الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الدولة‭ ‬المدنية مهددة‭ ‬بالعشائرية‭ ‬والعرقية

بواسطة azzaman

الدولة‭ ‬المدنية مهددة‭ ‬بالعشائرية‭ ‬والعرقية

نزار محمود

 

تعبر‭ ‬الدول‭ ‬المدنية‭ ‬التي‭ ‬تحكمها‭ ‬مؤسسات‭ ‬وقوانين‭ ‬عن‭ ‬الصيغة‭ ‬المتحضرة‭ ‬للأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬العصرية‭ ‬والتي‭ ‬تمخضت‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬تطور‭ ‬حضاري‭ ‬امتد‭ ‬لمئات‭ ‬السنين‭ ‬التي‭ ‬عاش‭ ‬فيها‭ ‬البشر‭ ‬وفق‭ ‬انماط‭ ‬علاقات‭ ‬عشائرية‭ ‬وقبلية‭ ‬وأسرية‭ ‬وغيرها‭.‬

ولأسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬تكاثر‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬وتصاهراته‭ ‬وتداخل‭ ‬أنسابه،‭ ‬وما‭ ‬حصل‭ ‬من‭ ‬هجرات‭ ‬ونزوح،‭ ‬وحروب‭ ‬وغزوات‭ ‬واحتلالات‭ ‬وتطورات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية‭ ‬وثقافية‭ ‬واجتماعية‭ ‬ومناخية،‭ ‬كلها‭ ‬قادت‭ ‬الى‭ ‬عدم‭ ‬تمكن‭ ‬شعب‭ ‬أو‭ ‬أمة‭ ‬ان‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬نقاء‭ ‬عرقها‭ ‬أو‭ ‬وحدة‭ ‬دينها‭ ‬أو‭ ‬طائفيتها‭. ‬بيد‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬مجموعات‭ ‬اجتماعية‭ ‬يربطها‭ ‬الحسب‭ ‬والنسب‭ ‬مشكلة‭ ‬ما‭ ‬نسميه‭ ‬بالقبائل‭ ‬والعشائر‭ ‬والأسر‭ ‬الكبيرة،‭ ‬تعلمت‭ ‬كيف‭ ‬تتعايش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعي‭ ‬ممثل‭ ‬بالعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬وضوابط‭ ‬الاخلاق‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وبالقوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬التي‭ ‬تقرها‭ ‬وتفرضها‭ ‬الكيانات‭ ‬السياسية‭ ‬الممثلة‭ ‬بالدول‭ ‬والسلطات‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.‬

ومع‭ ‬تقدم‭ ‬الزمن‭ ‬وتطوره‭ ‬الحضاري‭ ‬مالت‭ ‬الكفة‭ ‬لصالح‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وسلطاتها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬القوانين‭ ‬والأعراف‭ ‬للمجموعات‭ ‬البشرية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬قبائل‭ ‬وعشائر‭ ‬ومرجعيات‭ ‬روحية،‭ ‬وانتهت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬الى‭ ‬فصل‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬الدولة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ضعف‭ ‬تأثير‭ ‬مؤسساته‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬وتوجيه‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬أقول‭: ‬حصل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬الحياة‭ ‬وفي‭ ‬اطاره‭ ‬تطور‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬بمؤسساتها‭ ‬وقوة‭ ‬تنفيذها‭ ‬للقوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬واعتراف‭ ‬ابناء‭ ‬المجتمع‭ ‬بها‭ ‬والانصياع‭ ‬الى‭ ‬أوامرها‭.‬

هذه‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تكتسب‭ ‬احترامها‭ ‬وقوة‭ ‬حكمها‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الأمور،‭ ‬منها‭:‬

‭- ‬شرعيتها‭ ‬وشرف‭ ‬توليها‭ ‬الحكم

‭- ‬اخلاقيات‭ ‬حكمها‭ ‬العادل‭ ‬والأمين

‭- ‬كرامتها‭ ‬الوطنية‭ ‬وحفاظها‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬البلد

‭- ‬اعتراف‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بها‭.‬

‭- ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬تردد‭.‬

‭- ‬قدرتها‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬كرامة‭ ‬المواطن‭.‬

إن‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تقوى‭ ‬دولته‭ ‬على‭ ‬التمتع‭ ‬بما‭ ‬أشرنا‭ ‬اليه،‭ ‬تفقد‭ ‬بريق‭ ‬هيبتها‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬ذلك‭ ‬البلد،‭ ‬ويشعر‭ ‬المواطن‭ ‬فيها‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬تحكمها‭ ‬قوانين‭ ‬اخرى‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬للدولة‭ ‬المثلومة‭ ‬الشرف،‭ ‬عندها‭ ‬يروح‭ ‬يذهب‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬قوة‭ ‬عرقية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬روحية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬تحميه‭ ‬وتحقق‭ ‬مصالحه‭.‬

هذه‭ ‬الحال‭ ‬نجد‭ ‬تطبيقاتها‭ ‬الواقعية‭ ‬في‭ ‬عراق‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬

حيث‭ ‬ان‭ ‬شرعية‭ ‬الدولة‭ ‬وشرف‭ ‬قيامها‭ ‬على‭ ‬اثر‭ ‬الغزو‭ ‬والاحتلال‭ ‬مثلوماً،‭ ‬وأنها‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬ولم‭ ‬تتصف‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬حكم‭ ‬مهاب‭ ‬ومحترم‭ ‬ومطاع‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب،‭ ‬مما‭ ‬يدفعهم‭ ‬الى‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬قبائليتهم‭ ‬وعشائريتهم‭ ‬ومرجعياتهم‭ ‬الروحية‭ ‬غير‭ ‬المتصالحة،‭ ‬للأسف،‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬لا‭ ‬يربطها‭ ‬ببعضها‭ ‬الا‭ ‬تقاسم‭ ‬غنائم‭ ‬وديات‭ ‬ثأر‭!!‬


مشاهدات 58
الكاتب نزار محمود
أضيف 2025/01/11 - 1:37 PM
آخر تحديث 2025/01/11 - 4:38 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 369 الشهر 5150 الكلي 10095115
الوقت الآن
السبت 2025/1/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير