الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
النفط العربي‮ ‬يحرق المواطن ويدفئ الحكومات

بواسطة azzaman

تحت المجهر‮ ‬

النفط العربي‮ ‬يحرق المواطن ويدفئ الحكومات


موفق الخطاب


سنتطرق اليوم لتأثير ما‮ ‬يجري‮ ‬على حياة المواطن العربي‮ ‬بشكل عام والعراقي‮ ‬بشكل خاص في‮ ‬الدول المنتجة للنفط،‮ ‬فأصبحت الشعوب‮ ‬ينتابها القلق مع أي‮ ‬إرتفاع فلكي‮ ‬أو أي‮ ‬إنخفاض حاد في‮ ‬سعر برميل النفط،‮  ‬وبات المواطن‮ ‬يخشى أن‮ ‬يطاله لهيب النفط ويفتك به وينغص عليه معيشته‮ ‬،‮ ‬على العكس من الحكومات والمتنفذين،‮ ‬فلهم جلود سميكة تتكيف معه ليزيدهم ثراءً‮ ‬ودفئاً‮ .‬
لم‮ ‬يلمس المواطن في‮ ‬الدول النفطية العربية على مدى العقدين الماضيين أي‮ ‬تحسن في‮ ‬مستوى معيشته وسلم راتبه مقارنة بين أدنى و أعلى سعر وصله البرميل‮ ! ‬
فلم‮ ‬يتضاعف راتبه مرات كما تضاعف سعر برميل النفط‮ ‬«بل تضاعف الكادر الوظيفي‮ ‬المترهل كماً‮ ‬وإضمحل نوعاً،‮ ‬وتضاعفت النفقات الغير مدروسة والسرقات الترليونية بالعقود والرواتب الفضائية و الوهمية‮  ‬والهبات الحكومية‮ ‬غير الضرورية عندما تدرج سعر البرميل تصاعدياً‮ ‬من‮ ‬ 30 دولارا صعودا إلى‮ ‬140 $ ‮ ‬لغاية عام‮ ‬ 2014 ‮ ‬ثم اعقبه الهبوط التدريجي‮ ‬ليستقر عند‮ ‬45 $‮ ‬للبرميل ثم ليصل‮  ‬مرة اخرى الى‮ ‬120$‮ ‬اليوم،‮ ‬وربما سيقفز قريبا الى‮ ‬150$‮ ‬في‮ ‬الايام القليلة المقبلة مع اي‮ ‬تطور او تهور في‮ ‬الملف الأوكراني‮ ‬الملتهب‮.‬
كذلك لم‮ ‬يشعر المواطن بالفارق الكبير في‮ ‬الخدمات والبنى التحتية بين الحقبتين فلم‮ ‬يشهد تحسن في‮ ‬البنى التحتية من مدارس ومستشفيات ومصانع ومطارات ولا حلا لأزمة السكن ولا الكهرباد؛ بل على العكس تضاعفت عليه أسعار كل السلع الغذائية والخدمية والعقارية وبما لا‮ ‬يتناسب مع مدخوله مع زيادة معدلات البطالة والجهل والتي‮ ‬اضطرت لكثير من الشباب اما لإدمان المخدرات او الانتحار وللاسف لا‮ ‬يوجد لدينا احصائية دقيقة لنسوقها لكم‮!! ‬
رفع الدعم
ومع حصول أي‮ ‬انتكاسة في‮ ‬أسعار النفط‮  ‬تعود الحكومات بضغط النفقات ورفع الدعم عن الخدمات و مضاعفة وفرض رسوم‮  ‬جديدة واستحصال ضرائب لا تخطر على بال ابليس لمعالجة العجز وربما الذهاب بالإقتراض من صندوق النقد الدولي‮ ‬لتكبيل البلاد،‮ ‬هذا من ناحية رسمية اما ما تقترفه المليشيات والمكاتب الاقتصادية وقطاعي‮ ‬الطرق المحتمين بالحكومة واحزابها فذلك امر مرعب عصيب‮.‬
ومن المثير للجدل أن تبقى الأسعار للسلع اليومية في‮ ‬برجها العاجي‮ ‬دون أي‮ ‬تأثر لها مع كل انخفاض وتقفز لأرقام جنونية مع اي‮ ‬ازمة ومع اي‮ ‬ارتفاع لسعر برميل النفط‮!! ‬
يحدث هذا في‮ ‬القطاعات التي‮ ‬تسيطر عليها كبريات الشركات والتجار والموردين،‮ ‬والذي‮ ‬تمثل لهم هذه الأزمة وغيرها فرصة ذهبية للإبقاء على مستوى الأسعار دون مراعاة لما‮ ‬يطرأ على اسعارها عالمياً،‮ ‬وفي‮ ‬الاونة الاخيرة وخاصة مع أزمة جائحة كورونا دخل طرف ثالث قلب المعادلة على الجميع الا وهو الناقل الذي‮ ‬غير اتجاه البوصلة تماما فتعقدت الامور وتضاعفت الاسعار بين المــنتج والمورد والناقل والمستورد نزولا الى تاجر الجملة والمفرد ثم رسوم الحكومة ال‮ ‬vat او ما‮ ‬يسمى ضريبة القيمة المضافة التي‮ ‬تزداد عاما بعد عام وقد تصل ربما الى‮ ‬25‮ ‬في‮ ‬بعض الدول‮!! ‬ومع هذه الازمات المتراكبة كقطع الليل المظلم زادت الطين بلة الحكومة العراقية بولوجها النفق الذي‮ ‬سلكته وزارة المالية بالتدخل في‮ ‬سعر الصرف دون دراسة مستفيضة ولا تحوط لارتداداته‮  ‬ليترنح المواطن تحت هذه السياط التي‮ ‬لا ترحم وغدا كالريشة تتلاطمها الأمواج و الرياح‮ ‬،‮ ‬وبذلك سيكون الضرر الذي‮ ‬يقع على المواطن مركباً‮ ‬ومن الصعب الانفكاك منه‮.‬
