غرناطة المملكة العربية الأخيرة
جاسم مراد
الدولة النصرية أو بني نصر هي أخر دولة إسلامية عربية قامت في الأندلس سنة 635هجرية عام 1237ميلادية وسقطت سنة 1492ميلادية ، المعروفة باسم مملكة غرناطة في الاندلس ، وما يثير الدهشة إن مملكة غرناطة والاندلس عموما لم تكن لتسقط لولا التناقضات بين ملوكها حيث تفيد التقارير المكتوبة في كراسات باللغات العربية والاسبانية والإنكليزية والفرنسية بأن الصراع الذي نشب بين ملوك وقادة الاندلس عموما وغرناطة على وجه التحديد هو الذي ساهم في سقوط غرناطة سنة 1492.
فبعد ( 800) عام للحكم العربي للأندلس بعد فتحها من قبل القائد عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش سقطت الاندلس واخر قلاعها سقط هي غرناطة كما تذكر الكتب والكراسات التي توزعها المواقع الإعلامية في قصر الحمرا سنة 1492 ميلادية ،وتفيد المدونات بأن قرطبة تحديدا والاندلس عموما شهدت تنويرا واضحاًًفي المباني والطرقات والجسور ، وسادت العلاقات الاجتماعية بين مختلف القوميات والديانات الوئام ، لم تشهد مثله الاندلس من قبل ، وكان مسجد قرطبة الرائع في البناء والهندسة والزخرفة التي تحيط اركانه ودواخله الأيات القرئا نية وكان ابرزها للزائر كلمة (الله هو الحافظ ) .
مختلف ابنية
وبالقرب من هذا المسجد الرائع تقع مدينة الزهراء الملكية التي بنيت على احدث الطرق الإسلامية التي تدعمها الشناشيل الجميلة ، ولما ينظر السائح لمختلف الابنية إن لم يكن جميعها وكذلك الدور في الوقت الحاضر في مدينة غرناطة يجدها مأخوذة عن الطراز الإسلامي العربي في الهياكل والألوان وتركيبة البناء، مما يعيطها ميزة عن كل اشكال البناء في المدن الأوروبية الأخرى ، وترجع الاخبار مثلما هو مدون في ( دليل الحمراء عن قرب ) بأن اعمال البناء الاولى في هضبة الحمراء يرجع الى ربيع سنة ( 889) ميلادية خلال حكم الأمير عبد الله .
وفي قرطبة عام ( 929) جرت تغييرات مهمة فتم توزيع الأراضي وتحسنت الحالة الاجتماعية واسست قواعد عسكرية واجتماعية ومحاكم القضاء وقواعد اجتماعية مدنية ضمن الإدارة المركزية وتسامحاً في العلاقات الشخصية مما يعطيها تقدماً قروناً عن المدن الأوروبية الأخرى ، مما دفع الكثير من الناس على اختلاف دياناتهم اللجوء الى قرطبة والعيش فيها والمساهمة في الزراعة والبناء وبعض الصناعات الأخرى .
صنع التاريخ مالم يصنعه الحاضر
إن زيارة هذه المدينة وبالخصوص قصر الحمراء والجامع تتطلب ساعات طويلة للتعرف على خواص ابنيتها ومعالمها وزخارفها ، وهنا لا ابالغ عندما دخلنا قصر الحمراء وحدائقه والجامع وما يرتبط به من ابنية ودور وقصور الحاكمين قضينا ( 7) ساعات ولم نتمكن من الانتهاء من تلك القصور لضخامتها وسعة ابنيتها وجمال زخرفتها ، والشيء الذي يثير التساؤل في تلك المرحلة التاريخية المهمة من حكم العرب المسلمين الذي دام ( 800) عام هو الاهتمام بالموسيقى والفن ، وتكتشف ذلك من بيت زرياب القريب من هذا القصر العملاق وهو يعلم الشبان والشابات على الفنون والموسيقى .
ورغم مرور ( 800) قرن على نهاية الحكم العربي الإسلامي للأندلس عموما وقرطبة خصوصا إلا إن الزائر يلاحظ بشكل أساس الطابع الإسلامي من اقواس وزخرفة وهياكل تجبر الزائر للوقوق امامها لمعرفة العقلية الإبداعية الهندسية التي بنت تلك القصور ، ولكن عند العودة لتاريخ بلاد الرافدين والبلدان الإسلامية الأخرى تجد بأن هذه العقلية هي نتاج عقلية بناة التاريخ القديم الذي تفوق على كل ما سواه من بلدان العالم الاخرى . وهنا نسأل امانة بغداد والجهات المعنية الأخرى ، لماذا نحن نغادر شناشيلنا وأماكن تاريخنا ، وقرطبة تتمسك بذلك التاريخ ..؟
نشاط سياسي
باحة الرياحين التي بناها الأمير محمد الخامس بعد اغتيال ابيه يوسف الأول السلطان الغني بالله وأضاف عليها قاعة البركة عام 1367وباحة الرياحين عام 1370وقصر الحمراء كان مهتما بالنشاط السياسي والدبلوماسي .ويشير كراس الحمراء عن قرب ، بأن شرح ابن الخطيب وهو الأكثر انتشاراً من بين الكثيرين بأن اسم الحمراء جاء هو نتيجة الألوان الحمراء التي تصدر عن المشاعل خلال عملية البناء لسورها اثناء الليل ، وكانت المدينة تبدو حمراء بسبب المشاعل وكثر الحديث بين المسلمين بأن هذا القصر احمراً لكثرة المشاعل ، وهكذا اطلق اسم الحمراء على قصر الحمراء ، هذا رأي وليس الرأي الوحيد ، وإنما هناك اراء أخرى . والملاحظ إن الحمراء ليس بناءً شيد في مرحلة زمنية وتاريخ معين امتد لثلاثة قرون ، وإنما هو تاريخا متواصلاً في الحضور والبناء ، ولازال المعنيين في هذه المدينة يرممون ويحسنون ويطورون مع المحافظة على اصل البناء ، وهناك ملاحظة أخرى ، من انه رغم هناك بناء شيد في الحمراء للقياصرة والكنائس ، إلا ان السواح يتوقفون اكثر للحمراء العربية الإسلامية لجمالية بناءها وفنون صناعة هياكلها وهكذا صنع التاريخ مالم يصنعه الحاضر .