الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المسؤول والحرس والحمايات‮  ‬

بواسطة azzaman

المسؤول والحرس والحمايات‮  ‬
حاكم محسن محمد الربيعي‮ ‬

تختلف الدول في‮ ‬نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية‮ ‬،‮  ‬ولكل منها عادات وتقاليد تختلف عن‮ ‬غيرها من الدول الاخرى وذلك باختلاف طبيعة واصول هذه المجتمعات‮ ‬،‮  ‬ وتنعكس هذه التقاليد والعادات‮  ‬على سلوكيات الناس في‮ ‬كل المجالات ومهما علت سلطة او مسئولية الفرد‮ ‬يجب ان‮  ‬لا‮ ‬يسلك الا سلوكا مقبولا ومرحب به من قبل المجتمع‮  ‬،‮  ‬وفي‮ ‬حالات السلوك‮ ‬غير المقبول‮  ‬فللمجتمع كلمته وقراره ازاء ما‮ ‬يراه‮ ‬غبر مقبول وفي‮ ‬قصة رئيس دولة النمسا التي‮ ‬صنفت عاصمتها فيينا افضل مدن العالم للعيش توماس استيل الذي‮ ‬تراس بلاده للفترة من‮ (‬1992 – 2004‮) ‬والذي‮ ‬تُوفي‮ ‬في‮ ‬آخر‮ ‬يوم من فترة ولايته الثانية والأخيرة وكان‮ ‬يسكن منذ اربعين‮  ‬عاما في‮  ‬شقة من عمارة تقع في‮ ‬الحي‮ ‬الرابع من فيينا،‮  ‬روى قصة تعامل اهل العمارة معه بعد ان اصبح رئيس للدولة اذ قال كانت تجمعني‮ ‬وزوجتي‮ ‬علاقة حميمة مع كل جيراني‮ ‬في‮ ‬العمارةوكنا نتبادل الزيارات والتحية‮ .‬
كلما نتقابل على المصعد،‮  ‬أو في‮ ‬مدخل العمارة،‮  ‬ونتحدث عن الأولاد والسياسة والحالة الاجتماعية،‮  ‬وخبر الساعة تمامًا كما‮ ‬يفعل الجيران،‮  ‬ولكن بعد أن أصبحت رئيسًا للنمسا وجدت تغييرًا في‮ ‬علاقة جيراني‮ ‬بي‮ ‬حيث اصبحت فاترة‮ ‬،‮  ‬وعندما‮ ‬يلقي‮ ‬احدهم التحية‮ ‬يلقيها وهو لا‮ ‬ينظر الي‮ ‬وكانه مجبر على السلام‮ ‬،‮  ‬واذا انا القيت التحية اكاد اسمع الرد همسا واستمر الحال هكذا لمدة شهرين‮  ‬ومن كل السكان و جيراني‮ ‬بلا استثناء انتابتني‮ ‬الحيرةُ‮ ‬،‮  ‬وسألتُ‮ ‬زوجتي‮ ‬هل هناك ما‮ ‬يستدعي‮ ‬هذا التجاهل‮  ‬وهل فعلنا شيئا‮ ‬يغضب جيراننا ولكن لم نجد جوابا لسؤالي‮ ‬والكلام للسيد رئيس دولة النمسا الراحل فقررتُ‮ ‬أن آخذ المبادرة،‮  ‬وطرقتُ‮ ‬باب جاري‮ ‬،‮  ‬ولم‮ ‬يعطِ‮ ‬جوابًا‮ ‬،‮  ‬وطرقتُ‮ ‬باب الثاني‮ ‬فكانت ذات النتيجة،‮  ‬ما بال الناس تغيرت نفوسهم من ناحيتي‮ ‬رجعت الى شقتي‮ ‬وانا في‮ ‬حيرة من امري،‮  ‬طرق بابي‮ ‬في‮ ‬اليوم الثالث المسؤولُ‮ ‬عن العمارة‮ ‬يدعوني‮ ‬إلى اجتماع للسكان كلهم لأمر هام وجدتُ‮ ‬الدعوةَ‮ ‬فرصة لفتح الموضوع مع الجميع‮ ‬،‮  ‬لماذا‮ ‬يعاملوني‮ ‬بهذا الجفاء‮  ‬واذا بجارتي‮ ‬الارملة‮  ‬تقول انا اقول لك بصراحة‮ ‬،‮  ‬كنا قبل ان تصبح رئيسا‮  ‬للدولة نعيش في‮ ‬هدوء لا سيارات ولا