وتر النار يترجم محنة الموصل كلها
الموصل - عبدالجبار الجبوري
ضيفت قاعة المكتبة العامة بالموصل ،الفلم العراقي (وتر النار)سيناريو القاص والروائي بيات مرعي، وإخراج حسان گلاوي، وبطولة الممثل محمد العمر، والممثلة غصون العمري، يحكي الفلم قصة مأساة نينوى، وبطش ووحشية تنظيم إرهابي سقى أهل نينوى مرّ العذاب، قتل ابناءها، وفجّر جوامع وأضرحة أنبيائها، وآثارها،وحاول محو هويتها التأريخية والحضارية والفمرية، فخاب وإنكفأ، وطرد شرّ طردة، عسكرياً وفكرياً، بعد أن روّت دماء شهداء التحرير أرض نينوى، وقصة الفلم هي محنة عائلة موصلية (الأب محمد العمر والأم غصون العمري وأبناؤهم) مع وحوش داعش، أثناء التحرير، حيث يتنقلون على بيوت المواطنين لطردهم من بيوتهم، ومن هذه البيوت، بيت الأب محمد العمر، الذي تعاني زوجته من الطلْق، لتلد إبنتها في سرداب أحد البيوت، رغم ملاحقة عناصر داعش،فيطرقون الباب وسط الانفجارات والقصف، وبعد أن تحدث الولادة، يحاول أن يخرج ويهرب الأب مع عائلته، الى القوات الأمنية، بعد هروب وحوش وكلاب داعش، يخرج بسرعة من السرداب الى خارج البيت المرمري، وأثناء حمله لمولودته يسر في العوجة، وزوجته وابناؤه خلفه مهلهلاً لقدوم جيش تحرير المدينة، يسقط صاروخ غادر بالقرب منهم، فتستشهد زوجته وأبناؤه، ويبقى هو ومولودته، لتصل القوات وتخليه، هذه هي قصة الفلم، إنها قصة اغلب عوائل الموصل، عاشوا تفاصيلها المرعبة، لحظة بلحظة، وهم يهربون من بطش داعش، الى قوات الجيش المحررة، ليقعوا فريسة قناص او صاروخ، أو إنفجار قذيفة غادرة، تنهي حلم العائلة للخلاص من داعش، وما أكثرها من مشاهد القتل الوحشي، لعوائل باكملها، ومازالت في سراديب او مدفونة تحت أنقاض بيوتهم، او متروكة في ازقة المدينة وعوجاتها الضيقة، أو دفنها أهلوهم في حدائق البيوت،تصوير الفلم وإخراجه لتجربة شاب مدعاة للدهشة، فقد أبدع المخرج حسان گلاوي، في تصوير لقطات غاية في الدقة والتعبير، وخاصة، مشهد الولادة، وارهاصات الزوج وأبناءه، وصراخهم من القصف، وصراخ الزوجة، اثناء الطلق، فدمج الصراخان معاً، ليكون المولود هو إطلاق حمامات المحلة، والمشهد الأشد إدهاشاً، هو سير الزوجة والدماء تسيل بخطواتها الوئيدة، أثناء خروجهم من البيت، أما أداء الفنان المبدع محمد العمر، فهو كما عهدناه فناناً كبيراً، بكل معنى الكلمة،يمتلك الخبرة وكفاءة وعفوية الأداء حاز على إعجاب الحضور، وغصون العمري،ممثلة واعدة جداً أدّت دور الزوجة بنجاح كبير، عاشت لحظات الانفجارات والقصف وهي تحتضن اولادها بأمومة حقيقية ووسط دموعهم، خقيقة الفلم مفخرة عراقية، لقصة مدينة إستثنائية، خرجت من ظلمات داعش الى نور الله، وتركت خلفها سخام الحرب وآلامه.. تحية لبيات ومحمد العمر وحسان وغصون، فقد عشنا معهم لحظة الألم والوجع، والمأساة بكل تفاصيلها الكارثية، يذكر أن الفلم حصل على جوائز دولية.