الإمتحان التقويمي وعظم السمك
صلاح الدين الجنابي
يُحكى أن شاباً محدود المعارف والمهارات تتلمذ على يدِ أحد أطباء القرى المجاورة، وذات ليلة طُرق الباب في ساعة متأخرة من الليلِ أجبرت الطبيب على الاستيقاظ ليمشي متثاقلا لفتحه، وإذا برجل يحمل طفلاً يبكي بصوت مرتفع، سأل الرجل مم يشكو قال: أكل السمك ودخل عظم من السمك بزردومه فأخذ الطبيب يفكر ما هذا المرض الذي لم يمر عليه وهو في مرحلة التعليم، التي استثمرها في كتابة جميع الأمراض التي صادفها والعلاج والملاحظات في دفتر يحتفظ به في العيادة، تفضل ضعه على السدية قال الطبيب للرجل، وذهب مسرعاً ليقلب الدفتر عسى أن يجد مرض عظم السمك ولكن دون جدوى، أخذ الطفل يصرخ صراخاً شديداً من ألم العظم ومن رهبة زيارة الطبيب، دكتور الطفل يختنق قال الرجل، الطبيب وهو مشغول بالبحثِ عن المرضِ في الدفترِ وينتابه الخجل لعدمِ قدرته على فعلِ شيء، أعطى الرجل شريطاً لاصقاً دون وعي وقال له ضعه أسفل البطن، أخذ الطفل بالصراخ الشديد والاختناق فقال الرجل دكتور الطفل سوف يموت قال له الطبيب بعد أن انتبه ماذا فعلت له قال الرجل وضعت الشريط اللاصق على اسفلِ البطن، أخذ الطبيب الشريط ورفعه من مكانه مما أفزع الطفل وأسترجع ما في معدته، فقال الطفل خرج العظم وأنا أشعر أنني بحالة جيدة، قال الرجل دكتور هذا هو العلاج قال الطبيب نعم، ودع الرجل والطفل ورجع إلى دفتر المهنة ليدون في عمود الأمراض عظم سمك بالزردوم وفي عمود العلاج شريط لاصق أسفل البطن، وفي عمود الملاحظات الاسترجاع دليل خروج العظم.
الإمتحان التقويمي للمجموعة الطبية تم إعداده وتنفيذه وننتظر المقترحات التي ترفعها لجنة الإمتحان التقويمي لتترجم إلى قرارت تُسهم في ترصين تعليم المجموعة الطبية، وهنا نود طرح الأسئلة الآتية على من اقترح وشارك وصادق على اعتماد الإمتحان التقومي:
1- ماهو الهدف من الامتحان التقويمي؟
2- ماهي دقة الإجراءات والتنظيم؟
3- هل آلية وضع الأسئلة عادلة وتراعي مستويات الكليات المشاركة بالاختبار؟
4- هل نفذ الامتحان التقويمي في بيئة سليمة وعادلة للجميع؟
5- هل من شروط التقويم أن يقوم بالتقويم أحد الأطراف المشتركة بالعملية أم يجب أن توكل مهمة التقويم لطرف ثالث غير مشترك بالامتحان؟
6- هل تم اختيار المراقبين الخارجيين وفق معايير تضمن حسن سير الامتحان وتساوي الفرص؟
اساس معياري
7- هل الامتحان التقويمي مرتكز على أساس علمي أكاديمي معياري في مشروعيته وعلميته وأهمية اجراءه؟
8- أيهما أكثر أهمية المطالبة بتطبيق القواعد والمعايير بدقة ومراقبة ذلك أم اجراء إمتحان في نهاية الكورس بغض النظر عن الالتزام بالمتطلبات والبرنامج الأكاديمي وطرائق التدريس وتوفير البيئة الملائمة والمستلزمات المادية والمعنوية؟
9- هل كانت العملية دقيقة بالقدر الكافي من حيث الإعداد والتنفيذ لتعطي نتائج يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ قرارت تقويمية؟
10- هل تم التركيز على اجراء الإمتحان فقط أم على مدى صلاحية الجامعات والكليات من حيث أعضاء هيئة التدريس والأنشطة الساندة للحصول على موافقات لاستحداث البرامج الأكاديمية في المجموعة الطبية؟
11- هل كشف الإمتحان التقويمي حجم الخلل والفجوة بين المعارف والمهارات والاتجاهات التي يجب أن يتعلمها الطالب من خلال مقررات البرنامج الأكاديمي وبين المعارف والمهارات والاتجاهات التي اكتسبها الطالب وظهرت على اداءه؟
12- هل كشف الامتحان التقويمي الخلل والفجوة في الكفايات المهارية والمعرفية لكوادر الهيئات التدريسية وهل هي مؤهلة لتنفيذ البرامج الأكاديمية لكليات المجموعة الطبية؟
13- هل العمداء ورؤساء الفروع والاقسام مؤهلين للقيام بهذا الدور الكبير والخطير من الناحية العلمية والأكاديمية والمعيارية والنفسية والأخلاقية، وهل هم على قدر المسؤولية؟
14- هل سنشهد اغلاق كليات وأقسام علمية لعدم قدرتها على تلبية المتطلبات؟
15- هل من نتائج التقويم التوصية بأهمية مطابقة التخصص الدقيق لتدريسي المادة؟
16- هل من النتائج تحديد مسؤولية اخفاق بعض الكليات أو بعض الطلبة؟
17- هل من شروط التقويم أن يكون الامتحان للدور الأول فقط، وما هو وصف الطلبة الناجحين في الدور الثاني؟
18- هل نتائج التقويم والقرارات والتوصيات سوف تقلل من نسب المرضى الذاهبين للهند والأردن ولبنان وغيرها من دول العالم للعلاج بسبب النقص في الكوادر المؤهلة والبنية التحتية السليمة؟
19- هل نتائج التقويم سوف تُسهم في علاج المشكلات والفجوات والتشوهات التي يعاني منها التعليم الطبي (للمجموعة الطبية والساندة) وخاصة التعليم الطبي الأهلي؟
20- هل تحقق الهدف من التقويم وهو يستحق كل النفقات والوقت والجهد المصروف لتحقيقه؟
التقويم يبدأ بالقياس لكل المتطلبات ثم تقييم مدى تطبيقها لنتخذ القرار المناسب بشأنها أما اجراء إمتحان دون معرفة مدى تحقيق المتطلبات فهو ارباك يدعو إلى استخدام كافة الوسائل والطرائق المشروعة وغير المشروعة لتجاوزه لأنه لم يرتكز على تطبيق صحيح للقواعد والمعايير، التقويم يمكن أن يشوه النتائج إذا كان مبنياً على قياس غير صحيح أو غير موجود أصلا ويشتت التركيز على المشكلات الحقيقية التي تعاني منها تخصصات المجموعة الطبية.
منح شهادات رصينة لآلاف الطلبة من الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة وذوي المهن الطبية هل يرتكز على (عظم سمك بالزردوم لزكه أسفل البطن) أم على (التشخيص الدقيق والصحيح من أول مرة) وهذا قاعدته تلبية المتطلبات والتطبيق الدقيق للمعايير والاذعان للقواعد وأخلاقيات المهنة، ركائزه التنفيذ العلمي الدقيق للبرنامج الأكاديمي والاختيار الصحيح للهيئات التدريسية المؤهلة والمدربة وتوفير البنية التحتية اللازمة والبيئة الأكاديمية المحفزة لاعداد كوادر طبية ومساعدة قادرة على القيام بواجباتها المهنية بكل دقة وحرص وأمانة وأخلاق ومسؤولية. لان النظام التعليمي الفاشل يفضل عقاب الضحية (الطالب) كنتيجة لانعدام أو قصور الرقابة الاستباقية وعدم متابعة التطابق بين البرنامج الأكاديمي المكتوب والمنفذ وعدم جاهزية البنية التحتية المادية والمعنوية وغياب معايير اختيار القيادات الجامعية ومعايير تأهيل وتدريب الهيئات التدريسية وعدم أهلية الأنشطة الساندة لتنتج جرياناً مضطرباً للعمليات وبيئة تعليمية محبطة للطلبة ولها أثر سلبي على أصحاب المصالح والمهن والمجتمع. عملية متكاملة
التقويم عملية متكاملة لا يكون أولها القياس الدقيق لمتطلبات الاستحداث والبرامج الأكاديمية والأنشطة الساندة والبنية التحتية مروراً بتقييم آليات وإجراءات وأنشطة تنفيذ البرامج الأكاديمية والعملية التعليمية بما يتفق مع المعايير ولا يكون آخرها تقويم كل المتطلبات والعمليات التعليمية والساندة بشكل دوري لضمان الجودة والتدفق المنتظم للعمليات والاذعان للمتطلبات والمعايير.