الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ذلُ السؤال ومِنن الرجال

بواسطة azzaman

ذلُ السؤال ومِنن الرجال

حسين الصدر

 

1

لقد كرّم الله الانسان وحررهُ من القيود والاغلال ، ويكفيك أنْ تعلم أنّك اذا احتجتَ الى ماءٍ للوضوء وعزّ عليك العثور عليه وكان الماء عند مَنْ يمّن به عليك فاتركه وتيمم لئلا تجعل له مِنّةَ في عنقك

ان هذا المثال وحده يكفي لتوضيح الصورة

ومن هنا قيل :

لَنَقل الصخر مِنْ قُلل الجِبالِ

أحبُّ اليّ مِنْ مِنَنِ الرجال

2

نعم ان المؤمن عزيز ،

وعزته مستمدة من عزة الله ورسوله

قال تعالى :

( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )

 المنافقون / 8

ولا خير في الحياة ان كانت مصحوبة بالذل ،ومرحبا بالموت متى حقق بالعز .

وهيهات منا الذلة .

3

لكل فرد من أفراد المجتمع طبائعه وأطواره الخاصة به ،

وهنا تلوح لك الانسانية في أبهى صورها حين تجد مَنْ يُوافيك بمساعدته قبل أن تطلبها منه، وقد يُخفي اسمه عنك لئلا تشعر بشيء من الحرج .

وفي المقابل هناك مَنْ لا يعرف للخلق الكريم معنى ، ولا يملك الحس الانساني الذي يجعله متعاطفا مع أحاسيس اخوانه فتراه كالصخرة تكلسا وجموداً في مشاعره ومواقفه .

وأبرز الأمثلة على هذا النمط من الناس البخلاء

يقول احد الشعراء في وصف أحد البخلاء :

سيان كَسْرُ رغيفِهِ

او كَسْرُ عظمٍ مِنْ عِظامِهْ

انه يعتبر تقديم رغيف خبز واحد لمن جاءه بمثابةُ كسر عظامه، وهذا منتهى البعد عن معاني الانسانية وحقيقتها .

ويقول شاعر آخر في بخيل آخر

ولو يستطيع لَتِقْتيرِهِ

تنّفَسَ مِنْ منخرٍ واحدِ

الى هذا الحد وصل به الشح حتى مع نفسه ..!!

فمثل هذه النفس الشحيحة لا يرتجى منها الخير .

4

وهناك مَنْ لا يصل به الحال الى ما وصل اليه البخلاء ولكنه لا يُسعفُ حاجةَ أحدٍ الاّ وقد أثقل كاهله بالمَنّ، ويجعله يَئِنُ مِنْ وطأة هذا المَنّ

ويابى الاحرار ان يقبلوا بهذه المِنَنِ المرهقة .

5

ان النفوس الصافية تحب الخير، وتحبه للجميع ولا تتواني عن تقديمه للاخرين .

الم تسمع ما قاله الشاعر :

فلا نزلتْ عليّ ولا بأرضِي

سحائبُ ليس تنتظمُ البلادا

6

ويكفي أنْ نذّكر :

بان اهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة،

 وهذا يعني أنّ الانسان المؤمن الواعي هو أكثر الناس مبادرةً الى اصطناع المعروف والبر والاحسان، واغاثةً للهفان، واعانة المحتاجين، دون أنْ يقترن ذلك بشرط معين او ضريبة ثقيلة مُذلة .

7

ومن المؤلم للغاية ان العراق الجديد شهد بعض السلطويين الذين اختاروا المنّ على المواطنين بما ادّعوهُ مِنْ منجزات، في حين أنَّ المنجزات المزعومة ليست حقيقية ، وهم يستخدمون المال العام في تنفيذ المشاريع على فرض القيام بها فهم ليسوا متبرعين ولا متطوعين فما معنى المُنّ اذن ؟

8

كان الطاغية المقبور يسأل بعض من يريد الانتقام منهم :

ماذا كنت تملك قبل مجيئنا للحكم وماذا تملك الآن ؟

وهو بذلك يمن على الناس وكأنه هو الذي أوصل اليهم الأموال ..!!


مشاهدات 745
الكاتب حسين الصدر
أضيف 2023/10/14 - 10:58 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 7:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 332 الكلي 9362404
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير