الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نخب أول

بواسطة azzaman

 

نخب أول

مجيد السامرائي

 

يطلع لي والشارع ممتليء بالسيارات ليلة الخميس على الجمعة حيث تكون ( الازمة ) على اشدها ومعناها الزحام بعربية فصيحة وهو يطاردني بوزنه البالغ  130 كيلوغراما مطروحا منها 40 كيلوغراما زنة الكيس المدجج بالجواريب والغيارات الداخلية ومايعلوها ( شباحيات ؛ جرابات ؛ كلسونات ): عندي طقم حراري نخب اول  ادفع بناقص ليرة ارضى انت زبون محترم!

 وعبثا احاول اقناعه ان عندي منه مايوازي حمل بعير واربع تريللات لست بخيلا أو (كحتوت ) كل زبائني من العراقيين كرماء معي لاتهمهم بقايا الدينار !

  عندي – حيث اقيم – فاترينة عطور يقول من اهداني اياها انها من ماركات دولية وانا دون انتبه اضع منها تحت الانف والابطين وعلى الخدين ؛ وارشها في الهواء بديلا عن معطر الجو . لكن شخصا طويلا يقف عند الاشارة الضوئية  يرش علي من قنان لاتنضب ويدعوني ان افاضل بينها مبخوخة في الهواء ثم يطرح سعرا مشفوعا بعبارة (من شان خاطرك بس ) لأنك جار وسمعت انك شخصية عامة  - من حارس العمارة .

 خذها بخمسين ثم لااكترث له ثم يستمر العد التنازلي  الى الخمسة  وربما قبل ان يطلع الفجر  يقول خذها براس مالها  من غير ربح .

ثم يقوم ليريني قامته المديدة ويسمعني بأداء مسرحي:

وجلست في ركن ركين ، تتسرحين،وتنقطين العطر من قارورة و تدمدمين،لحناً فرنسي الرنين،لحناً كأيامي حزين

فلا املك الا ان امد يدي الى حافظتي فانفحه بخمس ليرات وعليها اخرى دليل اعجاب بما تقدم لي من عرض باداء من المسرح الشعري.

 بعد انتصاف الليل والسماء تنذر بانزال  صوفها  المندوف ترحيبا بمقدم جنرال الثلج لفت نظري ذلك البائع صاحب  البلونات في الفصول الاربعة وهو يعرض بضاعته عند الاشارة الضوئية  .. قلت بصوت عال ليسمعني صاحبي – من يشتري بالونة في الجو الغامض ؟

 انزل احدهم زجاجة سيارة قليلا لتلتقط طفلة  اكبر البالونات حجما وكأنها تقول لي : جكر فيك ( على عنادك )!

انهم جزء من سينوغرافيا  الشارع وفضاؤه المفتوح يقول زميلي الذي يتعاطى المصطلحات مثل  حبات هرمون السعادة قبل الاكل ثلاث مرات(هم جزء من  البيئة المكانية للعرض المسرحى، من منصات، عناصر منظرية، إضاءة، موسيقى، مؤثرات خاصة).

 من العناصر المنظرية لابد ان يكون هناك رجل (غينيسي ) القامة يلبد في عطفة في شارع او مفتعل الاعاقة  يتربص بك مفتعلا الخرس او الصمم  مكملا تلك  السي ينوغرافيا التي  تحدثت عنها ( ارين غلاسر ورابرجمان ) في كتابها  ( العيش في الشوارع – انثرو بولوجيا التشرد ) يعد الرجل الوحيد الذي لاعلاقات اجتماعية له المثال الكلاسيكي للتشرد ؛ وهناك موقفان يتخذان حيال هذا الرجل ؛ فاما ان ينظر اليه بمقت ونفور لتعود الاخرين ان يعزو فقدانه الصلة  بالاقارب والاصدقاء والجيران الى فقدانه السيطرة على نفسه وعدم شعوره بالمسؤولية ؛ وانا ان  بوصفه الرحالة الرومانسي الكبير الذي قرر التخلي عن كل مايصله بالعالم المادي للجداول الزمنية والالتزامات المالية).

افضل من يؤدي هذه الادوار ربما اياد راضي  شاهدته اليوم في سلسلة كما مات وطن  يدفع عربة تسمى المبروكة يعتقد من يعتليها ويدفعه الــــى الامام بساق عرجاء ان الخير سوف يصيبه . هذه تسمى ( الفتشية ) فمن اعتقد بحجر نفعه  انـه اعتقاد خارج الزمن  بدائية العصر  تنتمي الى الماضي . فمايزال بيننا اناس يعيشون على الطبيعة.

 ليس هناك وجود لهذا الكائن الذي يتربص بي عند الاشارة الضوئية  سادفع النص للنشر وانزل !

 

 


مشاهدات 379
الكاتب مجيد السامرائي
أضيف 2023/11/21 - 4:24 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 4:10 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 367 الشهر 7935 الكلي 9370007
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير