تركيا تدعو إلى تشكيل حكومة تضم الجميع بسوريا
إطاحة الأسد تعزّز وزن تركيا في المنطقة وتطرح عليها تحدّيات
انقرة, (أ ف ب) - دعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أمس الإثنين إلى “تشكيل حكومة تضم الجميع” في سوريا، غداة إسقاط حكم بشار الأسد بعد هجوم خاطف نفذته فصائل المعارضة.
وقال فيدان أمام مجموعة من السفراء في أنقرة، “نتوقع من الجهات الفاعلة الدولية، خصوصا الأمم المتحدة، التواصل مع الشعب السوري ودعم تشكيل حكومة تضم الجميع”.
وفي اسطنبول يرى خبراء أنّ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، عدوّ أنقرة، يعزّز الثقل الإقليمي لتركيا التي باتت تتمتّع بنفوذ متزايد في جارتها الجنوبية، لكنّه بالمقابل يطرح عليها تحدّيات عديدة ليس أقلّها نجاح العملية الانتقالية.ويقول بول سالم، نائب رئيس “معهد الشرق الأوسط” ومركزه واشنطن، إنّ “تركيا، باعتبارها الداعم الرئيسي للمعارضين، هي الرابح الأكبر في المنطقة” من سقوط الأسد.لكنّه يشير إلى أنّه في الوقت الذي تغرق فيه سوريا في المجهول، فإنّ “هذا النجاح يحتم (على أنقرة) مسؤولية المشاركة في عملية انتقالية ناجحة”.وقالت تركيا الأحد على لسان وزير خارجيتها هاكان فيدان إنّها مستعدّة لمساعدة سوريا على “ضمان أمنها” و”بلسمة جراحها”.وإذ دعا الوزير إلى “انتقال سلس” للسلطة في دمشق، أعرب عن أمله في عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلدهم بعدما سقط الأسد.ويعيش ثلاثة ملايين لاجئ سوري على الأراضي التركية، وهو عدد ضخم غذّى في صفوف الأتراك مشاعر العداء للسوريين.
أما غونول تول، مديرة برنامج تركيا في “معهد الشرق الأوسط”، فتقول من جهتها إنّ “احتمال عودة اللاجئين السوريين سيعزز التأييد” للرئيس رجب طيب إردوغان في الرأي العام التركي.
وترى الخبيرة التركية أنّه على صعيد السياسة الخارجية، فإنّ سقوط الأسد سيعيد خلط الأوراق بين أنقرة وموسكو التي كانت حليفة أساسية لدمشق إلى جانب طهران.وتوضح تول أنّ “تركيا ستتمتّع بتوازن أفضل للقوى في علاقاتها مع روسيا”، مشيرة إلى أنّ الحرب في سوريا جعلت أنقرة “ضعيفة” أمام موسكو، إذ كانت تخشى حتى الآمس القريب أن يؤدّي القصف الجوي الروسي على شمال غرب سوريا إلى تدفّق أعداد إضافية من اللاجئين السوريين إلى حدودها.بدوره، يقول سونر كاغابتاي الخبير في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، إنّه بعد سقوط الأسد فإنّ “نفوذ تركيا في دمشق سيزداد على حساب إيران وروسيا”.
فصائل المعارضة
لكنه يعتبر أن التحدّي أمام تركيا اليوم يكمن في مساعدة هيئة تحرير الشام التي قادت الفصائل المعارضة في الهجوم الذي أطاح بالأسد، على “كسب اعتراف دولي” و”التخلّص من روسيا وإيران”.ويحذّر الخبير من أنّ “الأمر لن ينجح إذا ما تصرّفت تركيا كما لو أنها الحاكم الجديد لسوريا”.من جهتها، تعتبر سينيم أدار، الخبيرة في “مركز الدراسات التركية التطبيقية” في برلين، أنّه “من السابق لأوانه” القول ما إذا كانت تركيا هي “الرابحة” من التطورات في جارتها الجنوبية.وتوضح في منشور على منصة إكس أنّ “الكثير سيتوقف على الدينامية بين الجهات الفاعلة المحلية، وبخاصة بين هيئة تحرير الشام وقوات سوريا الديموقراطية”، الائتلاف المكوّن من فصائل معارضة يهيمن عليها الأكراد، “وعلى الدينامية بين هيئة تحرير الشام وأنقرة”.ويمثّل اختلال التوازن في شمال سوريا أيضا فرصة لتركيا لكي تُبعد عن حدودها “وحدات حماية الشعب”، الفصيل الكردي المتحالف مع الغرب في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية لكن أنقرة تعتبره امتدادا لحزب العمال الكردستاني، عدوها اللدود.
وفي هذا السياق تمكّن مقاتلون موالون لتركيا شاركوا في هجوم الفصائل المعارضة على الأسد، من السيطرة الأسبوع الماضي على تلّ رفعت، المدينة الواقعة على تخوم “المنطقة الأمنية” التي تحتلّها تركيا في شمال سوريا، بعدما كانت تسيطر عليها القوات الكردية.
والأحد، أكّد وزير الخارجية التركي أنّ بلاده ستسهر على ضمان عدم بسط المقاتلين الأكراد نفوذهم في سوريا “من خلال استغلال الوضع”، في وقت أعلن التلفزيون التركي أنّ الفصائل الموالية لتركيا “تطهّر” منطقة منبج، الواقعة شمال شرق حلب، من وحدات حماية الشعب.
وأضاف الوزير التركي “نحن على تواصل مع أصدقائنا الأميركيين بهذا الشأن. إنّهم يعرفون مدى حساسيتنا تجاه مسألة وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني”.وبمعزل عن الاعتبارات الأمنية، ترى غونول تول أن “إردوغان سيتمكن من استخدام (صورة) وحدات حماية الشعب الضعيفة لإعادة تلميع صورته في بلاده”.