الجولاني يدعو السوريين للنزول الى الميادين للاحتفال بـانتصار الثورة
الحكومة الإنتقالية تتعهّد إقامة دولة قانون وواشنطن تحذر من نزاعات إضافية
دمشق, (أ ف ب) - دعا قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني الذي يقود السلطة الجديدة في دمشق امس الجمعة السوريين للنزول الى الشارع احتفالا بـ»انتصار الثورة»، قبل المضي في «بناء البلد».وأطل الجولاني في مقطع فيديو على تطبيق تلغرام مرتديا قميصا أبيض وسترة رمادية من دون أكمام. وقال «أود أن ابارك للشعب السوري العظيم انتصار الثورة المباركة وأدعوهم للنزول الى الميادين للتعبير عن فرحتهم بذلك»، مضيفا «ثم بعد ذلك لنتجه الى بناء هذا البلد».
الى ذلك تعهّدت السلطات الجديدة في سوريا الخميس إقامة «دولة قانون»، بعد أربعة أيام على سقوط بشار الأسد، فيما حذّرت الدبلوماسية الأميركية من اندلاع «نزاعات إضافية» في البلاد.وبعد أكثر من نصف قرن على حكم آل الأسد الذي عرف بقمعه الوحشي، تسعى السلطات الجديدة في سوريا إلى إقامة «دولة قانون»، حسبما أعلن الخميس المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية التابعة للحكومة السورية الموقتة عبيدة أرناؤوط.وكشف في تصريحات لوكالة فرانس برس أنه سيتم تجميد الدستور والبرلمان خلال الفترة الانتقالية التي ستمتد ثلاثة أشهر، فضلا عن تشكيل «لجنة قانونية وحقوقية من أجل النظر في الدستور وإجراء التعديلات»، مشيرا إلى أولويات مرتبطة بـ»حماية المؤسسات، والوثائق والثبوتيات».وأعلن الأردن عقب زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه سيستضيف السبت اجتماعات حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وآخرين عرب، اضافة الى ممثل الأمم المتحدة.ومن روما، أبدت مجموعة السبع الخميس استعدادها لدعم عملية انتقال نحو حكومة «جامعة وغير طائفية» في سوريا، داعية القيادة الجديدة إلى دعم حقوق المرأة وسيادة القانون وحماية «الأقليات الدينية والإثنية».في الأردن، دعا بلينكن إلى «انتقال شامل يؤدي إلى حكومة سورية مسؤولة وتمثيلية يختارها الشعب».وقال بلينكن قبيل مغادرته الأردن متوجها إلى تركيا ضمن جولة له في الشرق الأوسط للبحث في الأزمة السورية «عندما يتعلق الأمر بالعديد من الجهات الفاعلة التي لديها مصالح حقيقية في سوريا، من المهم فعلا في هذا الوقت أن نحاول جميعا التأكد من أننا لا نشعل أي نزاعات إضافية».في أنقرة، عقد بلينكن في المطار فور وصوله اجتماعا مع الرئيس رجب طيب إردوغان، وفق ما أعلن مسؤول أميركي.وأعلنت إسرائيل في الأيام الأخيرة أنها نفذت مئات الضربات على مواقع عسكرية استراتيجية في أنحاء سوريا.وقال بلينكن إن إسرائيل تحاول «ضمان أن المعدات العسكرية التي تخلى عنها الجيش السوري لن تقع في الأيدي الخطأ، إرهابيين ومتطرفين وما إلى ذلك»، لافتا إلى أن واشنطن تبحث مع إسرائيل ودول أخرى لتبيان المسار الذي يتعيّن اتّباعه.وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه البالغ» حيال «الانتهاكات الكبيرة» لسيادة سوريا ووحدة أراضيها والضربات الإسرائيلية في هذا البلد، وفق ما افاد المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
اشتباكات دامية
وإذ بدا الوضع هادئا منذ الأحد في معظم أنحاء البلاد، وقعت اشتباكات دامية في الأيام الأخيرة بين فصائل مدعومة من تركيا وقوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد في منطقة منبج بشمال سوريا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة وتسيطر على مناطق واسعة شمال شرق سوريا، الأربعاء هدنة بوساطة أميركية مع الفصائل المدعومة من أنقرة.واعتبر بلينكن الخميس أن دور مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية بقيادة الأكراد «حيوي» لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية الى سوريا بعد إطاحة الأسد.ووصل رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين الخميس الى دمشق، وفق مشاهد بثتها وسائل إعلام تركية.ولاحقا أعلنت أنقرة تعيين برهان كوروغلو قائما بأعمال سفارتها المغلقة منذ زمن في دمشق، علما أنها تعهدت معاودة فتح أبوابها، وفق ما أوردت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية دون تحديد موعد بدء توليه مهماته.وفي نهاية هجوم خاطف استمر 11 يوما، أطاح تحالف من الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام الأحد الأسد الذي فرّ إلى روسيا.وبينما تشعر دول ومنظمات عدة بالقلق بشأن طريقة تعامل السلطة الجديدة مع الأقليات في سوريا، تسعى الحكومة الجديدة إلى طمأنتها.وعام 2016، أعلنت هيئة تحرير الشام انفصالها عن تنظيم القاعدة، لكنها لا تزال مدرجة في لوائح «الإرهاب» في الكثير من الدول الغربية وأبرزها الولايات المتحدة.وقال رئيس الوزراء المكلف المرحلة الانتقالية في دمشق محمد البشير في تصريح لصحيفة كورييري دي لا سيرا الإيطالية الأربعاء «سنضمن حقوق جميع الناس وكل الطوائف في سوريا».كما دعا البشير السوريين المغتربين إلى العودة “لإعادة بناء» البلاد ذات الغالبية السنّية لكن المتنوعة إتنيا ودينيا.وفرّ نحو ستة ملايين سوري، أي ربع السكان، من البلاد منذ عام 2011، عندما أدى قمع الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية إلى اندلاع حرب مدمرة خلّفت أكثر من نصف مليون قتيل.والخميس توافد نحو 200 شخص إلى معبر جيلفي غوزو الحدودي التركي، على مسافة 55 كيلومترا من حلب، للدخول إلى سوريا، حسبما أفاد أحد عناصر الدرك وكالة فرانس برس.وفي دمشق، حيث يرفرف علم الثورة، عادت الحياة إلى طبيعتها، ولا يخفي السكان فرحتهم.وقالت رزان الحلبي (38 عاما) وهي من سكان العاصمة «نسير على الطريق فنشعر بأننا كنا جميعا معتقلين تحت الأرض وصعدنا فوق الأرض».والخميس، أعلنت الحكومة الانتقالية استئناف العمل في البعثات الدبلوماسية لثماني دول، هي إيطاليا وسبعة بلدان عربية.
مساعدات غذائية
وجاء في بيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي الخميس «مع تصاعد الاحتياجات بشكل سريع، يحتاج برنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل إلى 250 مليون دولار أميركي خلال الأشهر الستة المقبلة لشراء المساعدات الغذائية وتوزيعها على ما يصل إلى 2,8 مليون شخص من النازحين وأشخاص في حاجة ماسة إلى المساعدة».كذلك، أفادت الأمم المتحدة الخميس بأن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة الذي أدى إلى إسقاط الأسد.وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة (اوتشا) «حتى 12 كانون الاول/ديسمبر، نزح 1,1 مليون شخص إضافي في مختلف أنحاء البلاد منذ بدء تصعيد الأعمال القتالية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، معظم هؤلاء نساء وأطفال».ويواصل الكثير من السوريين البحث عن أقارب لهم اختفوا خلال عقود من القمع العنيف.ومنذ 2011، قضى أكثر من 100 ألف شخص في السجون السورية، حسب تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان عام 2022.ودعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون الخميس إلى الإفراج الفوري عن «عدد لا يحصى» من الناس ما زالوا معتقلين «تعسفا» في سوريا، منددا بـ»وحشية لا يمكن تصورها» عانى منها السوريون لعقود.وأفادت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سوريا وكالة فرانس برس بأن محققيها وضعوا لوائح بآلاف مرتكبي الجرائم الخطرة في هذا البلد.وأعلنت إدارة الشؤون السياسية التابعة للحكومة الانتقالية السورية الخميس «تحرير» المواطن الأميركي ترافيس تيمرمان ونقله إلى مكان آمن، مبدية استعدادها للتعاون مع واشنطن في البحث عن مواطنيها الذين فقِدوا بسوريا خلال حكم الأسد.وأكد بلينكن أن واشنطن «تعمل على إعادة تيمرمان إلى دياره».في الأثناء، حذّر المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس من أن ضرب مواقع أسلحة كيميائية في سوريا ينطوي على مخاطر تلوّث وإتلاف أدلّة قيّمة، مقرّا بأن لا معلومات لدى المنظمة حول وجود مواقع متضرّرة.