شجاعة اللجنة كشفت المنهوب
جاسم مراد
ليس هناك دولة في المعمورة ، تصرف المليارات على وزارة واحدة دون أن تعرف أين صرفت ولماذا لم يتحقق شيئا يذكر من تلك المليارات ، إلا في العراق ، وهذا الوضع يعبر بشكل اكيد بأن النهابين اقوى من الدولة ، وان قوانين الدولة ليس مسموح لها الاقتراب من تلك الشخصيات وما يلتحق بهم من افراد وقوى مستفيدة من ذا الذي يجري في وزارة الكهرباء .
وزارة الكهرباء وحدها صرفت ( 81) مليار دولار من عام ( 2005) حتى عام (2020) ولم تحقق أي منجز ، بل هي في تراجع مستمر ، وهذا الرقم من الأموال الصعبة ليس بإمكانه تشغيل الكهرباء بشكل مستدام ، وإنما بناء دولة جديدة بكامل المواصفات الحديثة .
لقد نجحت اللجنة البرلمانية برئاسة السيد الكعبي النائب الأول لرئيس البرلمان ، في الكشف عن أزمة خانقة طالما تربعت بثقلها القاتل على حياة العراقيين ، والنقص في هذه اللجنة هو عدم الشروع بكشف أسماء الوزراء والمدراء العامون والشركات والموظفين وغيرهم الذين بلغ عددهم اكثر من ( 1122) شخصا اشتركوا في تبديد الأموال أو سرقتها بطرق مختلفة أو التغاضي عن ماجرى في هذه الوزارة ( الأفوية ).المواطنون والمتابعون لازمة الكهرباء في العراق ، يتسألون هل إن رئاسات مجالس الوزراء منذ 2005 وحتى 2020 لاعلم لها طيلة ( 15) عاما بهذه الأموال المصروفة على الكهرباء والبالغة ( 81) مليار دولار دون أن تحقق أي منجز بل إن الطاقة الكهربائية في تراجع وتوقف دائم ، فإذا كانوا لا يعلمون ، فماهي مسؤولياتهم إذن وإذا كانوا يعلمون فالمصيبة أعظم ، وهذا يعني بالتأكيد إن هناك خططا خفية وعلنية لتهميش واضعاف العراق وصولا لتفكيكة لكي يصبح دولة موزعة على الاقطاعيات السياسية .الشعب شخص الخلل منذ منذ 2011 عبر تظاهرات ومواقف رفض للنظام القائم وتجلى ذلك في الانتفاضة التشرينية الشبابية ، بأن هكذا سلطة نظام موزعة على المذاهب والعرقيات لايمكنها أن تبني دولة ، ومثل هذا النظام الذي يخشى الاعتراف بالفشل ، ويبتعد على طول الخط عن وطنية الدولة ، هو الذي انتج شلل النهابين والفاسدين .هذا الذي كشفته اللجنة البرلمانية مشكورة في وزارة واحدة ، ماذا عن الوزارات الأخرى ، حيث لاتوجد مراقبة ومحاسبة ، وان وجدت فإنها تخشى مجموعات المطاردة والاغتيال لكل من يشخص عمليات النهب للمال العام ، والامر ينعكس على العديد من المحافظات ، وهو بالضرورة أزمة نظام لايمكن معالجتها إلا عبر التخلص من نظام المحاصصات وبناء سلطة ونظام وطني يعتمد على الكفاءة والنزاهة والوطنية. لقد بات واضحا أمام كل القوى الحاكمة ، إن أسباب الازمات وعدم تحقيق المطالب الدنيا للمجتمع هو تغليب الولاءات الكتلوية والحزبية والمذهبية والعرقية على الولاء للوطن والشعب ، مما أسس ذلك الى صعود الفئات الطفيلية وتلك التي تعتاش على موائد السلاطين وأصحاب الجاه والانتهازيين وتشكلت منهم طبقات ثرية حاكمة لايهمها قطعاً نزول الدولة الى حالة من التردي بحيث لاتتمكن من المحاسبة ولاتستطيع معالجة الوجع المؤلم لعموم فئات الشعب .
وامام ذلك يصبح السؤال مشروعا ، اين هم المفتشين من كل ماحدث في وزارة الكهرباء ، وأين تلك الرقابة ، ثم اين الدوائر الساندة وغيرها من المسميات ، الا يعني تأسيسها هو لارضاء التوزيعات على الكيانات الحاكمة ، وليس لحاكمية العمل لمصلحة الدولة وقوانينها. لقد نجحت لجنة البرلمان في كشف المخفي ونأمل استمرارها في الوزارات الأخرى نزولا للمحافظات كي يبقى الحكم للشعب سيما ونحن أمام انتخابات برلمانية جديدة ..