تسجيل المحلات وتوثيق محطاتها وأحداثها
النجماوي لـ (الزمان ): تزايد إهتمام الموصليين بأرخنة مناطقهم القديمة
الموصل - سامر الياس سعيد
يلمس المتابع لمكتبات مدينة الموصل اهتماما متزايدا بالكتب التي تتحدث عن محلات ومناطق المدينة القديمة وكانه حنين جارف اطلقه عدد من مؤرخين والباحثين المعنيين بارخنة تلك المناطق ليحيطوا مثل تلك المناطق بمقالاتهم واستذكاراتهم حولها فبرزت من بين رفوف تلك المكتبات اسماء لمحلات قديمة بدت راسخة بالذاكرة لياتي مثل هولاء الكتاب والباحثين ساردين من خلال اصداراتهم كل ما احاط بتلك المناطق من احداث وحكايات وكانهم بذلك يبادلون الوفاء لاجيال سابقة عملت على بناء المدينة لبنة لبنة واسهموا بترسيخ تاريخها وتراثها وتقاليدها التي اضحت اسوارا لاتعرف الاختراق من قبل الغرباء والغزاة ..
ومن بين هولاء المؤرخين يبرز اسم الباحث والكاتب قصيد النجماوي الذي تحفل مسيرته مع الاصدارات بثلاثة اصدارات مهمة اعتنت بتلك المناطق الموصلية القديمة وحظيت تجربته الغنية مع توثيق محطات تلك الاحياء القديمة بالاهتمام والمتابعة خصوصا في اوساط اهالي تلك المناطق وكانهم من خلال الكتب التي تتحدث عن مناطقهم يسهمون بابراز تاريخهم العريق ووقفتهم الموصلية الاصلية كديدن اجدادهم ومن سبقوهم في اجيال متعاقبة ويقول النجماوي عن محلة النبي شيت بعد ان كان قد اصدر كتابه الاول عنها في وقت سابق بان التجول في ازقة الموصل القديمة يجعلنا.
عبق الماضي
نستنشق عطر وعبق من الماضي وتجول في خاطرك ذكريات من أيام الصبا ورفاق المحلة والجيران بحلاوتها ومرارتها ويسترسل النجماوي حينما يقول عن مهمته في ارحنة تلك المناطق حيث يصفها بكونها دين في أعناقنا لنجسد أدوار الناس الذين سبقونا بعقود من السنين ورحلوا إلى حياة الاخرى لننقل قصص حياتهم لنعيش بها الحاضر ونعبر إلى المستقبل لنجعل من تجاربهم نبراسا يضيء درب الجيل القادم , تلك القيم والأفكارالتي حملها أجدادنا الذين بنو حضارة وثقافة وأرسو عادات وتقاليد رائعة لتستمر الحياة على هذا البناء القديم ذات الاسس القوية والمتينة .
اما عن مهمته في ارخنة محطات من محلة النبي شيت فيقول النجماوي بان هذه المحلة من الاحياء السكانية القديمة التي بنيت خارج سور المدينة القديمة في نهاية القرن الثامن عشر على شكل بيوتات متفرقة على أطراف المقابر التي كانت بالمنطقة ،وأدخلت المنطقة ضمن التخطيط العمراني لبلدية الموصل
وفي عام 1930م نتيجة التوسع العمراني وزيادة سكان المدينة لاحظنا (والكلام للنجماوي )عدم أختلاف العادات والتقاليد الموجودة في الاحياء القديمة مثل محلة باب البيض ومحلة باب الجديد ومحلة رأس الجادة وغيرها من الاحياء داخل سور المدينة القديمة كون السكان زحفوا من تلك المناطق المشار اليها سابقا وكلاهما من منبع واحد .