وتتناسى بعض الحكومات بأن ليس واجبها المحافظة والدفاع عن الأوطان مع اهميته بل هنالك أمر أسمى من ذلك وهو‮  ‬الحفاظ على من‮ ‬يقطن تلك الأوطان وتجنيبهم أي‮ ‬نوع من المخاطر والمجاعة والفاقة والفقر‮ ‬،‮ ‬خاصة في‮ ‬مجال عيشهم ورزق‮ ‬يومهم،‮ ‬وعلى وجه الخصوص الحفاظ عليهم من تقلبات السياسة النفطية وإيجاد آلية لضبط المستوى المعاشي‮ ‬لهم،‮ ‬وبما‮ ‬يتناسب مع المدخول القومي‮ ‬وتفعيل الصندوق السيادي‮ ‬ليكون المواطن بمنأى عن المضاربات والتقلبات التي‮ ‬تعصف به دون ذنب،‮ ‬ويشمل ذلك الإجراء الوقائي‮ ‬للقطاعين العام والخاص،‮ ‬مع إعادة النظر ببرنامج الدعم الحكومي‮ ‬الذي‮ ‬يستنزف المبالغ‮ ‬الطائلة وبطريقة‮ ‬غير متقنة ومدروسة،‮ ‬فمن المفترض أن‮ ‬يكون الدعم موجهاً‮ ‬للمواطن حصراً‮ ‬ولشرائح معينة تستحقه‮ . ‬وفي‮ ‬حال اصرار الحكومات على تجاهل المواطن فقد تصل بعض الشعوب مع انظمتها الى طريق مسدود لا تحمد عقباه و ولات حين مندم‮.. ‬
كذلك‮ ‬يتوجب على الأفراد والشركات والجمعيات والمنظمات مسؤولية وطنية وأخلاقية ليكونون رديفاً‮ ‬للحكومات في‮ ‬تحمل جزء من المسؤولية الواقعة على عاتقهم،‮ ‬فليس من الإنصاف أن نطالب الحكومات بتجاوز تلك الأزمات،‮ ‬والكل‮ ‬يرقب وينتظر وكأن الأمر لا‮ ‬يعنيهم بشيء،‮ ‬بل‮ ‬يتحتم عليهم تفهم الوضع في‮ ‬حالة الكوارث والحروب والنوازل في‮ ‬إعادة النظر في‮ ‬الكثير من حالات الترف والبذخ والصرف‮ ‬غير المرشد في‮ ‬كثير من جوانب الحياة،‮ ‬ولا نغفل عن مقارعة الفساد الذي‮ ‬هو آفة كبرى لا تقل عن أوجه التآمر والخيانة،‮ ‬فالفاسدون هم كالأرضة التي‮ ‬تنخر في‮ ‬أي‮ ‬شيء أتت عليه ثم إن تمكنت منه أردته صريعاً‮ ‬فيجب تتبع الايرادات والفروقات المتحصلة من ايرادات النفط خاصة وتوزيعها بشكل عادل عند الظروف الاستثنائية،‮ ‬لا ان تتسرب لحسابات الفاسدين ويتحمل المواطن لوحده المحنة‮.‬
ومثلما نطالب الحكومات بإيجاد بدائل لتنويع الموارد وألا‮ ‬يكون اقتصادها أحادي‮ ‬الجانب،‮ ‬كذلك‮ ‬يقع على الجميع التفكير الجدي‮ ‬في‮ ‬تنويع مصادر الدخل بالإبداع في‮ ‬جوانب عديدة من الحياة وإحياء نشاطات كانت بالأمس مصدراً‮ ‬مهماً‮ ‬من مداخيلنا كالزراعة والصيد والحرف اليومية كالصناعة والسياحة،‮ ‬وصعوداً‮ ‬إلى تنشيط كافة أنواع الاستثمارات لتتشكل لدينا رويداً‮ ‬رويداً‮ ‬قاعدة من مصادر الدخل على المستوى الحكومي‮ ‬والشعبي‮ ‬بما‮ ‬يجعلنا بمنأى عن أي‮ ‬مخاطر على المدى البعيد‮. ‬فما أروع أن تمتد وتتحد أواصر الثقة والتعاون بين الحكومات التي‮ ‬تخلص لشعوبها ومواطنيها لتخطي‮ ‬الأزمات‮. ‬


مشاهدات 809
أضيف 2022/03/11 - 6:35 PM
آخر تحديث 2024/11/22 - 6:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 186 الشهر 9310 الكلي 10052454
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير