شهادات ومتاهات في الشهادات الجامعية
كمال جاسم العزاوي
القيمة الحقيقية للشهادة الجامعية تكمن في ناحيتين الأولى ملائمتها للاختصاصات المطلوبة لرفد مسيرة التنمية والتطور والثانية في مدى استيعاب وأهلية الطالب الجامعي ومستواه (العلمي) لنيل تلك الشهادة ومن خلال المقارنة البسيطة بين ماضي الجامعات العراقية الأكاديمي وحاضرها المؤسف يمكننا معرفة الأسباب التي تكمن وراء ذلك التدهور ضمن الجوانب التالية
1- المستوى العلمي
في الماضي كانت الجامعات العراقية الرسمية (حصراً) تضع الخطط الادارية والفنية للقبول (المركزي) للطلبة وتحدد الاختصاصات وفق عدد المقاعد الدراسية بحسب معدلات التخرج من المدارس الاعدادية والتنافس العلمي ويتم ذلك بالتنسيق مع وزارة التخطيط دعماً للوزارات والمؤسسات التنموية لتحقق الانسيابية المطلوبة في التعيين وبالاختصاصات المطلوبة وفق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص للخريجين كافة بينما يتم اليوم قبول الطلبة في الجامعات الرسمية وغيرها من الجامعات الأهلية والمسائية بشكل عشوائي ودون تخطيط وتأهيل مسبق وبأعداد هائلة لم يشهد لها التعليم مثيلاً وقد أدى ذلك النهج الى نتائج سلبية تتمثل في الآتي
* محدودية التأثير الايجابي واستثمار الاختصاصات العلمية ومشاركتها في دعم التنمية لكثرة الاختصاصات وقلة الحاجة الفعلية للمؤسسات
* ضعف المستوى العلمي والاكاديمي للطالب المتخرج نتيجة لقلة كفاءته وعدم انتظام الدوام واكتمال الحصص والمناهج البحثية اضف
الى ذلك تهاون ادارات الجامعات وخاصة الأهلية في قبول وتخرج الطلبة والمرونة والتساهل في منح الشهادات
احباط مؤلم
* مرحلة ما بعد التخرج وتمثل الاحباط المؤلم للمتخرج لعدم ممارستة الاختصاص أو التعيين في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية بسبب الأعداد
الكبيرة للمتخرجين وعدم قدرة المؤسسات على استيعابهم
* عدم التوازن في اشغال المقاعد وفق الفروع والاختصاصات المتوفرة وذلك بسبب لجوء الطلبة الى الفروع التي توفر فرص أكبر في التعيين أو
استثمار ذلك الاختصاص في الحياة العامة
-2البطالة والبطالة المقنعة
وهي النتيجة والمحصّلة الطبيعية لما بعد تخرج هذه الاعداد المتزايدة وغياب الخطط المناسبة للتعامل معهم واستيعاب طاقاتهم ويظهر ذلك جلياً في تضخم نسبة البطالة والترهل في أعداد الكوادر الادارية والفنية للمؤسسات (البطالة المقنعة) لما بعد التعيين
-3المكانة العلمية والأكاديمية
تراجعت المكانة العلمية للجامعات العراقية كثيراً في العقود الثلاثة الأخيرة لأسباب كثيرة تتعلق بقلة الدعم الحكومي وعدم استقرار الوضع السياسي والاقتصادي للبلد فوصلت الى مستويات متدنية جداً وأصبحت خارج التصنيف العالمي للجامعات بعد أن كانت في الماضي القريب تحتل مراتب عالية ضمن هذا التصنيف من حيث التزامها بالمعايير العالمية الادارية والعلمية وتفاعلها مع المراكز العالمية للبحوث والتطوير مما تقدم يمكننا تشخيص نقاط الخلل والضعف التي تعتري مفاصل العمل الأكاديمي للجامعات العراقية ومعالجة كل جانب منها على حدة وفق خطط عمل جدية ومتكاملة من أجل رفع مستوى جامعاتنا العريقة واعادة الاعتبار لمكانتها ودورها الأساسي في مسيرة التنمية والتطور للبلد وكذلك الاهتمام بتفعيل روافد الاقتصاد الوطني والنهوض به لخلق فرص عمل حقيقية للمتخرجين في القطاع الخاص والمختلط وعدم الاعتماد على التعيين المركزي في مؤسسات الدولة ومن الضروري رفع مستوى الوعي بين فئة الشباب وخصوصاً المثقفين وحملة الشهادات العالية والتأكيد على أن قيمة الشهادة الحقيقية في المثابرة واعتلاء ناصية العلم والمعرفة لتحقيق الذات وليس الغاية من نيل الشهادة هي الحصول على المردود المالي والوظيفي فحسب.