اما عن تسمية المنطقة بهذا الاسم فيقول النجماوي بان المنطقة سميت هذا الاسم لوجود جامع النبي شيت أو ( شيث ) بالثاء ومعنى كلمة شيث هي ( هبة الله ) وهو من ذرية ابونا أدم عليه السلام حيث عند ولادته كان سيدنا ادم قد تجاوز عمره ( 250) عاما ليعوضه الله سبحانه وتعالى عن مقتل أبنه راعي الغنم (هابيل ) وقد خلق الله جلا جلاله ادم من أديم الارض من عذبها وملحها من صلصال كالفخار ومن ثم سمي ادم عاش سيدنا ادم ( 930) عاما وهو أول المرسلين إلى البشر وقد ولد له شيت ومنه ولد البشر عاش النبي شيت
(912) عاما وانجب أنوش وابن انوش اسمه قينان
أولاد قينان مهلائيل وابن مهلائيل اسمه اليارد
أولاد اليارد – أنوخ وهو النبي ادريس وقد سمي ادريس لكثرة دراسته في الذات الالهية وتوفي وعمره ( 365 ) عاما وأعقب ولد أسمه متوشلخ والذي بدوره اعقب ابنه لملك
أولاد لملك- نوح وهو أول نبي بعد أدريس وكان نجارا عاش ( 950 ) عاما وهو الذي بنى الفلك وبقى فيها بالماء 150
يوما حتى استقرت السفينة على جبل الجودي .
كما يقف الباحث قصيد النجماوي عن محطات من تاريخ المنطقة فيقول بان منطقة النبي شيت قبل عام (1900) عبارة عدة مقابر تكثر حول الجامع ومقبرة تلة ريمة ومقبرة العناز ومقبرة الرضواني ،وتكثر في المنطقة الخانات التي تستخدم في أيواء الخيول والاغنام والجمال اضافة إلى استخدامها من قبل التجار كمبيت فيها مع تجاراتهم وحيواناتهم .
ولايكتفي النجماوي في مسيرته التاليفية بابراز محطات منطقة النبي شيت فحسب بل ايضا قام بتوثيق عدد من المحلات والمناطق الموصلية عبر كتب بعضها صدر ككتاب رأس الجادة في القرن العشرين اما الكتابين اللذان ينتظران نصيبهما من الطبع فهما كلا من كتاب ب محلة خزرج والساعة و كتاب عن عشيرة النجماويين اضافة لاعداده لمسلسل تلفزيوني بعنوان كهوة رشودي.
فكرة التوثيق
وديوان شعر تحت عنوان (قوارب ) ومن خلال تلك المحطات يبرز الباحث قصيد النجماوي عن بداياته في مسيرة الكتابة فيقول بانها تحولت من مرحلة الهواية إلى التمكنية عام 2003 م بعد إن استهوته فكرة توثيق الحي الذي ولد وترعرع فيه مستذكرا ايام الصبا وملاعب الطفولة فشمر عن ساعديه ممسكا قلمه ودفتر ملاحظاته واخذ يبحث وينقب في الكثير من الدفاتر القديمة للوصول إلى الاصول لتدوين الفن المدفون في تاريخ مدينة الموصل وبالذات الاحياء الشعبية منها واخذ يلتقي بالرجال والنساء من كبار السن واعمدة القوم والمثقفين والمورخين وقراءة المصادر الالكترونية والمكتوبة للبحث عن المادة الادبية المطلوبة وكانت بدايته للكتابة من منطقته راس الجادة لكونه احد رجالاتها وعلى دراية بكل شاردة وواردة وتوثيقها من خلال التعلولات والزيارات وتسجيل الاحداث التاريخية والبطولات لعوائل المنطقة من بداية القرن العشرين ممن عاصروا الحدث مثل (ضربة راس الجادة ) اوممن نقلها سماعي من ابائهم او اجدادهم وانغمس الباحث بالعمق التاريخي والعشائري لسكان المناطق التي درسها ميدانيا ومهنهم واعمالهم اليومية ومناسباتهم من افراحهم واحزانهم ومقاهي فراغهم مثل ( قهوة رشودي ) والتي يصفها بكونها منتدى فكري وملتقى للمثقفين واعمدة القوم من اهالي المنطقة والمناطق المجاورة كما زاد من اصراره بالكتابة اتصال مقدم احد البرامج التاريخية من تلفزيون الموصل ( المرحوم واثق الغضنفري ) حيث كلفه الاخير بكتابة حلقة عن البراخين وهي عملية النقل بالجمال (البعران ) لتقديمها في برنامج (عالموصل دنحكي) الذي كان يحظى بشعبية واسعة في سنوات ما قبل سيطرة تنظيم داعش على المدينة فكانت بمثابة الحافز القوي والمشجع (كما يصفها النجماوي ) لتقديم حلقة كاملة عن راس الجادة فكانت من اعداده وعلى اثر ذلك بدا المؤرخ ازهر العبيدي بزيارته وطلب منه تقديم المساعدة في كتابة موسوعة العوائل الموصلية عن سكان راس الجادة وعوائلهم والقابهم وعشائرهم بينما اعلن المؤرخ ازهر العبيدي عن تعاونه.
