قوة إقتصادية غائبة عنا
غيداء العلي
الهند موجودة في ذاكرة الكثير من العراقيين منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي عبر قوة الهند الناعمة وأفلام أميتاب باتشان التي كانت تعرض أيام العيد الفطر أو الأضحى، وكانت دور السينما تعرض وبشكل مستمر الأفلام الهندية التي لاقت ترحيباً كبيراً من قبل الجمهور العراقي وحتى اليوم لا تزال أفلام الاكشن تلك حاضرة عندنا بل وتستخدم بعض الأحيان في ضرب الأمثلة وهذا يعكس مدى تأثيرها في مخيلاتنا.العالم اليوم يقف مندهشًا مما آلت إليه احوال الهند التي أعجزت العقول قديمًا بروايات طويلة أسطورية خارقة حد الخرافة، حيث أصبحت الهند أحد نمور الاقتصاد ليس في آسيا فقط، بل على مستوى العالم.فعالمياً هناك قوى اقتصادية كبرى أهمها الولايات المتحدة وكندا وألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان، والمعروفون بـ "مجموعة السبع"، أو G7 وفي تصوري قد تصبح G8 حال انضمام الهند اليها والتي يؤهلها اقتصادها لذلك، وغالبا قد يحدث هذا في بضع سنوات قد لا تتعدى نصف عقد من الزمن.منذ شهور خلت قائمة العشرة الكبار لأثرياء العالم من الهنود، إلا ما فيما ندر وعلى استحياء، إذ يدخل هذا ويخرج سريعا، فالمقاعد العشرة الأولى محجوزة دائما للغربيين الأوروبيين والأمريكيين، لكن طموحات الهنود لا تتوقف، وأصبح الملياردير الهندي موكيش أمباني ثامن أغنى أغنياء العالم على قائمة بلومبيرج للمليارديرات، ليعزز "قطب آسيا الوحيد" موقعه في النادي الحصري لأغنى 10 أشخاص في العالم برصيد 68.3 مليار دولار، متجاوزًا المخضرم وارين بافيت وآخرين من رجال المال والاقتصاد.
قائمة اكبر
الاقتصاد الهندي كذلك أزاح اقتصاد بريطانيا في قائمة أكبر الاقتصادات في العالم إلى المركز السادس، وقفزت الهند، التي كانت مستعمرة بريطانية سابقا، إلى المركز الخامس خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي 2021بحسب بيانات إجمالي الناتج المحلي لدول العالم التي يصدرها صندوق النقد الدولي.
كما واصل الاقتصاد الهندي نموه خلال الربع الأول من العام الحالي وفق معطيات وأرقام اقتصادية حديثة.
إضافة لكل ما ورد أعلاه، فإن الهند اليوم اثبتت بأنها قوة اقتصادية عالمية، اذ بدأت الدول تعتمد عليها بشكل رئيسي في كثير من المجالات، فعلى سبيل المثال ها هي شركة أبل تقرر نقل من5 الى 15 بالمئة من تصنيع أجزاء هاتفها النقال (iPhone) الى الهند، والمملكة العربية السعودية تقرر ربــط محطات الكهرباء عبر البحار مع الهند بما يعرف بـ"undersea cable" و دول أخرى تلجأ الى الهند لغرض تسليحها مثل أرمينيا في الفترة الأخيرة والتي بسبب ازمتها مع أذربيجان ذهـــــــبت لعقد صفقة تسليح مع الهند، كما وانها في مجال الصحة كانت احدى الدول المصنعة للقاحات ضد ڤايروس كورونا. كل هذه النقاط تعد مؤشرات لقفزة الهند الاقتصادية والتي تؤهلها ان تكون في مقدمة دول العالم وان تنضم كعضو ثامن لمجموعة السبع كي تعود الى تسميتها القديمة G8 بعد ان انسحبت من منهم روسيا، وشخصيا لا أجد غير الهند دولة مؤهلة وتمتلك القدرات الاقتصادية غير الهند لتكون بديلاً عن روسيا، وفي الوقت ذاته استغرب عدم الانفتاح العراقي على هذه الدولة خصوصاً وأننا في اشد الحاجة لإعادة الاعمار ولبناء البنية التحتية وإعادة تعافي الاقتصاد العراقي المنهك.