إستمرار حملات رفض القانون وسط مخاوف عودة أساليب القمع و تقويض الحريات
أول محاولة إغتيال ضد المحتجين على قانون الجرائم الألكترونية
بغداد - قصي منذر
تعرّض ناشط تصدي لمشروع قانون جرائم المعلوماتية، الأربعاء، لمحاولة اغتيال نفذها مسلحون في منطقة الطالبية في بغداد .
وقال ناشطون على تويتر إن (مسلحين أطلقوا وابلا من الرصاص على أكرم عذاب، بعد مشاركته في وقفة احتجاجية أقيمت مساء الاربعاء في بغداد) رفضا لإقرار قانون جرائم المعلوماتية، الذي يعتزم البرلمان تشريعه قريبا. وتم نشر مقاطع مصورة للحظات الأولى لإصابة عذاب، وظهر فيها ممد على الأرض، فيما يحاول أشخاص نقله للمستشفى.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن (المشرعين العراقيين يدرسون مشروع قانون بشأن جرائم تقنية المعلومات يمكن استخدامه لخنق حرية التعبير). تتعرض حرية التعبير بالفعل للهجوم في العراق، ففي 23 تشرين الثاني الجاري ناقش البرلمان مسودة القانون، وقرّروا إجراء قراءة ثانية له خلال أسبوع 29 تشرين الثاني.
مشروع قانون
يتضمن مشروع القانون أحكاما غامضة تسمح للسلطات بأن تعاقب بشدة التعبير الذي ترى أنه يشكل تهديدا للمصالح الحكومية أو الاجتماعية أو الدينية. ونشر ناشطون تغريدات قالوا فيها (محاولة اغتيال لكل من عمر فاروق واكرم عذاب وسط بغداد سلامات اخوتي الابطال ان شاء الله سلامات هذا الطريق نعرفه جميعا و لكن مع هذا.. هذا وطننا و لن نتخلى عنه). وذكر آخرون أن( حالة أكرم عذاب غير مسقرة، بعد أن تم نقله لإحد المستشفيات القريبة لتلقي العلاج). وواصل ناشطون واكاديميون وبرلمانيون حملات الرفض لاقرار قانون جرائم المعلوماتية بسبب تضمنه فقرات واحكاما فضفاضة تقوض الحريات المكفولة بموجب الدستور , داعين الى اعادة صياغة القانون بما يضمن عدم انتهاك الحقوق , فيما حددت لجنة الامن النيابية موعدا للتصويت على القانون.
وقال القاضي رحيم العكيلي ان (اهم الانتقادات العامة ضد مشروع القانون تتمثل بصياغاته التي لا تتفق مع اصول النصوص العقابية لعدم انضباطها او دقتها،مما تشكل خطرا على حرية الراي والتعبير وتعد تهديدا لحرية الاعلام والنشر والطباعة), مؤكدا (ابتعاد القانون عن حماية مستعملي الحاسبات والانتريت ونظم المعلومات، واكتفائه بالتركيز على الجرائم التي تحمي السلطة من جهة وتسعى للتضيق على حريات الافراد من جهة اخرى بخلاف الهدف من قوانين جرائم المعلوماتية التي تستهدف حماية حقوق مستعملي تلك التقنيات وحماية الغير منهم).
بدوره , دعا رئيس كتلة النهج الوطني عمار طعمة الى ضرورة التوازن بين حفظ الحريات الخاصة والعامة وصيانة الامن والنظام الاجتماعي العام لكي لايحصل افراط او تفريط يتجاوز حق الفرد اوالمجتمع المكفول دستوريًا .
