الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حراثة‭ ‬في‭ ‬شريط‭ ‬عتيق

بواسطة azzaman

حراثة‭ ‬في‭ ‬شريط‭ ‬عتيق

علي السوداني

 

كان‭ ‬من‭ ‬الشرائط‭ ‬السينمائية‭ ‬التي‭ ‬إن‭ ‬شاهدتها‭ ‬عشر‭ ‬مرات‭ ‬،‭ ‬ستسعد‭ ‬وتندهش‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنك‭ ‬رأيته‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ . ‬اسم‭ ‬فلم‭ ‬السهرة‭ ‬هو‭ ” ‬ألسا‭ ‬وفريد‭ ” ‬وفريد‭ ‬هنا‭ ‬افرنجية‭ ‬ولا‭ ‬تنطق‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬فريد‭ ‬الأطرش‭ . ‬لم‭ ‬أعرف‭ ‬اسم‭ ‬البطل‭ ‬على‭ ‬شهرته‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬بمقدوري‭ ‬القول‭ ‬أنه‭ ‬رجل‭ ‬ثمانيني‭ ‬يشبه‭ ‬صاحبي‭ ‬نهاد‭ ‬كامل‭ ‬محمود‭ ‬مع‭ ‬تحوير‭ ‬قليل‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الأمامي‭ ‬من‭ ‬الأسنان‭ ‬غير‭ ‬اللبنية‭ .‬

لقد‭ ‬كرهته‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬وقد‭ ‬ذكّرني‭ ‬ببعض‭ ‬الكائنات‭ ‬الآدمية‭ ‬التي‭ ‬قرأت‭ ‬سيرها‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬الحارس‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬الشوفان‭ ‬لسالنجر‭ ‬وأختها‭ ‬رواية‭ ‬شيطان‭ ‬في‭ ‬الجنة‭ ‬لهنري‭ ‬ميلر‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬عليَّ‭ ‬أن‭ ‬أعترف‭ ‬الآن‭ ‬بأنني‭ ‬أحببته‭ ‬في‭ ‬الثلاثين‭ ‬دقيقة‭ ‬المتأخرة‭ ‬من‭ ‬الفلم‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قام‭ ‬باعمال‭ ‬جميلة‭ ‬نظفت‭ ‬بقايا‭ ‬حقدي‭ ‬الابتدائي‭ ‬عليه‭ .‬

أما‭ ‬جارته‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ترقص‭ ‬على‭ ‬منتصف‭ ‬السبعين‭ ‬فكانت‭ ‬رائعة‭ ‬ومدهشة‭ ‬ولن‭ ‬تمنحك‭ ‬مثقال‭ ‬فرصة‭ ‬كي‭ ‬تنفر‭ ‬منها‭ . ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انها‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬السينمائية‭ ‬المشهورة‭ ‬كما‭ ‬أظن‭ ‬،‭ ‬لكنني‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬بطلها‭ ‬لم‭ ‬أعرف‭ ‬اسمها‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬بنهاية‭ ‬الشريط‭ ‬ولم‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬قراءته‭ ‬بسبب‭ ‬انشغالي‭ ‬الكبير‭ ‬بطرد‭ ‬تلك‭ ‬البقّة‭ ‬الوغدة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تطنطن‭ ‬حول‭ ‬صيوان‭ ‬أذني‭ ‬الكبير‭ ‬هي‭ ‬تشبه‭ ‬كثيراً‭ ‬آمال‭ ‬الزهاوي‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تكتب‭ ‬الشعر‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬اختصاصها‭ ‬المبدع‭ ‬هو‭ ‬تأليف‭ ‬الأكاذيب‭ ‬اللذيذة‭ ‬التي‭ ‬تجعلك‭ ‬تفتي‭ ‬بذهابها‭ ‬الى‭ ‬الجنة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ذرة‭ ‬شعور‭ ‬بذنب‭ .‬

ظل‭ ‬الفلم‭ ‬حيوياً‭ ‬منعشاً‭ ‬منتشياً‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬كؤوس‭ ‬النبيذ‭ ‬الأحمر‭ ‬،‭ ‬وبالموسيقى‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تهب‭ ‬من‭ ‬غيتار‭ ‬البطل‭ ‬البائد‭ .‬

فوق‭ ‬الشاشة‭ ‬كائنات‭ ‬اخرى‭ ‬بدت‭ ‬ثانوية‭ ‬وهامشية‭ ‬بقياس‭ ‬الشيطانين‭ ‬المدهشين‭ ‬،‭ ‬ومنهم‭ ‬ابنة‭ ‬فريد‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬لماذا‭ ‬أعادتني‭ ‬بقوة‭ ‬الى‭ ‬لمحات‭ ‬ومناظر‭ ‬مشوشة‭ ‬بمكتبة‭ ‬مكنزي‭ ‬المزروعة‭ ‬بخاصرة‭ ‬شارع‭ ‬الرشيد‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬مبعدة‭ ‬ضحكة‭ ‬جماعية‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬شارع‭ ‬النهر‭ .‬

لأليسا‭ ‬الطيبة‭ ‬ابنان‭ ‬أحببتُ‭ ‬الكبير‭ ‬وكرهت‭ ‬الصغير‭ ‬وظلت‭ ‬مشاعري‭ ‬هذه‭ ‬قائمة‭ ‬حتى‭ ‬لفظ‭ ‬الفلم‭ ‬لقطته‭ ‬الأخيرة‭ . ‬كان‭ ‬منظر‭ ‬الإبن‭ ‬الثلاثيني‭ ‬يوحي‭ ‬بوغدٍ‭ ‬يغسل‭ ‬جواريبه‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬ستة‭ ‬شهور‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬نفوري‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬وجهه‭ ‬الباهت‭ .‬

الحق‭ ‬هو‭ ‬أنَّ‭ ‬التفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬ومملة‭ ‬أحياناً‭ ‬،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬مزاج‭ ‬وصبر‭ ‬قليل‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬سأترككم‭ ‬مع‭ ‬مشاهدة‭ ‬ممتعة‭ ‬لما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬الطويل‭ ‬مثل‭ ‬بلاد‭ ‬مؤجلة‭ .‬


مشاهدات 725
أضيف 2023/04/18 - 2:30 PM
آخر تحديث 2024/07/18 - 10:32 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 7900 الكلي 9369972
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير