ليست الزكاة في الأموال فقط

حسين الصدر

-1-

الائمة الهداة مِنْ أهل البيت - ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) – مناراتُ هدىً وحكمة وارشاد، وينابيعُ عطاءٍ متدفق لا ينضب ، وهم في غاية الحرص على تقويم السلوك والاخلاق والتشجيع على اعتناق القيم الرفيعة والتحلي بكل جميل من الأقوال والافعال .

-2-

وفي هذا السياق جاءت توجيهات الامام جعفر بن محمد (ع) حيث روي عنه أنه قال :

" على كُلّ جُزءٍ مِنْ أجزائك زكاة لله،

 فزكاةُ العين الاعتبار والغض عن المحرمات ،

وزكاة الأُذن : الاستماع الى العلم والحكمة ،

وزكاة اللسان : الحمد والشكر لله والنصيحة للمسلمين ،

وزكاة اليد : البذل ،

وزكاة الرِجْل : السعي للجهاد والاصلاح بين الناس "

-3-

والسؤال الآن :

الى أيِّ مدىً يمكن أنْ نشهد الالتزام الحقيقي بهذه التوجيهات البليغة ؟

والجواب :

انّ القليل مِنَ العباد هو الشكور ..!!

والقليل منهم مَنْ استخدم جوارحه في ما أريد لها ان تستخدم فيه ..!!

-4-

تتطلع العيون الى مفاتن الانوثة، ولا تتطلع بعمق واعتبار الى ما أودع الله في هذا الكون الرحيب من الآيات الناطقة بعظمتِه وقدرتهِ

يقول الشاعر :

فوا عجباً كيف يُعصى الالهُ

أمْ كيفَ يجحدُه الجاحِدُ

وفي كُلِّ شيءٍ له آيةٌ

تدلُ على أنّه واحِدُ

وأين النظرة الأولى من الثانية ؟

وتسمعُ الكثيرين يعلنون تبرمهم بالدروس والمواعظ الاخلاقية التي ينشط الناهضون من العلماء والوعاظ بايصالها الى الناس وليس لهم مِنْ هدف الاّ صيانة النفوس من التردي والانحدار الى مهاوي الانحراف والتبذل والانفلات .

وأما الألسنة فبدلاً مِنْ أنْ تنشط بذكر الله وحمده تنشط في اشاعة الأكاذيب والأباطيل ، واجتراح الغِيبة والنميمة وفاحش القول ..!!

مستهينةً بما يُسدى اليها مِنْ نصائح ، بل رافضةً ذلك وتُسَمِيهِ تدخلاً في شؤونها الخاصة ..!!

أما الأيادي فهي تسارع الى لَيّ أذرعِ الضعفاء ، والاعتداء عليهم بدلاً من مسارعتها في مضامير البر والاحسان والمعروف والتحنن على الفقراء والمستضعفين ..!!

وأما الأرجُل فهي تتثاقل من السعي الى المعابد والمعاهد ولكنّها تسرع الى دور اللهو ومقرات الشياطين ..!!

-5-

ان الانسان ليس صيرورةً تائهة .. وانما هو محور الخير والبناء في هذا العالم، وبهذا فُضّل على جميع المخلوقات .

-6-                                           

ومن نافلة القول التأكيد :

على أنْ مسارات الانسان لابد ان تأتي مُنْسَجِمَةً مع دوره الرائد المرسوم له في الحياة، والاّ فهو صفر يُضاف الى الأصفار الكـــــثيرة التي تتكدس هنا وهناك .