مصير قانون المساءلة في ظل حل الهيئة
عبد الخالق الشاهر
أيام زمان كنا عندما نريد التأكد من حالة قوية وموثوقة نقول بالعامية (طابو) اي ان الأمر كأنه مسجل بالتسجيل العقاري ، اما اليوم فلم يعد (للطابو) تلك القوة والثبات ، والدليل ان الماجدة العراقية النائبة (التميمي) قالت يوما ان هناك (160) الف عقار ملك للدولة تم تحويل ملكيتها تزويرا – ان لم تخني الذاكرة – وأنا سبق ان نشرت على صفحات الزمان الغراء ارقام ثلاثة قطع اراضي زورت ملكيتها وبني عليها دور في الشماعية ، ولم يهتم احد
هذا عن (الطابو) .. اما القوانين وخصوصا قانون المساءلة فبقى محافظا على قدسيته لدى الدولة والدولة العميقة ، والدليل اني اقمت 23)) دعوى في محاكم القضاء الاداري ، على قرار معيب عيبا جسيما كما يسميه الفقهاء وهو كتاب صدر عن السيد رئيس المساءلة السابق ، ولم اوفق في ربح الدعوى ، وطعنت بالموضوع لدى المحكمة الاتحادية العليا ، مشيرا لهم ان قرار مجلس شورى الدولة عام 2007 الملزم نص على ((يستحق اعضاء الشعب فأعلى الراتب التقاعدي )) وفشلت ايضا .. حاولت جاهدا ان يتدخل السيد رئيس مجلس النواب ويوجه استفسار الى مجلس الدولة وفشلت ، وتطوع البعض للطلب منه وفشلوا مثلي ... المهم ان هناك المادة (6- اولا) من قانون المساءلة تقول (انهاء خدمات اعضاء الشعب واحالتهم الى التقاعد ) حاولت وحاولت ان يضاف لها كلمة واحدة هي (فأعلى) وفشلت ،ولا حاجة للحديث عن عدم دستورية القانون وابعاده اللاإنسانية ، واعداد الارامل الجائعات والايتام المشردين ، وحقوق الانسان والحيوان ولم ينفع الأمر في شيء .
طيب .. بالأمس تحدثنا عن برنامج حكومي واتفاق بين الكتل على حل هيأة المساءلة وطبعا لم تتم الاشارة الى تعديل قانونها ام الغائه ، وسأوضح هنا ماذا ينبغي بل يجب ان يحصل لكي يتم تنفيذ البرنامج الحكومي في ظل وجود القانون المذكور .
1- يتطلب الامر اولا مراجعة المادة الدستورية (135) والتي ينبغي التعامل معها كالآتي
اولا. يقوم مجلس الوزراء الموقر بأعداد مشروع حل الهيئة ويرفعه الى مجلس النواب الموقر او يطرح من احدى الكتل ويجري التصويت عليه بالأغلبية المطلقة
ثانيا. يتم التصويت على حذف كافة بنود المادة اعلاه الستة من الدستور استنادا الى البند ثانيا ، ويشمل ذلك حل اللجنة النيابية للمساءلة والعدالة
2- ان محاولة تعديل قانون المساءلة والعدالة لن تكن الا ترقيعيه ، بسبب ان القانون كله منصب على تشكيل الهيئة ،وهيكليتها ، ومهامها ، والقانون اصلا اسمه قانون الهيئة الوطنية...)
عقلية معارضة
3- لا يوجد دستور او قانون لا يتطور اولا يعدل او لا يعلق ، خصوصا اذا كان ذلك القانون سنته كما يقول أ. د نديم الجابري حكومة بعقلية معارضة ضد معارضة بعقلية حكومة يوم كانت فوبيا البعث قائمة ، فتصور البعض ان تجويع عناصر التهديد مع اطفالهم وأراملهم قد يخفف من هذا التهديد .. الحل هو ان يجتمع مجلس الوزراء الموقر ويدرس المادة (7) من الدستور بعقل مفتوح ليجد حتما انها تعلقت ليس بالبعث فقط بل (( يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير ...)) ويعمل المجلس الموقر على تحديد دقيق لمفهوم الحظر ، والعنصرية ، والارهاب ، والتكفير، ولا اريد ان اقول (لماذا) كوني رجل قانون .
الاهم من كل ذلك هو ان المبدأ القانوني ( الخاص يقيد العام ) ينطبق على البعث المحظور ((... وخصوصا حزب البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت اي مسمى كان ، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق ، وينظم ذلك بقانون )) ولا شك ان كلمة (ذلك) تعني كل من ورد في المادة اعلاه، ما معنى الحظر ؟؟ وهل ان قانون الحظر الذي وصلت فيه العقوبات الى الاعدام لا يكفي ؟؟ وهل ان في مصطلح (الحظر) قطع ارزاق أيتام وأرامل ، كما حصل في قانون المساءلة ؟؟ وهل ان في الحظر ما يسمح بالتعدي الفاضح على الدستور العراقي ، من خلال الاستخفاف بمواد اساسية منه وسن قانون حجز ومصادرة الاموال لنفس الارامل والأيتام الذين قطعت ارزاقهم ؟؟ بربكم وبكل المباديء التي يؤمن بها انسان .. أهذا يسمى حظر؟؟ كلا وألف كلا .
قانون الحظر
المنطق الشرعي والانساني والقانوني يقول ان قانون الحظر هو الوحيد الذي يكتسب غطاء دستوري ليس لأنه ينسجم مع روح الدستور وبابيه الاول والثاني ، ولكن بموجب (الخاص يقيد العام ) كما اسلفت .
كوني رجل قانون وسلكت هذا الدرب رغم قلة سالكيه اقول نيابة عن الكثيرين ان الحظر لا يشكل معضلة كبيرة للمحظورين بقدر ما يشكله حرمان اطفالهم من الرضاعة بتشديد الراء ، وبناتهم من (صدرية ) المدرسة ، وغير ذلك الكثير ، ويمكنني القول ان حتى الدرجات الخاصة تبتئس عندما يتأخر الراتب اياما ، فكيف بمن لا ينتظر راتبا منذ عقدين من الزمن رغم انه يعرف ان هذا التجويع جريمة ضد الانسانية ، وغير دستوري ، ومرفوض قطعا في النظام القانوني العراقي الذي استقر على حقيقة تقول ان راتب العائلة والخلف خط احمر شديد الاحمرار ، ويعلم ان معاشه التقاعدي مصدره توقيفات تقاعدية وضعها امانة لدى الدولة ، وخانت الدولة امانتها .. تلك الدولة التي قالت فيها كل قوانين التقاعد الملغاة والنافذة انه اذا حكم على موظف بالإعدام فأن حقوقه التقاعدية تؤول الى خلفه.
ولا مجال في الحديث عن انه رغم عدم دستورية القانونين المذكورين فأن الجهات التنفيذية والقضائية تعسفت كثيرا في التنفيذ ، وقد يتح المجال للحديث عن ذلك في مقال لاحق . وأنصح كل من لديه امراض مزمنة ان لا يطلع عليه ان نشر .
اخيرا اقول رأيي القانوني ، ان قانون المساءلة كان لقيطا منذ ولادته كونه لم يكن له اب لأن الدستور لم يعترف بولادته ، وقد آن الأوان لرحيله ، وهذا ما لا اتمكن من قوله على قانون الحظر لأن الدستور يتبناه .