الانتقام ليس حلاً
سامي الزبيدي
بعد فرضت الإدارة السورية الجديدة سيطرتها على سوريا حدثت وللأسف عمليات قتل وانتقام منها سياسية خصوصا لعناصر من النظام السابق من رجال الأمن والمخابرات الذين مارسوا التعذيب ضد المعتقلين من المعارضة السورية أيام نظام الأسد بعد ان تم تحرير السجناء السياسيين والعثور على جثث لسجناء عليها آثار تعذيب وأخرى أسبابها طائفية , لقد تم قتل المئات ممن مارس التعذيب من عناصر امن النظام السابق بعد إلقاء القبض عليهم من قبل جماعات من المعارضة السورية انتقاماً منهم وبعضهم من هرب خارج سوريا ومنهم من اختفى في مكان يعتقد انه امن وهذا حال كل من ينتهك حقوق الإنسان للمعتقلين ويمارس عمليات التعذيب الوحشية للتنكيل بهم وإيذائهم أو للحصول على اعترافات بالقوة وتحت التعذيب الشديد لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها لغرض إعدامهم أو الحكم عليهم بالسجن سنين طويلة وفي هذا السياق فقد نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي العديد من عمليات التعذيب والقتل لأسباب طائفية ضد العلويين وفي السويداء والسيدة زينب واللاذقية وغيرها , فعلى الإدارة السورية الجديدة الحد من مثل هذه الأعمال لأنها تسيء لها ولثورتها ثم ان الانتقام والثارات ليست حلاً لأنها تزيد الأحقاد وتؤدي الى انتقام بالمقابل. ان مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 كأول وثيقة قانونية تحدد حقوق الإنسان الأساسية التي يجب حمايتها عالميا وقد أكد هذا الإعلان على ( ان لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه ولا يجوز استرقاق احد أو استعباده ويحضر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما ولا يجوز إخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو الحاطة بالكرامة ) ومع ان اغلب الدول قد صادقت على هذا الإعلان لكن الأنظمة الشمولية والدكتاتورية التي لا تؤمن بحقوق الآخرين خصوصا للمعارضين لسياساتها وأفعالها وطالما استخدمت التهديد والترهيب والاعتقال ضد معارضي سياستها وسمحت لقواتها الأمنية بممارسة التعذيب بأشكاله الوحشية الذي قد يصل حتى الموت ضد المعتقلين السياسيين لإسكاتهم وهذا ما حدث للمعتقلين السياسيين في سوريا في عهد نظام الأسد وبعد سقوط النظام حانت ساعة محاسبة كل من مارس التعذيب ضد السياسيين وغيرهم في السجون السورية لكن يجب ان تكون وفق القانون لكن عمليات الانتقام كانت حاضرة ومنهم من يبرر ما حدث ويحدث لعناصر أمن النظام السابق من عمليات تصفية وقتل واعتقال هو عقاب إنساني على جرائم التعذيب الوحشية التي مارسوها بحق المعتقلين وسيحاسبون الحساب الإلهي بعد موتهم وهذا غير صحيح ومخالف لمبادئ الإسلام الحنيف وللقانون , وعلى عناصر الأمن والمخابرات وغيرهم في أية دولة وخصوصا في دولنا العربية حيث تكثر الأنظمة الشمولية ان لايستقوون بسلطات النظام وبحكومات مجرمة وبالصلاحيات الممنوحة لهم ويمارسون التعذيب بحق المعتقلين والسجناء السياسيين وغيرهم لان هذه الأمور تولد العداوات والانتقام عندما تسنح الفرص ثم ان الأنظمة الشمولية والدكتاتورية الجائرة لا تدوم والتاريخ شاهد على ذلك حتى يحتمي بها عناصر الأمن وغيرهم الذين يمارسون التعذيب والقتل , فهل يأخذ العبرة المتجبرين والمتوحشين والقتلة من عناصر الأمن المدافعين عن الأنظمة المجرمة والأنظمة الفاشلة والفاسدة بما جرى ويجري لعناصر الأمن من نظام الأسد الذين مارسوا التعذيب ضد أبناء وطنهم وشعبهم ؟ وهل يعتبر بعض عناصر الأمن والاستخبارات وضباط الشرطة في مراكز الشرطة وأجهزة الأمن العراقية الذين يمارسون أبشع عمليات التعذيب بحق المواطنين العراقيين المعتقلين بتهم كيدية وغيرها ويجبرونهم التوقيع على إفادات بجرائم لم يرتكبوها تسببت في إعدام المئات من المعتقلين الأبرياء؟ وهل يأخذون العبرة مما حدث ويحدث لمن مارس التعذيب سواء في سوريا أو في العراق أو في غيرها وكيف تم الانتقام منهم بعد سقوط أنظمة حكم دولهم شر انتقام ؟ ان الانتقام يؤدي الانتقام لكنه ليس حلا فالحل هو محاسبة المسيء ومن يمارس التعذيب والتنكيل بالمعتقلين والسجناء وفق القانون فلا سلطة لأشخاص على آخرين لأنهم معارضين ولا على حزب على مواطنين ولا على سلطة وحتى حكومة إلا وفق القانون فهل يعتبر المجرمون؟ في نهج البلاغة يقول الإمام علي (ع) ما أكثر العبر وأقل الاعتبار .