سياسة حائك السجاد تبدأ بفن وتنتهي ببيع
سيف السعدي
الحديث عن ما تمتلكه إيران من معادلات بالمنطقة للتعامل مع المعطيات والعوامل الجيوسياسية بالمنطقة مثل معادلة “الصبر الاستراتيجي” او سياسة “حائك السجاد” وكلاهما يحتاج إلى وقت طويل من اجل رسم السياسات العامة ووضع اللمسات الخاصة بما يخدم مصالحها على صعيد امنها القومي، ولكن إذا ما تعرضت هذه المصالح للخطر فإنها تجيد اللعب ضمن سياسة “حافة الهاوية” الامر الذي يجعلها تبيع ان صح التعبير “السجاد” بعد صبر وعمل وفن متقن حتى وان كان سعر الشراء لا ينسجم مع متطلبات العمل من ادوات ومواد ولكن في سبيل ان احافظ كيان الدولة، وهنا تتعامل وتنظر إيران إلى ان هذا النهج والسلوك هو براغماتية عالية ضمن مبررات من ضمنها الامن القومي، وبرنامجها النووي، ومصالحها بالمنطقة، بينما الطرف الاخر ينظر لها على انها قمة الانتهازية، ومابين هذا وذاك إيران تبحث عن مصالها باستخدام الادوات التي تدخل ضمن سياسة “حائك السجاد».
المطلع على الدستور الإيراني بعد ثورة عام (1979) يجد ان هناك تأكيد على مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية للدول على سبيل المثال في الفصل العاشر من الدستور الإيراني المعنون بـ “السياسة الخارجية” في المادة الرابعة والخمسون بعد المائة (المادة 154) ما نصه “تعتبر جمهورية إيران الإسلامية سعادة الإنسان في المجتمع البشري كله قضية مقدسة لها، وتعتبر الاستقلال والحرية وإقامة حكومة الحق والعدل حقاً لجميع الناس في أرجاء العالم كافة، وعليه فإن جمهورية إيران الإسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم، وفي الوقت نفسه لا تتدخل في الشئون الداخلية للشعوب الأخرى”، وهذا المبدأ يعتبر مبدأً أصيلاً في السياسة الإيرانية وبنص دستورها، فعلى سبيل المثال جاء في الفصل الأول المعنون بـ “الأصول العامة” في المادة الثالثة (المادة 3) بأنه “من أجل الوصول إلى الأهداف المذكورة في المادة الثانية تلتزم حكومة جمهورية إيران الإسلامية بأن توظف جميع إمكانياتها لتحقيق ما يلي” ومن هذه الأهداف ما جاء في الفقرة ست عشرة ما نصه “ تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، والحماية الكاملة لمستضعفي العالم”، والمُشرع الإيراني صاغ مواد دستور عام (1979) على الاساس الذي يجعل من إيران داعماً رئيسيا للمستضعفين، وهنا إيران تعطي لنفسها الحق المشروع في تعريف من هو المستضعف ومن هو المستكبر مما يخول لها التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، مثل (العراق، اليمن، لبنان، سوريا، البحرين).
معهد ستيمسون الامريكي اشار إلى ان إيران دخلت عام 2025 بشبكة متضررة بدرجة كبيرة كانت مؤلفة من حلفاء دوليين وغير دوليين، وقد بنتها بصعوبة طوال نصف قرن، وهي ممتدة من لبنان إلى اليمن ومن غزة إلى
بالمحصلة إيران تبحث عن مصالحها عن طريقة سياسية “حائك السجاد” الذي يخضع للعرض والطلب من ثم بالنهاية البيع، والاهم من ذلك هل يتعظ من يعمل ضمن هذا المحور بان اللعبة سياسة مصالح وبعيدة كل البعد عن المبادئ سواء كانت دينية او اخلاقية او انسانية، وما حصل ويحصل بالمنطقة خير دليل، والعراق يجب ان ينتهج سياسة الدبلوماسية المنتجة، فضلاً عن الوقائية، وان تكون منطلقاته قائمة على اساس مصالح شعبه ولا ترتبط بمواقف دول اخرى، والدستور العراقي واضح بالمادة (8) التي نصت على “يرعى العراق مبدأ حسن الجوار، ويلتزم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقاته على اساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل، ويحترم التزاماته الدولية».