محافظ واسط..ما هكذا تورد الإبل
احسان باشي العتابي
منطقيا.. اختلاف الاراء ،والأفكار ،والتوجهات ،والقناعات ،هي كلها ظواهر صحية ،لذلك هي حاضرة في كل المجتمعات ومنذ القدم، وليس حكرا على المجتمع العراقي فقط؛ فتلك القضايا، يمكن لها أن تكون عاملا ايجابياً،لتبادل الاراء والأفكار ،التي تفضي بالنتيجة ،لتوحيد التوجهات والقناعات بغية الوصول لبر الأمان، بقضية ما فضلا عن مجموعة قضايا،شريطة ان يكون الاختلاف ،بسبب قضايا مباح فيها ذلك الاختلاف، والا القضايا الواضحة ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الانتماء للوطن والدفاع عنه، ضد كل الأفكار والتوجهات، التي تدفع باتجاه مسخ الهوية الوطنية وعدم الانتماء له ،تحت ذرائع وحجج واهية، فحينها نتشرف بوقوع ذلك الاختلاف بل وحتى الخلاف ،مع كل من يدفع لتلك الأمور المستهجنة وفق كل القيم التي نعيها بمنطق العقل والتجرد التام.
من الأخطاء الجسيمة ،التي استفحلت في المجتمع العراقي،عقب الاحتلال الأمريكي له سنة 2003 وحتى الوقت الراهن،والتي اصبحت للأسف الشديد ،اشبه بثقافة عامة لدى الكثير ،ممن ينتمون لشريحة مجتمعية معينة من العراقيين،ولا سيما منهم من يحملون القابا أكاديمية او وظيفية او كلاهما!!! تجاه من يخالفهم بالأفكار ،والتوجهات ،والقناعات ،إلا وهي الطعن بشرف ونسب كل من يختلف معهم كما اسلفت، فالهجوم على الأشخاص ،أو التشكيك في شرفهم ونسبهم ،بسبب خلاف فكري أو رأي معين، هو أمر غير مقبول أخلاقيا وقانونيا وعقائديا حتى، لانه لا يساهم في حل المشكلات أو تقريب وجهات النظر، بل انه سيزيد التوتر والانقسام بين ابناء المجتمع الواحد ،بل لعل تبعاته تصل لتشرذم حتى الاخوة بالنسب!!! لذلك فان الحوار الراقي، هو الذي يميز المجتمعات الواعية،عن المجتمعات المتخلفة والهمجية،لانها تهدف لنشر المحبة، والسلام ،والعلم، والمعرفة، والثقافات.وبعد تلك المقدمة المتواضعة، سأدخل في صلب الموضوع، الذي يختص بتغريدة لمحافظ واسط محمد جميل المياحي ،التي ادلى بها عبر حسابه الشخصي من على منصة X ،وهي بالحقيقة كما أراها ،اهانة كبيرة لشرائح عديدة من العراقيين،والذي قد يدفع بالكثيرين منهم لعدم غفرانها له!!! حيث قال:» كل شخص يحاول اضعاف او النيل من مؤسسة الحشد وانكار دماء الشهداء هذا شخص(لقيط)بكل ماتعني الكلمة»!!! حقيقة ليس بودي الدخول مع المحافظ بجدال عقيم، لكن لدي مجموعة نقاط، احببت ايصالهما له ،متمنيا ان يتفهمها وفق منطق العقل والحكمة..
ابناء الائمة
اولا :قناعات وتوجهات الآخرين ممن يختلفون معك، ليس لها ملازمة بصحة النسب او فساده، والا سوف نحكم على ابن نوح النبي انه لقيط ،لانه لم ياخذ ويؤمن بنصيحة وكلام أبيه ،وكذلك نحكم على بعض ابناء الائمة ،الذين تومن انت بهم بذات الصفة واعني انهم لقطاء، لانهم كذلك انحرفوا عن مسار آبائهم وأجدادهم ،وكذلك نحكم على الزبير بن العوام انه لقيط ،لانه وقف بالضد من علي بن ابي طالب ،وبالنتيجة هذا لا يمكن قبوله عقائديا ،على اقل التقادير من جانبك انت، باعتبارك مسلم موحد ،ومؤمن بكتاب السماء القرآن، والنبي ،وآل بيته،وسأكتفي بتلك الأمثلة ،ولا اود التطرق لمثال آخر ،قد يسبب إحراجا أنا وانت في غنى عنه واللبيب تكفيه الأشارة.
ثانيا:انت رجل مكلف بخدمة عامة، اي مسؤول، ومسؤوليتك ليست بالهينة، فأنت تحمل صفة محافظ لمدينة عراقية، تضم مختلف التوجهات ،والقناعات ،والاراء ،فلماذا تقحم نفسك بقضايا بعيدة كل البعد عن مسؤولياتك المهنية، وتدخل نفسك بإشكالات مع المجتمع الذي انت احد أفراده؟!!! فمهما كانت قناعاتك الشخصية ،كان الأجدر بك ان تلتزم الحياد، احتراما للمسؤولية التي تحملها انت ،واذا كان لابد من تبيان رأيك في تلك النقطة لاي سبب كان، سواء كنت مؤمنا به ،او ربما قد طلب منك ان تدلي بتصريح تناصر به الحشد،فكان الأجدر بك ،ان يكون طرحك خالٍ من اي اهانة، فضلا عن الطعن بشرف ونسب من يختلفون معك بالرأي والتوجه والاعتقاد.
ثالثا:وهي لا تقل اهمية عن النقطتين السابقتين ،ربما بسبب انتماءك العقائدي او السياسي ،الذي در عليك بمنصب المحافظ لواسط ،دفعك لعدم تفهم فضلا عن عدم قبول وجهة نظر المخالفين لك ،بما يخص اللغط الذي يدور حاليا حول حل هيئة الحشد، فبحسب المعطيات ان اولئك وانا منهم، لسنا مع استهداف الحشد اطلاقاً ،لانهم بالنتيجة عراقيين ويهمنا امرهم، وهذا هو جوهر اعتراضنا على عدم حله من قبل الجهات ذات القرار، انما بالإمكان ان تنسبه إلى اي وزارة او هيئة تراها مناسبة له ،وبهذا ستقيه وتقي البلاد احتمالية الاستهداف الذي تلوح به تلك الدول الاقليمية والدولية، لا اعتقد ان هذا الحل فيه ظلم او مثلبة لهم، بل على العكس، سيكون موقف مشرف يحسب لهم ،لانهم انبروا للدفاع عن وطنهم يوم تطلب الامر بدافع الغيرة والحمية حينها،واليوم كذلك ينبرون للدفاع عنه ويقوه شر الاستهداف،الذي تروج له قوى الاستكبار الإقليمي والعالمي، ولتكن خطوتهم هذه، مرتكزة على المبدا الذي سار عليه علي بن ابي طالب انذاك، في دفع الفتن التي تركزت على تمزيق الامة الإسلامية،اذ تصدى لها بحكمته المعهوده،فكما بينت ان وجهة نظرنا تلك من صالح هيئة الحشد وليس بالضد منها كما يروج الكثير
ان موقفنا ذلك انما بالضد من تلك الفصائل المسلحة، التي ترتبط بايران كليا ،وتعمل بازدواجية، فتلك الفصائل حينما تعرض امن العراق للخطر ،ويتم الاعتراض عليها، يصرحون انهم لا ينتمون لهيئة الحشد الشعبي، وأنهم مرتبطين بايران ،لكنها بذات الوقت ،حينما تتعرض للانتقاد، فضلا عن استهداف قد يطالها بسبب نشاطاتها المسلحة، يصرحون بل ويصرخون، انهم يتبعون لهيئة الحشد!!! وهذه النقطة ليست بخافية وقد نوه عنها الكثير من المحللين السياسيين والخبراء العسكريين.
الخلاصة يا سيادة المحافظ،بدلا من ان تطعن بشرف ونسب من يخالفونك الرأي دون بينة وشهود،كان لزاما عليك ان كنت بالفعل محبا للحشد وحريصا عليه، ان تناصر تلك الاراء التي تنادي للفصل بين هيئة الحشد وتلك الفصائل المسلحة،التي تبعات توجهاتها أنيا او مستقبلا، لا تعرض فقط الحشد لخطر كبير قد يطاله ،بل ستعرض حتى البيئة التي تنتمي لها ،كما حدث لغزة بسبب حماس ،و لجنوب لبنان بسبب حزب الله، لان تلك القوى الإقليمية والدولية ،لا تلعب ولا ترحم فمصالحها خط احمر!!!
ورسالة اخرى مقتضبة لابد من توجيهها لهيئة الحشد الشعبي، متمثلة برئيسها فالح الفياض.. اتمنى منه حقيقة، باعتباره المسؤول المباشر عن الهيئة، ان يدفع كل شر قد يطال أبناء الحشد، من قبل الجهات التي تهدد باستهدافه، لانها بحسب قناعاتها، واقصد تلك الجهات الإقليمية والدولية ، تراه جهة ارهابية ،وهو بذلك يهدد السلم المجتمعي في العراق، بل والمنطقة برمتها،ويجب ان تتصدى له،وكل ذلك بسبب تلك الفصائل المسلحة، التي اعتمدت مبدا الازدواجية في نشاطاتها المسلحة كما بينت سلفا،و من اجل كل ما تقدم ،اصبح من واجب الهيئة، ان تكشف ببيان رسمي، واضح وصريح لا يقبل التأويل، بعدم مسؤوليتها عن تلك الفصائل المسلحة، بل ووجوب مطالبتها لرئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، بالتصدي لهم وفق القانون العراقي، حتى نجنب البلاد واهلها ازمة جديدة، قد تدخلنا بنفق مظلم جديد نحن في غنى عنه.