الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأبعاد السياسية والأمنية.. تهديد ترامب للشرق الأوسط

بواسطة azzaman

الأبعاد السياسية والأمنية.. تهديد ترامب للشرق الأوسط

محمد علي الحيدري

 

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في 2 ديسمبر 2024، حول الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، جدلًا واسعًا وردود فعل متباينة. فقد أعلن ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” أن الولايات المتحدة ستتعامل مع القضية بحزم إذا لم يُطلق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، محذراً مما وصفها “مشكلة خطيرة” تهدد الشرق الأوسط.

تأتي هذه التصريحات في توقيت حساس يسبق توليه المنصب الرئاسي رسمياً، مما يفتح الباب أمام تحليل تأثيرها السياسي والأمني، ورد فعل حركة حماس، وخياراتها المتاحة.

رسائل مزدوجة

في الجانب السياسي يحمل تهديد ترامب أبعاداً سياسية واضحة، فهو يوجه رسالة مزدوجة:

للداخل الأمريكي إذ تهدف تصريحاته إلى تعزيز صورته كقائد حازم يحمي مصالح الأمريكيين، خاصة بعد انتقادات طالت السياسة الخارجية للإدارة الحالية. وبتوجيهه خطاباً حاداً شديد اللهجة، يسعى ترامب لاستعادة الثقة لدى الناخبين الذين يتطلعون إلى إدارة قوية في مواجهة التحديات الدولية.

وللخارج إذ يمثل التهديد تحذيراً مباشراً لحماس وداعميها، خاصة إيران، الذين يوفرون لها دعما سياسيا وعسكريا. وهنا يعيد ترامب  تشكيل سياسته الشرق أوسطية التي تعتمد على الردع القوي وتحييد الخصوم.

وقد علق الخبير في شؤون الشرق الأوسط، دانيال بايبس، على التهديد قائلاً: «ترامب يعيدنا إلى سياسة العصا الغليظة التي قد تُجبر الخصوم على التراجع، لكنها تحمل مخاطر إشعال صراع أكبر

وبخصوص الأبعاد الأمنية فإن تصريحات ترامب ليست مجرد كلام، بل تمثل تهديداً باستخدام القوة العسكرية فقد تعهد ترامب بتوجيه «ضربات لم يشهدها تاريخ الولايات المتحدة» إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن.

ان هذا التصعيد قد يؤدي إلى:

- زيادة التوتر العسكري فأي هجوم أمريكي على غزة سيضعف موقف حماس لكنه قد يؤدي إلى ردود فعل عنيفة تشمل إطلاق صواريخ على إسرائيل وربما استهداف مصالح أمريكية في المنطقة.

- استفزاز محور المقاومة فإيران قد ترى في تهديدات ترامب مبرراً لتوسيع عملياتها في المنطقة، سواء عبر حلفائها ووكلائها أو من خلال التصعيد المباشر.

وبهذا الخصوص أشارت الباحثة الأمنية بجامعة هارفارد، جيسيكا بيرنز، إلى أن «استخدام القوة المفرطة قد يؤدي إلى تكرار سيناريوهات الكارثة كما حدث في العراق وأفغانستان، حيث تفشل القوة العسكرية في تحقيق الاستقرار

رد فعل حماس: بين التصعيد والمناورة

تواجه حماس، التي كانت تحتجز أكثر من 250 رهينة، بينهم أمريكيون، تواجه الآن معضلة حقيقية. وهي تدرك أن ترامب ليس كأي رئيس آخر، وأن تهديده قد يُنفذ.

خيارات حماس

بالمئة1.بالمئةالإفراج التدريجي عن الرهائن: إذ قد تلجأ حماس إلى استراتيجية الإفراج عن الرهائن بشكل تدريجي، خاصة الأجانب، بهدف تهدئة الضغوط الدولية دون أن تظهر بمظهر المتراجع أمام إسرائيل.

بالمئة2.بالمئةالتصعيد المحدود: إذا شعرت حماس أن الولايات المتحدة جادة في التهديد، فإنها قد تلجأ إلى تصعيد محدود عبر إطلاق صواريخ أو تنفيذ هجمات مفاجئة، كرســالة تحذير.

بالمئة3.بالمئةالمراهنة على الوساطة الدولية: وهنا قد تسعى حماس إلى استغلال أطراف دولية مثل قطر وتركيا للوساطة، لتجنب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.

إن تهديد ترامب الأخير يُلقي بظلال ثقيلة على مستقبل المنطقة على عدة صعد منها:

- إعادة ترتيب التحالفات: فربما  يدفع هذا التهديد دول المنطقة إلى مراجعة سياساتها، فبينما قد تقترب دول كالسعودية ومصر من الولايات المتحدة، ستشعر إيران وسوريا بضرورة تعزيز تحالفاتهما مع روسيا والصين.

- زيادة الاستقطاب الدولي: فالتهديد قد يُنظر إليه كمقدمة لتدخل أمريكي جديد، مما يُفاقم التوتر بين واشنطن وموسكو، ويضع الصين في موقف داعم للمعسكر المناهض للغرب.

- أخيراً ، تفاقم الأزمة الإنسانية فإن أي تصعيد عسكري سيزيد من معاناة سكان غزة، الذين يعانون من حصار طويل الأمد وأزمة إنسانية متفاقمة.

ختاماً فإن تصريحات ترامب حول الرهائن وتهديده بحل القضية بالقوة تعيد تشكيل ملامح السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، لكنها تحمل في طياتها مخاطر تصعيد خطير قد يخرج عن السيطرة.

 وبينما تسعى حماس لتحقيق مكاسب سياسية من الأزمة، فإن الخيارات أمامها تضيق مع تصاعد التهديدات.

يبقى السؤال:

هل سيتحول التهديد إلى واقع؟ أم أن الأطراف الإقليمية والدولية ستنجح في احتواء الأزمة قبل أن تنفجر؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف عن الإجابة.

 


مشاهدات 409
أضيف 2024/12/08 - 4:50 PM
آخر تحديث 2024/12/18 - 3:56 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 311 الشهر 8122 الكلي 10064217
الوقت الآن
الخميس 2024/12/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير