(كلام الناس) في جولة إستطلاعية بين معالم الكوت يتصدّرها ضريح المتنبي
مواقع أثرية تتجاوز الألف لم ينقّب سوى عن 33 منها
واسط - سعدون الجابري
بعد ان اطلع برنامج (كلام الناس) الذي تقدمه قناة (الشرقية) في حلقة سابقة على شكاوى ومعاناة سكنة محافظة واسط ، تجول في حلقة جديدة و على مدى ثلاثة أيام في بعض أقضية ونواحي المحافظة .. وكذلك في مركزها للتعرف على أهم معالمها من آثار وتراث .
وأوضح مقدم البرنامج علي الخالدي ان ( أول معلم تراثي زاره البرنامج في هذه الحلقة هو سدة الكوت الشهيرة) والتي قال عنها الناشط سرمد أن (سدة الكوت شيدت بعمل متواصل أستغرق خمس سنوات .. وأفتتحت عام 1939? وحسب المصادر العمال والمهندسين الذين شاركوا بناء السدة هنود وسودانيين فضلا على العراقيين ، وهي تضم 56 بوابة يمر الماء الجاري من خلالها) .موضحاً :( مناسيب المياه في نهر دجلة الخالد كانت مرتفعة جداً ، حتى في العقود الماضية صعد منسوب الماء لحافات أعلى السدة ، مما جعل وزارة الموارد المائية الى وضع أكياس ترابية على حافات السد ، لمنع تدفق الماء القادم من الجهة الشمالية للشارع الرئيس للسد ، لكن الآن مع الآسف تدنى منسوب الماء في نهر دجلة والحفارات جادة بكري النهر من كثرة الترسبات الطينية) .
وقال الخالدي ( توجهنا في اليوم الثاني لقضاء النعمانية التي تسمى الحسينية .. هذه المدينة زراعية ونفطية في آن واحد ، تكثر فيها آبار النفط المنقبة ووهي مدينة تراثية تأريخية .. قصدناها لزيارة مرقد الشاعر الكبير الراحل أبا الطيب المتنبي في ضريحة المتواضع ، والذي لم تمتد له يد الأعمار منذ فترة طويلة ، وعنه حدثنا أحد الباحثين (عمر هذا الصرح حوالي 1100 سنة .. والمتنبي من أهالي قضاء الكوفة في محافظة النجف وليس من الكوت ،أستقر في مصر سنين طويلة بعدها كانت له زيارة للعراق ومر من هذا المكان الذي كان يسمى سابقاً بدير العاقول ، وفيما بعد سمي بالصالحية .. والمكان هذا ضمن مدينة النعمانية شمال غرب الكوت ، وحسب المؤرخين أن الشاعر أبا المتنبي قتل في هذا المكان المشيد فيه ضريحة) .موضحاً : وبمسافة قريبة عن هذا القبر .. هناك قصر النعمان أبن المنذر ، وتم بناء الضريح المتنبي في سبعينيات القرن الماضي ويحتاج للتأهيل والترميم .
* من جانبة أكد لنا الباحث الواسطي عصام القريشي ان( موقع أو ضريح المتنبي ، أصبح مزاراً لأهالي الكوت وللباحثين وكذلك للسياح العرب والأجانب ) وبين القريشي : (في الكوت أكثر من 1300 موقع آثار .. والمنقب منها من قبل وزارة الثقافة والسياحة والآثار فقط 33 موقعاً).
وأشار الخالدي ( بعد أن ودعنا مقام المتنبي أتجهنا غرباً نحو الهور الجميل (الدلمج) الذي وجدنا الشارع المؤدي له غير معبد ترابي ، وعند الشتاء يكون صعب المرور من خلالة في أيام المطر .. وعند تقربنا لحافات الهور وجدنا بعض الصيادين الذين يهمون بمغادرة الهور ، كونهم باعوا محصولهم من الأسماك صباحاً .. ونحن وصلنا ظهراً).
وقال الصياد أبا علي (الهور فية أسماك البني الشهيرة والشبوط والشانك والحمري ، نتمنى من وزارة الموارد المائية متابعة حال الهور ، كون أرزاق مئات العوائل من هذا الهور .. وإذا جفت مياهه الحياة كلها هنا تموت) .
وعورة الطريق
واشار أحد الشيوخ من سكان الأهوار الى معاناة الصيادين والباعة وأصحاب السيارات من وعورة الطريق الرابط من الهور حتى قضاء النعمانية . لافتاً الى أن (مساحة الهور تقدر بـ 120 الف دونم ، والهور يشرف عليه مستثمر ونتمنى من هئية الأستثمار أن تنهى عقد المستثمر ، كون الصيادين أيضاً يطالبون عودة الهور للموارد المائية ، كون المستثمر يستقطع مبالغ كبيرة من الصيادين ).
وقال الصياد أبا غانم (أنا ومجموعة من الصيادين جئنا الى الهور من كربلاء.. كنا نمتهن الصيد في بحيرة الرزازة الكبيرة ، لكن للأسف الشديد هناك إهمال حكومي سبب جفاف البحيرة ، التجأنا الى أهوار الدلمج في النعمانية .. وبنينا بيوت صغيرة من القصب على حافة الهور ونبقى هنا فيها حوالي شهر كامل نسترزق بصيد الأسماك) .
أما الصياد أبا يحيى فقال ( حياتنا صعبة هنا وخصوصاً عند الليل تظهر العقارب والأفاعي وبعض الأحيان نقتلها عند رؤيتها ، ونحن مجبرين لأجل العيش وأنا من الحلة ننام عند الساعة الثامنة أو العاشرة ليلاً وننهض للصلاة فجراً ونتناول وجبة الإفطار ونخرج للعمل للصيد بالهور) .
وبين الخالدي ( في اليوم الثالث من رحلتنا الإستقصائية توجهنا الى ناحية جصان.. هذه المدينة أثرية بوجود تلتها الشهيرة سابقاً التي تسمى ( تلة جصان ) العوائل كانت تسكنها منذ مئات السنين ، لكن بعد عام 2003 سكان التلة نزلوا لمركز الناحية بسبب نقص الخدمات الماء والكهرباء وغيرها . صعدنا التلة وجدناها مدينة أشباح جميع بيوتها من الطين ومهدمة ، وهناك التقينا الشيخ أبا حسن وهو من سكان التلة الباقين فيها لحد الآن يعيش مع أولاده وأحفاده .. والشيخ هذا كان يعمل قبل عشرات السنوات بائع خيول) .
ونزلنا لمركز الناحية وجلسنا في أحدى مقاهيها الشعبية .. وتناوب بالحديث لنا رجلان الأول عدنان أبو قاسم قال : عادات وطبائع سكان الناحية حلوه وغير موجودة في أماكن أخرى ، حيث لاقدر الله إذا عائلة أصابها قدر .. صاحب المصاب لايفكر بوجبات الغداء والعشاء للمعزين ، الكل تساهم بتهيئة الطعام والماء والقهوة والشاي.
تربية المواشي
أما المتحدث الثاني ابا يوسف قال : (جصان مدينة قديمة وهي أقدم من الكوت وبدرة وزرباطية الحدوديتين ، ناسها كانوا يمتهنون الزراعة وتربية المواشي والصيد والبيع والشراء) مؤكداً ( بقي في الناحية أكثر من 65 بيتا من السكان الأصليين ، والباقين هاجروا للمدينة بسبب النقص بالخدمات والبنى التحتية والبطالة للشباب) .
بعدها زار البر نامج مدينة زرباطية ثم قضاء بدرة ، ورافقنا بجولتنا هذه الناشط مصطفى الذي قال ( نحن الآن في موقع خطير جداً .. تكثر فيه مخلفات الحرب العراقية الإيرانية وهي حقول الألغام غير المنفجرة ، وهي واضحة للعيان رغم قدمها لكنها فعالة وتنفجر عند وضع قدم الرجل عليها أو تحريكها ، هنا وقع ضحية هذه الألغام المئات من السكان والرعاة وبعض من رجال حرس الحدود الماسكين القاطع هذا). مؤكداً ان (إزالة حقول الألغام صعب ومكلف بنفس الوقت كون الحقول ممتدة من الحدود العراقية الإيرانية شمالاً وحتى جنوب شرق البصرة ، وهذا يحتاج إمكانيات كبيرة ولسنين طويلة).
وبعد عودتنا من الحدود العراقية الإيرانية ، ذهبنا لزيارة عيادة طبيب أطفال يحارب الجشع ويعالج بانسايته الفقراء وأطفالهم المرضى .. انه الطبيب مثيل منصور .الذي قال (أنا أبن العراق عاصرت الحصار والنقص في الدواء والغذاء ، والآن الأمور تغيرت لكن مع أشد الأسف هناك جشع عند بعض الأخوة الأطباء والصيادلة والمواطن فقير ومريض ، لذلك أنا في الكوت قررت أن تكون كشفية فحص الطفل المريض فقط 5 آلاف والحمد لله وعملت عليه من وقت بعيد) وأشار ( بعض العوائل يجلبون أطفالهم لي للمستشفى كونهم لايملكون المال ، أنا ارحب بهم وكأنهم في عيادتي الخاصة ).
وفي ختام جولتنا، في كورنيش الكوت الجميل التقينا بلاعب الألعاب البهلوانية الشاب فضل الذي يتعامل مع مواد خطرة كي يمارس هوايته المفضلة اللعب بالبنزين والنار .
كادر برنامج كلام الناس ضم:الإعداد والتقديم : علي الخالدي،مخرج ومدير تصوير : عمر الجابري،التصوير : أسامة المفرجي،Drone : علي الطرفي ،المتابعة الصحفية : سعدون الجابري،المونتاج : عمر مظفر و أدريس الكعبي.