وشدد طعمة في بيان تلقته (الزمان) امس على (اهمية التناسب بين المخالفة او الجريمة والعقوبة المقررة عليها ، فاذا كانت العقوبة مبالغ فيها فستخرج من حد العدالة كما ينبغي ان يصون القانون الرقابة والمساءلة الشعبية على السلطات ونقدها وتقويم أدائها بالوسائل والأساليب المقرّة قانونيًا), مبينا ان (القانون يشرك بين جرائم متعددة في طبيعتها ومختلفة في شدة الضرر بعقوبة واحدة وهو ما يجعل فعل شديد الضرر بعقوبة اقل مما يستحق ويجعل مخالفة بسيطة بعقوبة اشد مما تستحق, اذ لابد من تحديد التعاريف بحدود تامة واضحة بعيدا عن المفاهيم المجملة القابلة لكثرة التفسيرات وتعدد التقديرات في مقام التطبيق والتنفيذ).
اجهزة الكترونية
وتابع ان (القانون يجعل استعمال الأجهزة الإلكترونية في ارتكاب الجريمة بتمام أركانها والشروع باستعمال الأجهزة دون وقوع الجريمة بعقوبة واحدة , حيث يفرض عقوبة السجن المؤبد لمن استخدم الأجهزة الإلكترونية بقصد ارتكاب جريمة المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها ، وهذا المفهوم عمومي فكما انه يشمل من يقود فعل ميداني على الأرض يهدد وحدة وسلامة البلاد قد تشمل من ينشر مقالا فيه افكار تعارض وحدة البلاد ، ومن الواضح ان الفرق بين آثار وضرر الفعلين كبير فلا يمكن ان يشملا بنفس العقوبة). فيما اكدت هيومن رايتس ووتش ان القانون يتضمن أحكام فضفاضة مبهمة وعقوبات وحشية تهدد الإعلام والنشطاء. وقالت المنظمة الدولية في تقرير ان (مشروع قانون جرائم المعلوماتية من شأنه تقييد حرية التعبير في خرق واضح للقانون الدولي، وتهديد كل من الصحفيين والأفراد الذين يكشفون عن وقائع فساد والنشطاء السلميين كما يشتمل القانون الذي لم يصدر بعد على أحكام فضفاضة مبهمة تسمح للسلطات بأن تنزل عقوبات قاسية بمن يعبرون عن آراء تراها الحكومة تهدد المصالح الحكومية أو الاجتماعية أو الدينية), مطالبا مجلس النواب بـ (عدم الموافقة على هذا القانون دون أن يراجع القيود الواردة فيه على الحقوق أو أن يلغيها), مؤكدا ان (القانون سيئ الصياغة ويتضمن عقوبات وحشية تنتهك حقوق إجراءات التقاضي السليمة وحرية التعبير), وخلص التقرير إلى أن (مشروع القانون جزء من جهد أوسع تبذله السلطات لقمع المعارضة السلمية من خلال تجريم المشاركة المشروعة للمعلومات من قبل النشطاء). وحددت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية الاسبوع المقبل للتصويت على قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، فيما اوضحت سبب تغيير تسمية القانون من المعلوماتية إلى الإلكترونية. وقال عضو اللجنة كاطع الركابي في تصريح امس إن (القانون تغير اسمه إلى الجرائم الإلكترونية في الجلسة الأخيرة للجنة), وأضاف أن (تغيير التسمية ليكون أكثر شمولية لأن جوهر القانون هو حفظ حرية الإنسان وحماية حقوقه، على عكس ما يشاع في بعض الصحف والقنوات الإعلامية ومن قبل بعض الأشخاص الذين يريدون الإساءة الى القانون), مؤكدا ان (طرح القانون منذ الدورة النيابية الثالثة للبرلمان وعقدت العديد من اللجان والورش داخل العراق وخارجه، وأثبتت فعاليته من خلال طرح الأفكار و تبادلها), وتابع ان (اللجنة في الدورة الرابعة عقدت عشرات الندوات، وضيفت الكثير من ممثلي اللجان المساندة والفرق الاستشارية ومجموعة من القضاة والأمن الوطني ومنظمات المجتمع المدني، وتم التفاعل مع جميع هذه الفئات، لنخرج بقانون يخدم المجتمع، ويحافظ على السلوكيات في مواقع التواصل الاجتماعي).