لمياء رشيد تجد الرسم خير دواء لكل داء: الشعر والرواية يسهمان في إغناء تجربتي الفنية
الموصل - رمزي عقراوي
لا يمكن للفنان التشكيلي أن يكون بارعاً ما لم يؤمن بالحرية والتحرر بأن يرسم ما يشاء وقتما يشاء من خلال التمرد على المفاهيم التقليدية،هذا ما اكدته لنا التشكيلية والأديبة المغتربة لمياء رشيد، التي كان معها هذا الحوار:
{ هل الشعر يسهم في اغناء تجربتك الفنية؟
- الشعر والرواية اسهما في اغناء تجربتي الفنية...وفني اسهم في اغناء تجربتي الأدبية ..انا حينما ارسم وكأنني اكتب شعرا وحينما اكتب قصة قصيرة او في رواية او خاطرة اجدني ارسم على السطور ...ولأنني رسامة ونحاتة تجدني اهتم بالتفاصيل الدقيقة ومن هنا جاءت كتابة الرواية البوليسية والنفسية تحديدا لان كلاهما ينبع من تأثير الفن على مشاعري..اما اسلوبي الذي اعتمدته منذ سنوات وتركت كل تجاربي السابقة فهو فن تعبيري يجسد شتى المشاعر من خلال الالوان و الوجوه ويعكس الذات في خاطرة قصيرة تكون عنوانا لكل لوحة ارسمها , انا لااعتبر نفسي شاعرة وان كانوا يطلقون علي هذه التسمية ,واعتبر ما اخطه من نصوص مجرد خواطر كاتبة تجلس على الأفق وتنتظر الشفق الأحمر لتضع لون الخجل على خد السماء.
{ ماهي الجوائز والشهادات التقديرية التي حصلت عليها ؟
- اقمت معارض شخصية في ماسترخت وبوخلز وفالكنبورخ وخلبن وكادراندكير وبروكسل وكانتربري وآخن ودوسلدورف ...شاركت في عشرات المعارض الجماعية ..واقتنى متحف فالكنبورخ احدى لوحاتي ...نلت الجائزة الأولى للرسم في مسابقة اجريت في مدينة هايثاوزند في هولندا وفزت على اكثر من 500 مشترك ...ثم نلت الجائزة الاولى على عموم هولندا عن عمل متفرد استخدمت فيه تكنيك خاص ,مازجت فيه بين الرسم والنحت والغيت حواجز اللوحة وقضبانها المربعة والمستطيلة من خلال تحرير حدودها وتم تكريمي في حفل حضرته عضو ةمن البرلمان في مبنى مقاطعة لمبورخ وكانت الجائزة مبلغ مالي كبير مع اقتناء اللوحة من قبل شركة هولندية عالمية لتزين بها احد جدرانها .
تزاوج الالوان
{ مالذي يبوح به اللون عندك ؟
- لايمكنك ان تتصور او تتخيل كم الاسرار التي يبوح بها اللون ..تماهي الالوان وتزاوجها بالمقادير المناسبة عملية غاية في الروعة .. تتحكم من خلالها بمشاعرك وتتفكك لو كانت مضطربة ...الالوان تصهر الحديد الصدىء في اعماقك وتجعله يذوب ويتسرب في مسامات اللوحة.. اجد الرسم خير دواء لكل داء .
{ من اين تبدأ اللوحة عندك ؟
- انا لااخطط للوحة بل ابدأ فورا بالرسم ثم تتفجر المشاعر عندي ..كما لو كنت اكتب نصا ..اجد المكنون يخرج تلقائيا ليجرد الشعور من الحالة... ولهذا غالبا ما اكون في حالة وحدة تامة مع النفس حين امارس الفن او الكتابة ..الوحدة تخلق اللحظات الحميمية بين الفنان واللوحة, وهي تخلق الجو الرومانسي بين الكاتب والنص ... تفاعل الكاتب مع الفراغ ثم ملأه بالضجيج الفكري يأتي صداه لاحقا في اغداق ...هكذا الفنان ايضا ,انا اؤمن بان اروع لحظات الفنان هي تلك التي يملأ بها الفراغ دون تخطيط مسبق لغاية فتأتي النهاية غير ما يتوقعه ودوما ماتكون فوق التصور.
