الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المدن التاريخية تحتضر

بواسطة azzaman

المدن التاريخية تحتضر

عبد الكاظم محمد حسون

 

المدن التاريخية سوف تموت أمام الانفجار السكاني والتطور العلمي في مجال النقل  من خلال استعمال وسائط النقل الحالية من سيارات ودراجات وحتى استعمال وسائط بسيطة مثل مايسمى التكتك اذا لم تتخذ إجراءات جدية من قبل حكوماتها لحمايتها .

ان ماتتصف به اغلب المدن القديمة انها مدن ذات شوارع وازقة ضيقة خاصة في احيائها القديمة فهي أٌنشأت دون اخذ بنظر الاعتبار التوسع السكاني الكبير حيث يتعدى الملايين واستعمال وسائط النقل  باعداد كبيرة جدا تصل كذلك لعدد سكانها .

مدينة تاريخية

وإنما كانت مصمة للسابلة والنقل باستعمال الحيوانات كالحمير والبغال والعربات التي تجرها الخيول ...  فلو أخذنا مدينة بغداد باعتبارها مدينة تاريخية قديمة  يبلغ عمرها اكثر من 100 سنة حيث بنيت سنة (672 ميلادي ) نجد انها مدينة صممت وقتها بشكل  دائري احيائها كانت قريبة لبعضها وشوارعها ضيقة حيث بعض الازقة لاحيائها لا يزيد عرضه عن مترين او اقل او اكثر في حين اغلب شوارعها الرئيسية لا تزيد في أحسن الأحوال بين 20 و 30 متر  والتي تتمثل بشارع الرشيد  والجمهوري والسعدون وشوارع الاعضمية والكاظمية حاليا .. علما قسم منها تعرض إلى توسع على حساب الجوانب السكنية .وعند زيادة السكان  وزيادة وسائط النقل اصبحت شوارعها مزدحمة وحركتها تكاد ان تكون معدومة  وان كل الاجراءات التي اتخذت لمعالجة المشكلة لم تحقق الحل الكامل  على الرغم من كون تلك المعالجات تمثلت بانشاء مجسرات وانفاق وهذه الاجراءات للاسف فقدت المدينة طابعها التاريخي فكثرت المجسرات غير طابعها التاريخي وغير ملامحها الأصيلة التي تمتاز بالشوارع التي تحيط بها الجوامع والمنائر القديمة والشناشيل والمقاهي والأسواق القديمة والخانات والحمامات  وبيوتاتها المبنية  بالطابوق القديم  المقرنص والفرشي ونقوشه على الجدران والسقوف من خلال عملية العقادة حيث غاب عطر التاريخ وحل محله رائحة الاسفلت والاسمنت وعوادم صالنصات السيارات السام لقد فقدت بغداد كل ملامحها التاريخية   واصبحت غير قابلة للسكن لازدحام شوارعها  بوسائل النقل وبطيء الحركة فيها  وتلوث الجو  وكثرة الضوضاء وانتشار الباعة في كل مكان خاصة احيائها على جانب الرصافة القريبة من النهر وقسم من احيائها السكنية   القديمة على الرغم من ضيق ازقتها اصبحت محلات تجارية او مخازن للبضائع الخاصة بالتجار . ان المدن القديم لا تتعايش مع التطور الحالي والانفجار السكاني وحركة المركبات وزيادة النشاط التجاري  لكي تبقى محافظة على هويتها وطابعها التاريخي يجب على الحكومات  في اي دولة تمتلك مثل تلك المدن الغارقة في القدم ان تعزلها وتحافظ عليها من الدخلاء الذين لا تتلائم نشاطاتهم مع الحفاظ على هويتها  التاريخية حيث وسائط النقل للأشخاص والبضائع  ومن المراكز التجارية ونشاط الباعة المتجولين وعلى الأرصفة مع تعالي الصيحات الخاصة بترويج البضائع  يفقد لها بعدها التاريخي   والمفروض تحاط بكل الرعاية وتُعزل عن النشاطات التجارية والمد السكاني الكبير ومحاولة  جعلها مراكز ترفيهية  وتراثية بعد أن يتم تطوير مبانيها بنفس الطابع المعمري وترميم اي ضرر نتيجة لأي سبب والجعل منها  قبلة للزائرين وشاهد على التاريخ..ان المدن القديمة ليس كالمدن الحديثة كمدن السعودية مثل الرياض ودول الخليج فهي مدن صممها مختصون حديثي النشأة متفاعلين مع الحاضر ومع تطوره ومتنبأين بالمستقبل لذلك أخذوا بنظر الاعتبار إمكانية فتح الشوارع ومنحها ابعاد كبيرة من حيث السعة  واغلبها صممت.

مركبلات نقل

على شكل دوائر بعرض (100 متر)  وأكثر  وانشاء مأرب السيارات مما يجعلها تمتص اكبر عدد ممكن من المركبات وسائط النقل غير ان هذه الخاصية معدومة في المدن القديمة كبغداد والقاهرة ودمشق وغيرها لطبيعة تصميمها المحدود وتقارب معالمها .

الا حان الوقت  للحفاظ على ماتبقى من بغداد القديمة وتجديد عوالمها التي اندثرت بفعل الزمن ونقل كل الفعاليات الحكومية والتجارية خارج عن حدودها وتحديد تلك الأمان ومنع دخول المركبات واعادة استخدام العربات الربل للنقل وانشاء معالم سياحية من مقاهي ومراكز ثقافية وترفيهية لتكون قبلة للسياح كما يحدث  في بعض البلدان المجاورة للعراق .


مشاهدات 71
الكاتب عبد الكاظم محمد حسون
أضيف 2024/12/03 - 12:32 AM
آخر تحديث 2024/12/04 - 8:09 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 422 الشهر 1722 الكلي 10057817
الوقت الآن
الأربعاء 2024/12/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير