الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي

بواسطة azzaman

هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي

علي السوداني

 

 

لم‭ ‬يكن‭ ‬متفقاً‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬الطويلة‭ ‬حتى‭ ‬ساعة‭ ‬شالت‭ ‬الناس‭ ‬تابوته‭ ‬الخفيف‭ ‬وزرعته‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬عربة‭ ‬قديمة‭ ‬يجرها‭ ‬حصان‭ ‬فوق‭ ‬ماء‭ ‬وطين‭ ‬صار‭ ‬لونه‭ ‬أسود‭ ‬بقوة‭ ‬التعتيق‭ ‬وتنبلة‭ ‬عمال‭ ‬النظافة‭ .‬

تجادلت‭ ‬الناس‭ ‬حوله‭ ‬وتقاذفت‭ ‬مجالس‭ ‬النخبة‭ ‬الصفوة‭ ‬والعامة‭ ‬والدهماء‭ ‬قصصه‭ ‬وأفعاله‭ ‬وأقواله‭ ‬وحرفه‭ ‬المهيب‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬بفعل‭ ‬مستل‭ ‬من‭ ‬بركة‭ ‬التقادم‭ ‬،‭ ‬اسطورة‭ ‬شعبية‭ ‬من‭ ‬طعم‭ ‬حلاوتها‭ ‬ودهشتها‭ ‬سحلها‭ ‬بعضهم‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬المقدس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬نقاش‭ .‬

قال‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬أنه‭ ‬شاهده‭ ‬غير‭ ‬مرة‭ ‬ومرة‭ ‬وهو‭ ‬يكلم‭ ‬الحيوان‭ ‬والشجر‭ ‬،‭ ‬فضج‭ ‬مجلس‭ ‬النخبة‭ ‬بالكلام‭ ‬الرافض‭ ‬وبالهمس‭ ‬المدفون‭ ‬وردوا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬مع‭ ‬الطير‭ ‬وما‭ ‬حوله‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬الدواب‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬كيف‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬للشجرة‭ ‬اغربي‭ ‬عن‭ ‬وجهي‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬أنا‭ ‬احبك‭ ‬فتجيبه‭ ‬بمثل‭ ‬ما‭ ‬أتاها‭ ‬به‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬صاحبة‭ ‬لسان‭ ‬وبيان‭ ‬مبين‭ ‬؟

ضحك‭ ‬القائل‭ ‬ضحكة‭ ‬مهذبة‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬مكتومة‭ ‬وزاد‭ ‬أنه‭ ‬رآه‭ ‬بظهر‭ ‬بستان‭ ‬نخل‭ ‬وهو‭ ‬يلعب‭ ‬بكرب‭ ‬النخيل‭ ‬ويلقنها‭ ‬بخير‭ ‬وجميل‭ ‬القصص‭ ‬حتى‭ ‬أثمرت‭ ‬العواقر‭ ‬وانحنت‭ ‬المثمرات‭ ‬الحوامل‭ ‬من‭ ‬ثقل‭ ‬التمر‭ ‬والرطب‭ ‬وعجيب‭ ‬الأنواع‭ ‬والأصناف‭ .‬

وقال‭ ‬مريدون‭ ‬وعاشقون‭ ‬ومتولهون‭ ‬ومنخطفون‭ ‬وشطاحون‭ ‬وناقلو‭ ‬وقائع‭ ‬ونقائع‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬الدرويش‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬ظل‭ ‬الهواء‭ ‬ويسمي‭ ‬طعم‭ ‬الماء‭ ‬ويمشي‭ ‬فوقه‭ ‬مشياً‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬حفر‭ ‬حفرة‭ ‬بشرق‭ ‬الأرض‭ ‬ودخلها‭ ‬فخرج‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬الواسعة‭ ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬وأغلقها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تصير‭ ‬فتنة‭ ‬وبدعة‭ .‬

ومن‭ ‬نفس‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬الشاسع‭ ‬حدثني‭ ‬جابر‭ ‬ابن‭ ‬خليفة‭ ‬ابن‭ ‬جابر‭ ‬الرابع‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أنوات‭ ‬البصرة‭ ‬العاليات‭ ‬قال‭ : ‬لقد‭ ‬شاهدته‭ ‬بمغربية‭ ‬صفراء‭ ‬وشلها‭ ‬مثل‭ ‬دم‭ ‬فائر‭ ‬أحمر‭ ‬،‭ ‬فقبلت‭ ‬يده‭ ‬وجهاً‭ ‬وقفا‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬بمستطاعي‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬جبينه‭ ‬المضيء‭ ‬،‭ ‬وكنت‭ ‬حينها‭ ‬على‭ ‬صحو‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ضغث‭ ‬حلم‭ ‬ورؤيا‭ ‬مبتورة‭ .‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬أخذ‭ ‬منهم‭ ‬الجدل‭ ‬والعناد‭ ‬القاسي‭ ‬مأخذاً‭ ‬يشبه‭ ‬عضة‭ ‬أسد‭ ‬جائع‭ ‬،‭ ‬كان‭ ‬عليهم‭ ‬مغادرة‭ ‬المضيف‭ ‬من‭ ‬بابه‭ ‬الخلفي‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬وجوههم‭ ‬ذلة‭ ‬وظهورهم‭ ‬مقوسة‭ ‬وخواطرهم‭ ‬مكسورة‭ ‬ويقينهم‭ ‬مكسور‭ ‬،‭ ‬وهناك‭ ‬ظهر‭ ‬لهم‭ ‬وجهه‭ ‬الشاسع‭ ‬المبجل‭ ‬فخروا‭ ‬عند‭ ‬قدميه‭ ‬ساجدين‭ ‬باكين‭ ‬داعين‭ .‬


مشاهدات 602
الكاتب علي السوداني
أضيف 2023/09/26 - 5:00 PM
آخر تحديث 2024/07/15 - 9:50 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 304 الشهر 7872 الكلي 9369944
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير