هل يستهدف العراق مجدداً ؟
معتقل بوكا .. مصنع الحركات التكفيرية
رشيد العجيل
المقدمة
معتقل بوكا في العراق الذي أدارته القوات الأمريكية بعد غزو 2003 أصبح رمزا» لإخفاقات الاحتلال في إدارة المعتقلات ومكافحة التطرف. معتقل بوكا بدلاً من أن يكون مركزا» لاحتواء الإرهاب كان قد تحول إلى مصنع لتجنيد وتدريب قادة الحركات السلفية الجهادية مثل أيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي ثم أبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني.
مع أن العراق قد دفع ثمنا» باهظا» لهذه السياسات خاصة في أحداث الموصل عام 2014 فإن السؤال اليوم يتجدد حول مدى استعداد العراق لمواجهة موجة جديدة قد يقودها قادة أمثال أحمد الشرع الملقب الجولاني الذي برز كأحد أبرز قيادة الحركة الجهادية في سوريا أو القائد الجديد بعد انتهاء حكم بشار الأسد بمساعدة ومباركة أمريكية فهل يمكن أن يصبح العراق الهدف القادم؟
شهد معتقل بوكا فترة تجمعت فيها عناصر التطرف من مختلف الخلفيات مما أتاح للقيادات الجهادية تشكيل تحالفات وتبادل الخبرات. أن هذا المعتقل قد ساهم في:
1. بناء القيادات
2. خلق شبكات ممتدة
3. تحويل الفكر إلى عمل
أن الأفكار المتطرفة التي تم تطويرها داخل المعتقلات بمساعدة من المخابرات الأجنبية تُرجمت إلى حركات منظمة تسببت في كوارث مثل سقوط الموصل والصراعات المزمنة عربيا» وإقليميا» والتي كانت في محصلتها خدمة للمشروع الصهيوني.
هيئة تحرير
أما ألان فالوريث الجديد هو أبو محمد الجولاني الذي كان عضوا “في تنظيم «القاعدة» وانتقل لاحقا “لقيادة «هيئة تحرير الشام» ليكون الحاكم الفعلي الجديد في سوريا ويمكن أن يمثل تهديدا» حقيقيا» قد يمتد إلى العراق للأسباب التالية:
1. شبكاته الممتدة:
رغم تركيزه حاليا» على سوريا فإن للجولاني شبكات في العراق تربطه بخلايا نائمة لتنظيم «داعش» وهذه الشبكات يمكن أن تستغل أي فراغ أمني أو سياسي في العراق لإعادة بناء نفوذها.
2. تغير استراتيجيات الجهاد:
أن الجولاني أظهر مرونة في تغيير استراتيجياته حيث يسعى لتقديم نفسه كحركة محلية وطنية في سوريا بينما يحتفظ بجذوره السلفية الجهادية التي يمكن أن تُفعَّل في العراق إذا لزم الأمر.
3. الوضع الأمني والسياسي في العراق:
العراق لا يزال يعاني ضعف في السيطرة على بعض المناطق الحدودية مع سوريا مما يجعله هدفا» محتملا» لتحركات التنظيمات.
رغم النجاحات التي حققها العراق في محاربة «داعش» إلا أن هناك عوامل تجعل البلاد عرضة لموجة جديدة من التطرف بسبب طول الحدود الطويلة وغير المحكمة بين العراق وسوريا التي تسمح بعبور الجهادين والأسلحة خصوصا» أنه لا يزال لتنظيم «داعش» خلايا نائمة في العراق يمكن أن تتفاعل مع أي نشاط جديد من قادة التنظيمات الجهادية.
كيف يمكن للعراق تجنب أن يكون ضحية مرة أخرى؟
1. تعزيز الأمن على الحدود:
يجب على العراق تحسين مراقبة حدوده مع الوضع الجديد في سوريا باستخدام التكنولوجيا الحديثة وزيادة التنسيق مع القوى الدولية.
2. محاربة الفكر المتطرف:
القضاء على التنظيمات الجهادية لا يقتصر على المواجهة العسكرية. بل يجب على العراق الاستثمار في التعليم وبرامج إعادة التأهيل لمحاربة الفكر المتطرف.
3. التعاون الإقليمي والدولي:
على العراق تعزيز التعاون مع الدول المجاورة لإضعاف الأفكار التكفيرية ومنع تمددها إلى الداخل العراقي.
4. الإصلاح السياسي:
تحقيق الاستقرار السياسي وتقليل الانقسامات الطائفية سيجعل من الصعب على التنظيمات المتطرفة العثور على بيئة حاضنة.
5.التنمـــــــــــــــــــية الاقتصادية والاجتماعية:
معالجة الأسباب الجذرية للفقر والبطالة في المناطق المحرومة ستحد من قدرة التنظيمات على تجنيد الشباب.
الخاتمة
كان معتقل بوكا رمزا» للإخفاق في إدارة قضايا الإرهاب حيث خرجت منه قيادات شكلت التنظيمات الجهادية الكبرى التي هددت العراق ودول المنطقة عموما». سيبقى العراق في مواجهة تحدٍ دائم لمنع تكرار مأساة الماضي ويمكنه حماية نفسه إذا ما استثمر في سياسات وطنية شاملة تجمع بين الأمن والتنمية والإصلاح السياسي. لكن يبقى السؤال مفتوحا»: هل سيتعلم العراق من دروس الماضي؟