مشاركة معرض
من خلال تنقيح وتصحيح كتاب راس الجادة وبالفعل خرج الكتاب إلى النور وشارك في معرض الكتاب الثالث المقام في نقابة المعلمين بالموصل ونفذ من الاسواق بسرعة تفوق كتب لباحثين وكتاب معروفين على مستوى الموصل والعراق حيث نفذت (1000) نسخة من الاسواق بفترة الشهرين وهذا يدلل على رصانة المواضيع وكفاءة الكاتب رغم تجربته الأولى في النشر ، كذلك استمر في الكتابة عن الاحياء الشعبية لمدينة الموصل ( دراسة ميدانية ) عن مناطق خزرج والساعة ومنطقة النبي شيت وكتاب عن انساب وبيوتات عشيرة البونجمة الحمدانية في الموصل وكذلك قام بكتابة عدد من القصائد الشعرية وله البوم شعري تحت عنوان ( قوارب) ..
كما يحرص على نشر مقالاته وكتاباته في عدد من المواقع والصحف ومنها في جريدة طيبة الورقية وجريدة المدينة الاقتصادية وجريدة المنار الدولية الالكترونية .. فيما يعد ان هنالك عدد من المؤرخين الموصليين ممن قدموا عصارة جهدهم للحفاظ على موروث المدينة وتراثها الزاخر حيث يتوقف عن اسماء كالمؤرخ سعيد الديوجي و معن ال زكريا والبروفيسور الدكتور احمد قاسم جمعةواللواء ازهر العبيدي والمؤرخ عماد الربيعي والكاتب رعد على مصطفى الطائي والكثير ممن يعتذر عن ذكر اسمائهم فيما يلتفت لتوجه المؤسسات الاكاديمية لاسيما بقيام. جامعة الموصل وبالتحديد مركز دراسات الموصل للالتفات للجهد التوثيقي الذي يبرز من خلال الباحثين والكتاب متاملا بان يتم تشكيل لجنة لمتابعة الموضوع والاجتماع بهولاء الباحثين ودعمهم لاكمال هذا المشروع العملاق عن المدينة القديمة للموصل قبل ان تنتهي هذه الازقة والبنايات وتحويلها الى احياء حديثة كما يرتاي النجماوي ضمن افكاره الداعمة للاهتمام بمروث المدينة لتشكيل وتاسيس جمعية خاصة بالباحثين وممن كتب عن المدينة القديمة وجمع نتاجاتهم والتي تصل الى حدود 15كتاب عن احياء المدينة القديمة وتحو يلها الى مجلد واحد تحت عنوان احياء ومناطق ومحاليل الموصل القديمة على ان تتبنى وزارة الثقافة العراقية مشروع دعم الكتاب من خلال طبعه في احد دور النشر العربية وبطباعة انيقة وجميلة عازيا تزايد الاهتمام بتراث الموصل ومناطقها القديمة والذي بدا بالتزايد في غضون السنوات القليلة الماضية لان معظم الناس كانو ا يعتمدون على القصص السمعية في التعلولات والمضايف والمقاهي. اما في الاونة الاخيرة فقد تم الكتابة عن تلك المناطق مصحوبة بالصور والوثائق كذلك اسهمت مثل تلك المؤلفات بتسليط الضوء على مواقف وطنية ابرزها اهالي تلك المناطق في الدفاع عن الموصل وقدموا في سبيل ذلك شهداء حيث تستدعي مثل تلك التضحيات التي قدمت اهتمام شريحة شباب المدينة كونهم يبحثون عن المعلومة الصحيحة والموثقة عن تاريخ عوائلهممشيرا الى ان اكثر المواضيع التي تم التطرق اليها عبر مؤلفاته جاء ت عن طريق الدراسة الميدانية واللقاء بالعوائل وكبار السن من الرجال والنساء والاعتماد على الوقائق العثمانية لهذه العوائل كذلك الاعتماد على بعض المصادر رغم ندرتها لكون الكتابة عن تاريخ الفلكلور والتراث الموصلي قليل ويعد بعدد الاصابع.