اليوم على أولادنا على الرغم من تطور الحياة وتأثرنا بالحضارة الغربية التي استطاعت ان تغير الكثير من تقاليدنا وأعرافنا الاجتماعية  .

أن تمسكنا بهذه التقاليد البالية هو نوع من أنواع الظلم الاجتماعي .فأي تخلفٌ هذا الذي يجعلنا متمسكين بتقاليد ظالمة لاتصلح لوقتنا الحاضر ؟  فالظروف المتقلبة والتطور الاجتماعي الذي حصل لدى أفراد مجتمعاتنا التي مازال الكثير منهم يحمل طبائع البداوة والعصبية تحتم علينا ان نعيد النظر بعاداتنا القديمة وتصحيح أخطاء الماضي وإضافة أرقام جديدة إلى الكثير من معادلاتنا التي مازالت تنبض تحت ركام الزمن فقد باتت لاتتلائم مع التطور الذي غزى مجتمعاتنا وهي تعيش وسط عالم من الانفتاح الدولي كما ترون اليوم وتسمعون ، ويبدوا ان هذا التصحيح هو لمصلحة أجيالنا القادمة كما يراه علم الاجتماع الحديث فمن حق الشاب والشابة الذين يرغبون الارتباط ببعض ان يلتقوا لعدة مرات من أجل تبادل الحديث والأفكار ليفهم كلاً منهم الآخر تمهيدا للارتباط المصيري وهذا هو المتبع حالياً في اكثر دول العالم المتحضرة  ، فقد يرفض الكثير من أولياء الأمور الذين مازالوا يتمسكون بطبائع الماضي هذه الاجراءآت الحديثة ولا يعلمون انهم يعملون على نسف العوامل التي تساعد على نجاح الزواج التي يقرها العلم الحديث وسيأتي الزمن الذي يرضخ الجميع الى شروط الحضارة الجديدة بكل ما تحمل من غرائب وعجائب وان كانت قاسية فالتطور الحضاري امر لابد منه والذي يتمسك بتقاليد الماضي وخزعبلاته العتيقة كمن يمسك بيده الجمر الناري .. أن الحضارة الحديثة قادمة بحلوها ومرها شأتم أم أبيتم ايها الآباء المتعصبون ولا تستطيعون أن تقفوا على أبواب الحدود لتمنعوا هذا وتسمحوا لذاك بالدخول فتأخذ الجميع مع تيارها الجارف وسيهلك من يسبح عكس التيار ويغوص غارقاً مع أمواجها العاتية ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) .

 


مشاهدات 60
الكاتب ماهر نصرت
أضيف 2025/02/12 - 5:25 PM
آخر تحديث 2025/02/13 - 8:38 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 189 الشهر 6889 الكلي 10402260
الوقت الآن
الخميس 2025/2/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير