الجولاني من داعية داعشية إلى داعية ديمقراطية
قاسم حسين صالح
هذا الشاب الذي لم يبلغ بعد الخامسة والأربعين، ولا يعرف بالضبط اسمه الحقيقي(أسامة العبسي الواحدي ، ام أحمد حسين الشرع) ، ولا البلد الذي ولد فيه ما اذا كانت )سوريا او السعودية(..مع أن هناك من يؤكد انه ولد في مدينة الرياض ثم انتقل وعائلته الى سوريا وعمره سبع سنوات.
هذا الرجل، شخصية استثنائية من حيث تناقضات وتقلبات حياته الشخصية والسياسية ..من امير جبهة النصرة التي تعدّ الفرع السوري لتنظيم القاعدة ..الى توليه الآن منصب القائد الأعلى لهيئة تحرير الشام المُسلّحة والذي سيكون تحديد مسار سوريا السياسي بيده.
المفارقة في تقلبات هذه الشخصية ، انه شارك في شبابه في احتجاجات ضد حكم البعث وسجن مرات ،ولجأ الى العراق وشق طريقه ليكون قائدا عسكريا مع تنظيم القاعدة في العراق لمقاومة الغزو الأميركي للبلاد، ثم انتقل إلى سوريا، وأسس «جبهة النصرة» فرعا للقاعدة.. تتبع (الدولة الأسلامية في العراق) بقيادة ابو بكر البغدادي ليقرر في 2013 مبايعته زعيم القاعدة..ايمن الظواهري ... الى تأسيسه (جبهة النصرة) التي كانت تقاتل ضمن فصائل أخرى على امتداد الخارطة السورية..تغيير اسمها إلى «جبهة فتح الشام»،ليستقر الآن الى ما صار يعرف بـ»هيئة تحرير الشام».
ومن تصنيفه كأرهابي عالمي، والأعلان عن صرف مكافأة عشرة ملايين دولار امريكي مقابل الأدلاء باي معلومات عنه...الى ان تلتقيه شبكة CNN وتجري معه حوارا مطولا ، لتجد فيما يطرحه تغيّرا فكريا وعقائديا مقارنة بما قاله في حوار سابق مع قناة الجزيرة عام 2013 الذي اعلن فيه صراحة عزمه على تعزيز تنظيم القاعدة في سوريا..الى طمأنة السوريين بعد احتلاله مدينة حماة بأن «الذين يخشون الحكم الإسلامي إما أنهم رأوا تطبيقات غير صحيحة له أو لم يفهموه بشكل صحيح»، الى مقولته الأخيرة بأن قوى المعارضة اذا نجحت في الإطاحة بنظام الأسد، فان سوريا ستتحول إلى «دولة حكم ومؤسسات «..وهو مبدأ ديمقراطي!.
ومن متابعتي لحوارات معه عبر الفضائيات ، رأيت فيه انه يمتلك أهم صفات الشخصية الكارزمية. فهو يتمتع بحضور مؤثر، ولديه القدرة على التأثير في الآخرين واعجابهم به ،وانه يمتلك خبرة سياسية ويتحدث بطلاقة براحة وبلغة جسد متناغمة مع لغة كلامه.
والتساؤل الأهم:
هل ان ما يمتلكه من معتقدات اسلامية وتنظيرات تلقاها من كبار في القاعدة (ابو بكر البغدادي ،أيمن الظواهري و...) واجتهاده العقائدي..ستتحكم به حين يتولى سلطة قيادية في الحكم ، أم انه سيمارس و يطبق فعلا ما يقوله من طروحات ديمقراطية ؟
لا أحد يمتلك اجابة مؤكدة وقاطعة..لكن الستة اشهر الأولى من الآن ستقدم لنا مؤشرات عما سيحصل ، فيما ستكون نهاية 2025 قد حسمت موقف هذا الرجل..الأستثنائي في تقلباته وتناقضاته!
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية