نشاطات تطمس الهوية الوطنية
لينا ياقو يوخنا
ان اغلب الانشطة المدرسية والجامعية تركز على الهوية الفرعية-الثانوية اي الدينية او الطائفية او الإثنية, اما الفعاليات ذات الطابع الوطني فلا اهتمام كبير لتنظيمها او اقامتها, وقد لاحظت ان كل مؤسسة سواء التربوية او التعليمية تركز على هوية ثانوية تمثل انتماء من يديرها او يرأسها ويعتز بها على حساب الهوية الرئيسية-الوطنية التي من المفترض انها تمثل هوية وغاية جميع المؤسسات الرسمية التي تأسست لهدف ولفائدة كل العراقيين وليس لجماعة معينة فالتعليمات الخاصة بالتربية والتعليم وكذلك مناهجها ومن ضمنها الفعاليات التي تتم داخل اروقتها من المفترض ان تكون موجهة للجميع بدون تمييز جماعة عن اخرى.فهكذا نشاطات تخلق انطباع سلبي لبعض الطلبة بأنهم مُهمشين او مواطنين درجة ثانية فهي لا تستهدفهم وانما موجهة لبقية الزملاء من الطوائف او القوميات الاخرى وكأن هذه المؤسسة مُلكهم الخاص. ولابأس من اقامة فعاليات تحافظ على التنوع لكن يجب ان تتم بالمراكز الثقافية او الاجتماعية الخاصة بهذه الجماعات اثناء المناسبات الدينية او القومية مع ترك مجال وحرية لمن يرغب مشاركتهم فيها من بقية اطياف الشعب وبرغبة المنظمين لها سواء كانت ندوات او محاضرات او فعاليات ترفيهية. لكن النشاطات داخل المؤسسات الرسمية كالمدارس والجامعات تؤدي الى انصهار الهوية الوطنية في بقية الهويات الفرعية وربما الاخيرة تنصهر بعضها في الاخرى فتنصهر اقلية قومية في قومية اخرى ذات الاغلبية خاصة اذا لم تنظم بطريقة صحيحة وتكون اهدافها مهددة للتنوع في البلد فتخلق نوع من التعصب الديني والقومي لشعور البعض بالإقصاء من قبل الاغلبية خاصة عندما تكون الفعاليات فيها نوع من تمييز جماعة على حساب الاخرى محاولين بذلك إلغاء الاخرين, وقد يحدث في النشاط تبني مواقف معينة كتلك التي تتبناها جماعة معينة لا تتقبل من يخالفها بهذا الفكر والتوجه, وبدلاً من ان يكون هناك تقبل للاختلاف وتقارب بوجهات النظر يحصل نفور وتباعد واحياناً يصل الى العداء خاصة اذا كان هناك اكراه بضرورة مشاركة الجميع في نشاط معين دون استثناء والا يعاقبوا البقية او توجه لهم اصابع الاتهام بالإساءة لمجرد عدم مشاركتهم خصوصيتهم التي تمثلها الفعالية الدينية او الطائفية او القومية, لذا لا يمكن ان تنجح هكذا فعاليات في بلد متعدد أُسس نظامه على المحاصصة ما لم يُعزز اولاً الشعور الوطني في كل فرد ومنذ صغره من خلال المدرسة ومن ثم الجامعة ليكون هذا الشعور رادع لكل ما من شأنه خلق التفرقة او التهميش او عدم قبول الآخر.وبالرغم من كون الهويات المتعددة صورة العراق الجميلة لكن محاولة إلغاء احداها على حساب الاخرى هو تشويه لهذه الفسيفساء الزاهية وطمس للهوية العراقية الشاملة والحاضنة لكل هذه الهويات. لذا يجب ان تكون اقامة نشاطات تعزز الشعور الوطني للعراق المتنوع الذي يجمع كل اطيافه في ارض واحدة وتحت سماء واحدة بعيداً عن المحاصصة المقيتة التي انعكست على كل مفاصل الحياة في بلدنا وجعلت العراقي ينسى بأنه عراقي.