حرس ولا اصوات سيارات الامن،‮  ‬ ولا تفتيش ولا‮ ‬غلق للشارع كانت حياتنا سهلة والان نحن نعيش معك المأساة هذا ما‮ ‬يجعلنا لا نريد أن نتعامل معك‮ ‬،‮  ‬لأنك تسببتَ‮ ‬لنا في‮ ‬مضايقات‮ ‬،‮ ‬واليوم قررنا أن نرفع ضدك قضية بالطرد من السكن في‮ ‬العمارة‮  ‬إن لم تعد حياتنا كسابقتها‮ ‬،‮  ‬يقول الرئيس وكان ذلك‮  ‬في‮ ‬حوار تليفزيوني‮ ‬خرجت وانا كلي‮ ‬اسف واعتذرت لهم لعدم اهتمامي‮ ‬بجيراني‮ ‬ووعدتهم‮  ‬ان اكون محل ثقتهم‮ ‬،‮  ‬وان اكون جارا حقيقيا‮  ‬وعلى الفور اتصلت‮ ‬ُ‮ ‬برئيس حراستي‮ ‬وأمرته أن‮ ‬يخلي‮ ‬الشارع من الحراسة‮ ‬،‮  ‬وأن لا تصحبني‮ ‬إلاَّ‮ ‬سيارتي‮ ‬وحارسٌ‮ ‬واحد بلا أضواء أو أصوات لهم وعلى‮  ‬الفور اتصلت برئيس‮  ‬حراسي‮ ‬وامرته بان‮ ‬يخلي‮ ‬الشارع من الحراسة وان لا تصحبني‮ ‬الا سيارتي‮ ‬وحارس واحد بلا اضواء او اصوات‮  ‬وان‮ ‬يسحب الحارس المتواجد في‮ ‬مدخل العمارة‮  ‬وتعهدتُ‮ ‬له أني‮ ‬مسؤول مسؤولية شخصية عن سلامتي‮ ‬لو حدث مكروه‮ . ‬
وبعد‮ ‬يومين عادت الابتسامة‮  ‬الى جيراني‮ ‬وعادت معهم المودة‮. ‬هؤلاء هم من انتخبهم الشعب فهم افراد منه‮ ‬،‮  ‬عملهم خدمة الشعب وتسهيل حياته لا التضييق عليه‮ . ‬هذا في‮ ‬النمسا وهي‮ ‬دولة معروفة بهدوئها وثقافتها‮ ‬،‮  ‬في‮ ‬حين في‮ ‬دول اخرى‮ ‬،‮  ‬يتعدد المسؤولين وتتعدد الحمايات والحرس والاليات والاسلحة المتنوعة لحماية مسؤول‮ ‬يفترض هو منتخب والمنتخب لا‮ ‬يخاف لا نه انتخب من قبل الشعب‮ ‬،‮  ‬هذا ما‮ ‬يفترض فلم الخوف اذا‮ ‬،‮  ‬الخوف في‮ ‬حالات فقدان الامن ولفقدان الامن اسباب وبالتالي‮ ‬علاج اسبابه ضمان في‮ ‬الامن وعدم الحاجة الى الحمايات والحرس التي‮ ‬تزعج الناس وتكلف الدولة أموالا طائلة دون نفع من ذلك المسؤول الذي‮ ‬كلف الدولة وازعج الناس‮  ‬،‮  ‬فهل نستفيد من تجارب الاخرين في‮ ‬بناء بلادنا ونحسن التعامل دون حمايات وحرس وازعاج وصخب‮ ‬،‮  ‬ام ان البعض لا‮ ‬يحقق ذاته الا بالمشاهد الصاخبة والات التصوير وتعدد سيارات الحماية التي‮ ‬كانت ومازالت تثقل كاهل الموازنة العامة‮ . ‬نتمنى ان‮ ‬يكون هذا الكلام مفيدا وندعو الله ان‮ ‬يصلحنا جميعا لما فيه مرضاة الله والعود على البلاد بالأمن والامان والبناء والاعمار‮ ‬،‮  ‬ان في‮ ‬الاطلاع على تجارب الاخرين منفعة‮. ‬


 


مشاهدات 689
أضيف 2022/03/25 - 11:46 PM
آخر تحديث 2024/08/17 - 11:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 71 الشهر 7290 الكلي 9982834
الوقت الآن
الأحد 2024/8/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير