ولد الأستاذ حسون محمد سميسم في العام 1926 ونشأ في النجف الأشرف، مدينة العلم في عائلة عريقة متنوّرة عُرفت بالثقافة والفقه . تنقل بين المحاماة والقضاء بتأثير ظروف مختلفة ، وكان القضاء المحطة الأخيرة في رحلته المهنية في مطلع السبعينيات يوم بادر وزير العدل يومذاك، المرحوم حسين الصافي، إلى استحصال الموافقة على تعيين نخبة مختارة من المحامين قضاةً لتعزيز القضاء والإفادة من خبراتهم العملية الطويلة ، وكان الأستاذ حسون محمد سميسم واحداً منهم ، وأثبتت مسيرة العمل صواب اختيارهم ، إذ شهدت لهم سوح القضاء بالكفاءة والنزاهة والرصانة واحتلوا بعد ذلك بجدارتهم مناصب قضائية رفيعة .بعد عمله في محاكم عدّة، منها رئاسته محكمة جنايات القادسية ثم جنايات النجف عيّن في العام 1982 رئيساً لمحكمة استئناف منطقة ذي قار ( التي كانت تشمل محاكم محافظات ذي قار ، وواسط ، والمثنى )، وأثناء ذلك ، في ظروف الحرب ، كنت عسكرياً أؤدي خدمة الإحتياط ، وفي ربيع العام 1983 انتُدبت ومجموعة من القضاة للعودة إلى عملنا القضائي لسد حاجة العمل في المحاكم ، فبدأت معرفتي الوثيقة به .أول ما يطالعك في وجهه وقار القاضي وابتسامة تنم عن السماحة والطيبة .
حكمة انسانية
وحين يحدّثك تشدّك إليه ثقافة قانونية وخبرة قضائية واسعة مشبعة بالحكمة والإنسانية والحرص على العدالة، فنال احترام ومحبة جمهرة القضاة .إحتل في نفسي ونفوس عديد من القضاة حديثي العهد بالعمل القضائي آنذاك مكانة الأستاذ الذي نلجأ إليه لنجد لديه الحلول لما يعترض عملنا من عوائق ينجم كثير منها عن علاقة القضاء بالأجهزة الرسمية الأخرى وما يتخللها من محاولات التأثير على القضاء -وما أكثرها – فكان خير مرشد جمع بين حنكة القاضي المتمرس وحكمة الإداري الناجح الذي يُحسن اختيار الموقف واتخاذ القرار ، كما كان يبذل قصارى جهده لتلبية طلباتنا وسد احتياجاتنا . ما زالت نصائحه ووصاياه المتعلقة بأصول القضاء وآدابه وواجبات القاضي وتعامله مع الدعاوى والخصوم حاضرة في نفسي ، وكأني أستمع الآن إلى صوته في بعض الندوات القضائية التي كان يحرص على تنظيمها بين الفينة والفينة للإجتماع بقضاة المحافظات الثلاث .في العام 1985 نقل ليكون رئيساً لمحكمة استئناف منطقة بابل ( التي كانت تضم محاكم محافظتي بابل وكربلاء ) .
وفي العام 1988 حين طلبت النقل إلى مكان غير بعيد عن ديار الأهل ببغداد إقترحَ رحمه الله نقلي إلى محاكم محافظة كربلاء ، وقد أسعدني اقتراحه لأنه سيعيدني إلى العمل قريباً منه ، لكن مجلس العدل آنذاك ارتأى نقلي إلى منطقة أكثر قرباً فنُقلت قاضياً أول لمحكمة الصويرة . في العام 1990 عيّن عضواً في محكمة التمييز ، ولم يُمضِ فيها زمناً طويلاً بسبب بلوغه سن التقاعد، وبذلك خسر القضاء خبرته وطول باعه في القضاء ( لم يكن القانون يومذاك يسمح بتمديد خدمة القاضي ). لروحه الرحمة والرضوان ، ولذكره طيبُ الأثر .