الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شكراً يا رئيس الوزراء ولكن

بواسطة azzaman

شكراً يا رئيس الوزراء ولكن

ليث الصندوق

 

بودي أن أقدم شكري وامتناني الكبيرين للسيد رئيس الوزراء ، ولكل رؤساء الوزراء الذين سبقوه لما خصصوه في موازناتهم من أموال باذخة على تأثيث غرف السادة الوزراء ووكلائهم ومدرائهم العامين ، وتأمين وسائل الراحة لهم بما يُخفف عنهم جهد العمل ، ويُريح الأعصاب والعضلات ، ويمنع عنهم التوتر والإرهاق ، ويُجنّبهم تمزيق ملابسهم ونتف شعورهم .

ولا شكّ أن كل هذا الكرم الباذخ على التأثيث لم يذهب هدراً ، فهؤلاء المسؤولون لم يبخلوا بدورهم على وزاراتهم وعلى مواطنيهم بإنجازاتهم الأسطورية التي تفوق قدرة دوائر الإحصاء على الرصد والتسجيل ، وهذا ما يشهده المواطن كل يوم من تطور في منظومات الكهرباء التي أوشكت أن تفوق قدرة الطاقة الشمسية على الإضاءة ، وكذلك ما نشهده من تطور في الخدمات الصحية حتى صار عدد الأسِرّة في المستشفيات ضعف عدد السكان ، وصار المواطن الذي يغادربعد تعافيهالمستشفى يأخذ معه سريره إلى بيته . أما التطور في خدمات التنظيف ، فقد صرنا نخشى أن يدفع رؤساء دول أوربا واليابان وكندا وأمريكا أن يتنازلوا عن مناصبهم ويطالبوا بالهجرة إلى مدننا السعيدة ، وكذلك هو حال التطور في إنجاز مشاريع البنى التحتية والإعمار ومحاربة الفساد والدفاع عن حقوق الإنسان والأمن ومحاربة الفقر وتأمين السكن اللائق لكل مواطن حتى صار المواليد الجدد يخرجون من أرحام أمهاتهم وفي يد كل واحد منهم مفتاح البيت الذي ستُملّكه الحكومة له .

إنها النِعم التي يحسدنا عليها سكّان الكواكب والمجرّات البعيدة ، والفضل فيها للغرف المؤثثة والكراسي المريحة . ولكن يا رئيس الوزراء أليس من حق المواطن الذي ينعُم بكل تلك النِعم أن يتعرّف عن قرب على المسؤولين الذين وفّروها له ، بدل أن يظنّ أنها هبات إلهيّة يقوم عليها ملائكة مسخّرون لخدمته ؟ أليس من حق المواطن الذي ينعم بنعمة التعذيب في طوابير الإنتظار في دوائر الدولة جميعها دون استثناء متلقياً صفعات البيروقراطية التقليدية وإجراءاتها المهلكة أن يرى ويشكر المسؤول ، ويتوسله أن يمدّ في طول طوابيره ويُثقل عليه المزيد من صفعات البيروقراطية ومن إجراءاتها ؟ ثمّ أليس من من حق المواطن الذي يُجبر لدفع الرشوة خضوعاً لابتزاز موظف حكومي ، أن يرى المسؤل الأعلى ليشكره على تأمين من يُنظف له جيوبه ويُفرغها مما فيها من مبالغ قابلة للتعفّن والتلف .

والخلاصة يا رئيس الوزراء ، ألم يحن الوقت ليترك المسؤول الأعلى كرسيه المريح ليعيش مع مواطنيه ، ويحلّ مشاكلهم عن قرب ممارساً المسؤولية من موقع أدنى ، مع رجائي أن لا يُساء الظن بهذه المناشدة فيُظنّ أنها لصالح المواطن ، بينما هي لصالح المسؤول ، فالإدمان على ملازمة الكرسي المريح قد يُصيب بالبلادة التي سبق أن شُخّصت أعراضها على الكثير من المسؤولين .

{ كاتب وشاعر

 


مشاهدات 831
الكاتب ليث الصندوق
أضيف 2023/08/12 - 12:09 AM
آخر تحديث 2024/07/15 - 6:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 7900 الكلي 9369972
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير