معادلة الصراع بين التنمية والتخلف
فارس البياتي
طالما نتحدث عن المشاكل الاقتصادية والتنمية كان لا بد ان نمر عبر موضوع التخلف وفي حالة مرتبطة بهذه المحاور حتى نتفهم موقفنا وأين نحن من العالم فعلينا الأخذ بمعادلة الصراع بين التنمية والتخلف فهما يتصارعان لإيجاد أسباب وجودهما، وسوف أبين بإيجاز بعض المعايير والمؤشرات والمعادلات التي تبين طرفي المعادلة بإتجاهين التنمية والتخلف، أما الإتجاه الأول: التنمية الاقتصادية والتساؤل ماذا نريد من هذا الإتجاه؟ بالتأكيد أن التنمية تعني توفير فرص العمل، اشباع الحاجات المادية وغير المادية للمجتمع، تحسين المستوى الصحي والتعليمي والثقافي، تحقيق الامن القومي، تحسين ميزان المدفوعات، تقليل الفوارق الاجتماعية بين طبقات المجتمع، المحافظة على بيئة انقى، مساواة وحرية شخصية، الإستدامة لو نتفحص محاور هذا الإتجاه لوجدنا أن الإنسان هو المحور وهو الوسيلة والغاية.//وبدون هذا المحور أو إهماله أو الإنتقاص منه لا يمكن ان تبنى اي مرحلة من مراحل التنمية. وأما الإتجاه الثاني التخلف: لا أريد الخوض في التعريفات العلمية لأنها تأخذ وقت ويمكن الرجوع لإي مصدر للتعرف ولكني سأذكر بعض ملامح التخلف، فالتخلف يعني الفشل في الاستفادة الكاملة من الإنتاج نظرا لتخلف المعرفة الفنية والفشل الناجم عن مقاومة المؤسسات الاجتماعية.يعني ايضا الفشل في أداء الاقتصاد وانخفاض مستوى الدخل القومي بالمقارنة بالدول المتقدمة،وقد يعني التخلف (الفقر الاقتصادي) أي بمعنى الفشل في تحقيق الرفاه الاقتصادي لمعظم سكان الدولة، وأبين أهم خصائص الدولة المتخلفة، فهناك الخصائص الاجتماعية والخصائص السياسية والخصائص الإدارية والخصائص الاقتصادية، وما يهمنا هذه المقالة الموجزة هي الخصائص الاقتصادية وهي غياب الفكر الاقتصادي/ ضعف الإنتاج الصناعي /الإعتماد على الأحادية كمصدر للدخل القومي المديونية وقلة المدخرات والتفاوت في توزيع الدخل والبطالة وضعف الإنتاج الزراعي وبالتالي انخفاض متوسط الدخل الى آخره، أما في موضوع الخصائص الإدارية هناك فقرة تحتاج الى مقالة متخصصة وهي الفساد وأعتقد بإيجاز جدا دقيق ان سبب زيادة هذا الفساد بسبب المعالجات غير العلمية المحكومة( بنظرية السبب والنتيجة) او (العلة والمعلول) ...ولا اريد أن ادخل بهذا الموضوع لكني كتبت في هذا واصدرت عنه كتبا كان آخره (الدولة البيضاء) سيأتي لاحقا مقالات عن هذه المواضيع ربما تأخذ مجالها لدى المختصين.
شروط التنمية
دعوني ابين وجهة نظري في السطور الأخيرة المسموح بها في هذا المقال، وهو رؤيتي فيما يخص هذا الصراع بين التنمية والتخلف وما تتطلبه شروط التنمية وبشكل واقعي وعلمي كما تقول النظرية التجذيرية، وهو ما نتذكره جميعا خلال العقود الماضية اربعين أو خمسن سنة ماضية أو اقل من ذلك وصولا الى هذا الزمن نزلت الى الساحة العربية مشاكل كثيرة سياسية واقتصادية شلت أو حجمت قدرات (العقل والفكر العربي) وللعراق من هذا حصته كباقي البلدان، ونقلت الفكر العربي من (مما يجب ان يكون الى ما هو كائن)..ولا نستثني من ذلك أحدا فالعالم أصبح مقسم الى توزيعات نوعية جديدة سواء علمنا ام جهلنا...ليس مجال ذكرها ألآن، ولو نتفحص التفكير خاصة عند قطاع الشباب والمختصين والمحللين والإعلام، تراهم منشغلين بإتجاه ديناميكية (التبرير) لأي موقف والتحليل له، وهذا ساعد في وجود أسباب الفشل التنموي بكل النشاطات...نعم هناك مفكرين يتكلمون لكن الفكر أصبح مستحوذ عليه في مناقشات الإختلافات بكل أنواعها، بل أصبحت هناك ثقافة تسمى (ثقافة الإختلافات) ومنها انبثقت ثقافات فرعية أخرى (كثقافة الإتهامات) و(ثقافة النقابية) وغيرها. فالموضوع برأيي يجب أن يبدأ بالإعتراف أن لدينا فشل في إسلوب التفكير وفرصهِ وتوجهاتهِ قبل ان نفتح ملف الفشل الاقتصادي، والمشاكل الاقتصادية وليس عيبا أو نقصا إذا اعترفنا بذلك بل ان اعترافنا بالمشكلة هو جزء من تشخيص الحالة وصولا للحل.. وعلى ذات السياق مما يجب التذكير عنه، أنه لابد من الإقرار أن مفهوم الدولة المنظمة ظهر في العراق ما بين الرافدين قبل خمسة آلاف سنة تقريبا، وماذا يعني لنا هذا؟ أقول أن هذا يكفي لأن يكون حافزا لأعادة بناء دولة عصرية تواكب كل التطورات الحديثة بجذور تأريخية، وهذا نادرا ً أن يحدث بكثير من دول العالم المتقدم.ولنا إستكمال للموضوع في مقالة قادمة إن شاء الله.
{ بروفيسور دكتور- الأمين العام للرالطة الدولية للباحث العلمي