{ هل انت مع التحرر من المفاهيم التشكيلية وقيمتها التقليدية ؟ وكيف تقرأين ذلك من خلال اللوحة؟
- اكثر الشخوص حرية هو الفنان التشكيلي ..لايمكن للفنان التشكيلي ان يكون بارعا مالم يؤمن بالحرية والتحرير ..الفنان انسان خالق بإمكانه ان يخلق مايشاء على الكانفس.. مثله مثل الكاتب لكن الاختلاف الوحيد بينهما ,ان الكاتب تحكمه احيانا توجهات المجتمع او تقاليده او سياسات بلده فلايكون على سجيته , بينما التشكيلي بامكانه ان يقول مايشاء وقتما يشاء من خلال التمرد على المفاهيم التقليدية ,فهو بالتجريد والتعبير والتوحش والانطباع والتكعيب وكل الاساليب الفنية ,يكسر القيود ,ويجسد حريته دون ان تحكمه القيود الاجتماعية والسياسية وحتى الأسرية والدينية ...
انه العالم الذي يخرج فيه الفنان عاريا من كل شيء وتكون فرشاته هي ورقة التوت التي تستر عورة التقييد.انا مع التحرير من كل المفاهيم التشكيلية التي قيدت الفن عقودا وجعلت من يؤمن به مهرطقا حوكم بتهمة الشعوذة .. ومازالت القيود تكبل الفن فبعض الشعوب تعتبر التماثيل رموزا للعبادة والبعض يلغيها خشية العبادة .وفي هذا جور على الفنان ... تحيز البعض لأسلوب محدد ومحاربة الجديد , التمسك بالفنون الشعبية كموروث وتأثيره الغالب على الاجيال كلها قيود مفروضة على حرية الفنانين ,فلايمكن مطلقا المطالبة بمساواة بين المبدعين ,ولا حتى التطرف في الايمان بفن محدد لأن الفن تعدى حواجز الحاضر واصبح منطلقا بسرعة الصاروخ مع التكنلوجيا لعالم اخر هو عالم الاجيال القادمة التي ستختلف في ذائقتها كليا عنّا كما اختلفت ذائقتنا عن ذائقة اجدادنا .
موهبة حقيقية
{ هناك احتفاء بالجسد الانثوي في لوحات بعض التشكيليين فهل الجسد عندك ايضا حامل لدلالات الذات ؟
- نقطة مهمة اود الأشارة اليها فيما يخص الجسد في لوحات الفنانين ..الموهبة الحقيقية تتجلى من خلال الخطوط والحركة والظل والضياء وتماهي الالوان مع بعضها...وفي قدرة الفنان على تجسيد الواقع تبرز موهبته الأولى ثم يطور نفسه بالخبرة ويصقل موهبته بالدراسة الأكاديمية ليخرج الى الأسلوب وقد يكون هذا الاسلوب ذاته في نقل الصورة الحية وتجسيد الانسان بتفاصيله .
يصنف البعض هذا الفنان على انه ايروتيكيا لانه يرسم العرايا لكنه في واقع الحال يجد لذته النفسية في قدرته على خلق جسد على الكانفس مثله مثل الفنان الذي يجد متعته في اختيار قماشة يضعها على جسد الموديل ويبدأ في ممارسة فنية ممتعة مع طيات وظلال ونقوش تلك القماشة .
{ اين تكمن جماليه المنجز الفني؟
- تكمن جمالية المنجز الفني في تأثيره على المتلقي ومحاكاة دواخله او بتعبير ادق هو المنجز الذي يلامس الوتر الحساس في قلب الرائي فيقف مشدوها مأخوذا بذلك العمل ولو لدقائق معدودات ...لكل لوحة مريديها وكل انجاز له محبيه ...انا اجد في كل فن متعوب عليه, جمالا.. لأنه خلاصة فكر وساعات عمل , ورؤيا خاصة بالفنان نفسه , ولا اخفيك القول ان للسياسة دور كبير في اعلاء شأن فنان ما او هدمه, وكمّ كبير من المواهب الخلاقة اندثرت مع الزمن بسبب توجهات سياسات الدول ودعمها لفنانين متحزبين للحكومات ...حتى في الغرب اصبح الفن يخضع لمافيات وتجار ومصالح اصحاب رؤوس الأموال ناهيك عن دور شركات ومافيات النت الذين يتحكمون حتى بتعيين الرؤساء واقالتهم.