كتاب مترّجم جديد يتناول الصراع بين السلطات

السيطرة المدنية على القوات المسلحة والبيئة الأمنية المتغيّرة

عبد اللطيف الموسوي

حسنًا فعل الدكتور مهند طالب الحمدي أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة كانساس الامريكية عندما بادر إلى ترجمة هذا الكتاب المهم من اللغة الانكليزية إلى العربية ليصبح متاحًا أمام القارئ العربي وذلك للمحتوى المغاير الذي يتضمنه الكتاب والذي تفتقده المكتبة العربية.

بيئة أمنية

الكتاب يحمل عنوان (السيطرة المدنية على القوات المسلحة.. البيئة الأمنية المتغيرة) لمؤلفه للبروفيسور مايكل ديش، وصدرت ترجمته العربية عن مؤسسة أفرا للدراسات والأبحاث ضمن سلسلة (ترجمات). وحملت الطبعة الانكليزية للكتاب العنوان نفسه :

 Civilian Control of» the Military: The Changing Security Environment

 وصدرت في العام 2000 عن (مطبعة جامعة جونز هوبكنز) وهي دار نشر تابعة للجامعة المذكورة تأسست في عام 1878، وهي بذلك أقدم دار نشر تعمل باستمرار في الولايات المتحدة. وكما واضح من العنوان فأن الكتاب يتناول العلاقات بين السلطات المدنية والعسكرية إذ يشير مايكل ديش إلى نهاية الحرب الباردة اضفت تفاؤلًا واسع النطاق بشأن مستقبل العلاقات المدنية العسكرية، ولكن المؤلف يرى أن واقع الحال يدل على أن السلطات المدنية لم تستطع ممارسة سيطرة أكبر على السياسات العسكرية وصنع القرار. ويشير بهذا الصدد  الى تحد مثير مرتبط بأطروحة (الدولة الحامية) وهو مصطلح  أوجده عالم الاجتماع والسياسي هارولد لاسويل (1902-1978) وصاحب (صيغة لاسويل) المعروفة لدى الإعلاميين المختصين، والذي يعد من بين أهم خمسة مخترعين ومبدعين في مجال العلوم الاجتماعية في القرن العشرين. يشير لاسويل إلى أن هذه الدولة وفي ظل الحضور الدائم للأزمة والتهديد وانتشار الخوف تسيطر على كل سمات الحياة في المجتمع, ويضيف أن هذه الدولة عادة ما تكون ديكتاتورية وعنيفة ومتمركزة ومتكاملة وهي تعد أيضًا دولة قوية بالقياس إلى مجتمعها الضعيف.

تأثير الحروب

أما مايكل ديش فيرى أن للحرب تأثيرًا مهمًا في العلاقة بين العسكر والسلطة المدنية ويوضح أنه في زمن الحرب، لا يمكن للسلطات المدنية إلا أن تولي اهتمامًا وثيقًا للمسائل العسكرية. أما في أوقات السلم، فأن القادة المدنيين يكونون أقل اهتمامًا بالشؤون العسكرية  وغالبًا ما يسلمونها للجيش. يركز ديش في كتابه على مجموعة واسعة من  الأماكن في أوقات مختلفة وعديدة، ويبدأ بإلقاء نظرة على التغييرات في العلاقات المدنية العسكرية الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة. ثم ينتقل إلى الاتحاد السوفيتي السابق، موضحًا لماذا كان من السهل على المدنيين السيطرة على الجيش السوفيتي مقارنة بخليفته روسيا الحالية. ويتناول الكتاب بالبحث والدراسة دكتاتورية فون هيندنبورغ واريش لودندورف في ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى، واليابان خلال حقبة ما بين الحربين، ودور فرنسا في الأزمة الجزائرية.  وأخيرًا، يستكشف البيئة الأمنية المحلية المتغيرة والعلاقات المدنية العسكرية في أمريكا الجنوبية. مؤلف الكتاب البروفيسور مايكل ديش هو أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة نوتردام والمدير المؤسس لمعهد سكروكرافت للشؤون الدولية. كما عمل أستاذًا ومديرًا لمعهد بيترسون للشؤون الدبلوماسية والتجارية بجامعة كنتاكي وعمل من 2004 – 2008 في كلية بوش للشؤون الحكومية والمخابرات والأمن وصنع القرار بجامعة تكساس. متخصص في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية الأمريكية والأمن الدولي والفكر السياسي والسياسة العالمية. كما شغل منصب مساعد مدير وباحث أول في معهد أولين للدراسات الاستراتيجية بجامعة هارفارد. عمل سابقًا في الحكومة الفيدرالية بوزارة الخارجية الأمريكية، وخدمة أبحاث الكونغرس. حصل ديش على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة شيكاغو.

أصدر ديش عددًا من  الكتب، ونشرت له الصحف والدوريات العديد من المقالات.أما مترجم الكتاب الدكتور الحمدي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية ويعمل استاذًا للاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة كانساس فقد ترجم بدوره عددًا من الكتب من بينها كتاب العراق بين حربين الصادر عن دار المأمون للترجمة والنشر ضمن سلسلة المئة كتاب . وصدر له من ترجمته أيضًا حديثًا كتاب (مجتمعات قوية ودول ضعيفة) من تأليف جول .س. مجدال وكتاب (البيان الرأسمالي.. نهاية الحرب الطبقية؛ نحو رخاء عالمي) من تأليف رالف بينكو ووليم كوليير وكتاب( دفاعاً عن الرأسمالية ..تحطيم الأساطير) من تأليف راينر زيتلمان. كما نشر عديد المقالات وألقى محاضرات في الاقتصاد والسياسة في مناسبات مختلفة…