التجربة الحزبية في العراق
مصطفى حمزة مصطفى
ربما يعتبر العراق احد اكثر الدول خوضاً للتجارب السياسية، فهو بلد يتمتع بتنوع الاعراق والطوائف والديانات، وكذلك الاحزاب والتيارات الفكرية والسياسية. وشهد تاريخ العراق السياسي بروز العديد من الاحزاب السياسية منذ عام 1922 عندما أسس جعفر ابو التمن اول حزب سياسي بعنوان «الحزب الوطني الديمقراطي العراقي»، وليس انتهاءً باحزاب عدة أُسست بالعهد الملكي. كانت بعض التجارب الحزبية مدنية ديمقراطية وبعضها أخذ طابعاً ايدولوجياً كالتيارات الماركسية والقومية والدينية، فظهر الحزب الشيوعي، حزب البعث، حركة القوميين العرب، حزب الامل الكردي، جمعية الأخوة الاسلامية، وحزب الدعوة الاسلامية.
وهنالك أحزاب أُسست في المهجر ايضا نظراً للظروف السياسية في البلاد وتقلب الحكم والسلطة وصعود تيارات ايدولوجية منعت الكثير من مظاهر الحياة السياسية في العراق. بعد عام 2003 ظهرت تجربة جديدة تتلخص بزخم الساحة السياسية بالاحزاب والتيارات والحركات. وكان نصيب معظم هذه الاحزاب بالأفول لأنها لم تكن منذ البداية مبنية على اساس متين، وهي احزاب مرحلية لا سيما وأن الجو السياسي عالميا بدأ يلفظ الاحزاب ذات البعد الايدولوجي المغلق، واصبح يتوجه نحو الاحزاب التي تقدم تجربة سياسية قائمة على المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية لجميع مكونات البلد. الكثير من هذه الاحزاب أخذت طابعاً زبائنياً، فلا وجود لفكرة او جوهر يميز هذا الحزب عن غيره لذلك تشظت الساحة كثيراً واختلفت الاحزاب وتشابه اسلوب إدارتها. وفي ظل تأزم وضع المنطقة من اضطرابات وحروب، وازدحام الساحة العراقية وأفول بعض المشاريع السياسية، وحالة الاحباط واليأس من العملية السياسية والنظام ككل، ظهر حزب جديد على الساحة العراقية بعنوان «حزب الصرح الوطني» يهدف الى المضي بخطوات هادئة نحو بلورة مفهوم سياسي يستهدف الطبقة الوسطى والمثقفة من الطلبة والشباب والاكاديميين، بالاضافة الى القيادات المجتمعية المدنية التي تؤمن بفكرة الوطن الشامل، ومفهوم المواطنة.
إشكالية هذه الطبقة تحديداً هي التي تعاني من الاحباط السياسي نظراً للظروف التاريخية والموضوعية الكثيرة التي مرت على الحالة الاجتماعية والسياسية في العراق. ويبقى معيار نجاح أي تجربة سياسية قائمة على اساسين: الاول هو الافكار والمبادئ التي أنطلق من اجلها التنظيم الحزبي، والثاني هو مدى تطبيق هذه الافكار والمبادئ على ارض الواقع. والحزب الذي يقوم على أساس أنه مشروع سياسي واجتماعي يحاول تغيير القناعات الراسخة بفشل النظام السياسي في العراق، ولا يعتمد على المفهوم الانتخابي لوحده، ارى أنه حزباً ربما يحقق نجاحات مهمة وتغيير هادئ اجتماعياً وسياسياً.