الإغتيال الجماعي بشباط الفكر والأداة
فاضل ميراني
كثيرة هي الاحداث التي لا يشترط لتفحصها ان تحل ذكراها، و منها تفجيرا شباط 2004 في اربيل، اللذان استهدافا مقر حزبنا و الاتحاد الوطني الكوردستاني. تفجيران متواليان خلفا ضحايا قضوا و اخرين جرحى، الحدثان وقعا و لم يكتمل عام على زوال النظام السابق، ووقعا في بقعة هي الاكثر امنا و استقرار، اقصد كوردستان- العراق، وفي العاصمة اربيل، وفي مراسم استقبال حزبي اجتماعي خلال مناسبة العيد. فكر الاغتيال فكر قديم و ادواته متعددة وغايته تدور في مناط تحقيق الهدف بمباغتة، و قد سلكت كثير من السلطات و التنظيمات و كذلك الافراد درب الاغتيال، غير مبالية بالمانع الاخلاقي الذي يحول دون ولوج منطق العنف لا سيما اذا طالت الجريمة من لا علاقة لهم بالهدف المرصود، وهنا يكون اجتهاد تبرير القيام بالفعل جريمة مدانة، اذ ان اباحة التضحية بأخرين فردا او جماعة هي كسر لقيد شرعي و قانوني يصونان امان الانسان، بل ان تدريب عقل المنفذ على اقتراف الفعل هي جريمة تحريض و تدليس كبرى، واعني ان المنفذ للعملية قد خضع لفكرة اجتهاد تخالف النص، و الفكرة افضت لجريمة. بل ان مجرد وجود الاستعداد الفكري لخلق بيئة تبشير و استماع و تأثر و اتباع، قضية تتطلب مراجعة و اتخاذ اجراءات تجفيف و عَدْم لمحاولة استنساخ هذا المجال.
نص شرعي
الجريمة الاخرى هي جريمة تحريف لنص مبجل و ترقية رأي سياسي حركي ليحل محل النص الشرعي، ذلك ان الدين الحنيف و السنة النبوية المطهرة أجلُّ مكانا و ارفع معنى من اباحة الدم او الترويع لغايات دنيئة. ان الجهة التي تلطخت يداها و فكرها بتفجيري اربيل، جهة ادعت ولم يزل نسلها يدعي قيامه على اسس اسلامية، مهملة قوله تعالي: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما، وقول نبيه الاكرم: الايمان قيّدَ الفتك. ان سلوك درب الاغتيالات و كما اسلفت لم يقتصر على مدرسة عقيدة بذاتها و لا نظام بعينه، لكن الافراد و الجماعات و الانظمة التي تدعي ولادتها من رحم متصل بفكر السماء هي الادعى لفهم عدالة الخالق و حفظه و صونه حقوق خلقه بلا تعد ليس فقط على الانسان بل الطبيعة و مخلوقاتها. ان تشريح الفكر الراديكالي يظهر استعدادا عند صاحبه لتبرير افعال الاعتداء التي يقوم بها خالطا عن عمد او جهل بين المعتقد السليم و التصور العقيم، وقد سجل التاريخ سابقات و لاحقات لمثل ما حدث بأربيل من اعتداء ازهق ارواح و شوه اجساما و جرى تبني الفعل من جهة اشتركت بفعلها مع انظمة تدعي فصل الدين عن السياسة و اخرى ترى السياسة دينا و العكس، اشتركا في تكرار اغتيال كوكبة من شعبنا مثلما اغتالت الوفا منهم قبلا و توالي قتلهم بطرق مختلفة.
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني