الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حرب عبثية.. هل من جدوى تخزين العرب للسلاح؟

بواسطة azzaman

حرب عبثية.. هل من جدوى تخزين العرب للسلاح؟

عصام الياسري

 

فيما تتصاعد حدة الصراع ويأخذ استعمال الأسلحة الفتاكة أبعادا خطيرة، بين إيران وحلفائها «المقاومة» في كل من لبنان والعراق واليمن من جهة، ودولة الكيان الصهيوني الذي يحضى بدعم لوجستي وعسكري أمريكي أوروبي من جهة. تتضارب الآراء والمواقف حول الحملات العسكرية الاسرائلية منذ 8 أكتوبر 2023 على غزة ولبنان وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا والنازحين أغلبهم من الأطفال والنساء نتيجة حرب بمقياس إبادة جماعية. كذلك تباين وجهات نظر أصحاب الرأي من مفكرين وإعلاميين وسياسيين ومحللين متخصصين في الشؤون العسكرية على مستوى المحيط الشعبي العربي. تقف الإدارات الرسمية العربية، حكومات ومؤسسات لا حول ولا قوة، يتفرجون قريري العين على الاعتداءات العسكرية التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي في الشرق الأوسط ومحيطه العربي، غزة ولبنان،  دون ضوابط.

إذن، السؤال الطبيعي الذي يطرحه كل إنسان عاقل: ما جدوى صرف آلاف المليارات من الدولارات على شراء الأسلحة الحربية المتعددة التقنيات وأوجه الاستعمال وتخزينها دون أن تخرج ولو مرة واحدة عند الحاجة لصد عدوان على الأمة؟. والسؤال الأهم: إن كانت الدول العربية لا تملك القرار السياسي لمواجهة العدوان، ما الفائدة إذن من وجود جيوش جرارة تكلفها مليارات الدولارات شهريا؟

تخزين الدولة للسلاح له أهمية استراتيجية، لكنه يجب أن يكون دائما منضبطا باحتفاظه عنصر المبادرة لمواجهة التحديات التي قد تطرأ في ظروف محددة من الحرب. في هذا السياق، إن فقدت القيادة عنصر المبادرة العسكرية في بداية الصراع أو عانت من تأخر الاستجابة لتحدي الهجمات، فإن السلاح وتخزينه مهما كان حجمه وفعاليته لا يوفر لها القدرة على المقاومة الطويلة. بمعنى آخر، تخزين السلاح لا يعني فقط، التحضير للمرحلة الأولى من الحرب، بل يجب أن يكون مع فعل عنصر المباغتة وسيلة فعالة للردع في المعركة في مراحل لاحقة للتمكين من المواجهة المستمرة لإعادة التوازن.. الدولة التي لديها ترسانة كبيرة من الأسلحة ووجود خبرة وإرادة عسكرية مقننة تؤكد للطرف الآخر (العدو) أن تكلفة دخوله الحرب ستكون مرتفعة جدا، لكن، إذا ما فقدت هذه العناصر، قد لا يسهم السلاح أن كانت الدولة غير مستعدة لاستعماله للحيلولة دون أن يأخذ العدو خطوات هجومية مضادة واسعة، أو يفضل عدم التصعيد نظرا للقوة المتاحة لدى الجانب الآخر.

منذ عقود يواجه الشعبان، الفلسطيني واللبناني، حروب قاسية آخرها حرب الإبادة الجماعية التي يتعرضان لها على مدى عام كامل، كان من الممكن من الناحية اللوجيستية والاستراتيجية والكم الهائل من المخزون العسكري التي تمتلكه جيوش الدول العربية، أن يتيح القدرة القتالية أو ما يمكن أن يؤدي إلى انتصار تدريجي على العدو عبر معركة استنزاف طويلة أو توظيف تكتيكات غير تقليدية. لكن، على ما يبدو، أن الدول العربية في المرحلة الحالية من الناحية السياسية، للأسف، ليست في وضع جيد يمنحها أفضلية لمواجهة الحرب وبقيت تتجنب أي احتكاك عسكري مع إسرائيل على المدى الطويل...

كميات كبيرة

بالتأكيد ـ هناك ضغوط خارجية «أمريكية وأوروبية» تمارس على الدول العربية لمنعها من دخول الحرب لنصرة الحق وإبعاد شبح الهيمنة وتعريض مستقبل الشعوب العربية للخطر. إلا ان سلوكها الحذر هذا لا يعزو إلى إمكانات العدو الإسرائيلي وقدرته على الردع بسبب امتلاكه كميات كبيرة من الأسلحة والتقنيات الحديثة مثل الطائرات الموجهة والصواريخ الذكية أو الذكاء الصناعي. إنما امتناعها مما يفترض أن يكون العامل الأهم لتحويل القدرة على التحكم بالكفاءة العسكرية واتخاذ قرار الحرب بسرعة لمواجهة العدو ومخاطره.

صحيح أن السلاح يشكل القوة الدفاعية المتاحة، لكنه مع عدم وجود المبادرة العسكرية كخيار استراتيجي، لا يمكن أن يكون أداة حاسمة في حالة مثلما يجري اليوم في غزة ولبنان. وقد لا يسهم على المستوى الوطني في رفع معنويات الشعب والجيش على حد سواء، أو يرسل إشارات قوية إلى العدو بأن الدولة لا تعاني من ضعف وان جيوشها تمتلك الإرادة والتصميم والثبات.

 وإذا كان تخزين الأسلحة بمختلف أنواعها إجراء استراتيجيا متعددا الفوائد لتأمين الدولة من خطر التهديدات الآنية أو المستقبلية، فإن فقدان المبادرة في الحروب يمثل تحديا كبيرا، من شأنه ألا يحقق الردع والصمود، ولا يتيح للدولة إمكانية استعادة المبادرة في المراحل التالية من الصراع. فالهجمات الصاروخية الإيرانية التي أتت متأخرا على الاسرائيل ـ على سبيل المثال ـ لم تجد نفعا، لكنها إقليميا، كانت بداية حرب «استراتيجية» عبثية قد تخرج عن قواعد الاشتباك والردع المتبادل وتعرض الشعوب العربية للهلاك ومن المرجح أن تتصاعد إلى صراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط.

 ردا على ذلك ـ أدى قصف الطائرات الإسرائيلية قواعد حزب الله في جنوب لبنان واغتيال حسن نصر الله والعديد من قيادات الحزب بدعم أمريكي وبطريقة وحشية تتناقض مع «قواعد الحروب غير المباشرة» التي تخوضها إسرائيل إلى استمرار تعطيل سياسة «الردع» العربي القائمة منذ مدة طويلة والتي لاتزال تشكل الديناميكيات المعقدة لمواجهة أي تهديدات تتعرض لأمن الدول العربية.

 السؤال: كيف تمكنت إسرائيل من قنص المئات من قيادات حماس وحزب الله وكوادرهما بهذه السهولة؟ وألا هناك من خونة يقومون بتزويد العدو بالمعلومات العسكرية واللوجستية؟

 هذه نقطة مهمة جدا، تعكس فعلا، الجانب الأكثر حساسية في عدم قدرة الدول العربية وما يسمى بـ «المقاومة» ردع العدوان على الرغم من ترسانتها العسكرية بسبب عدم امتلاكها العنصر الاستخباراتي الذي يوفر لها الحماية من خيانة الأمانة. كلاهما، أي السلاح والاستخبار، فشلا في اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية المناسبة، وربما أديا إلى تآكل القدرة على الحسم، وبالتالي، فشل الانتصار على العدو. في هذا السياق، ينبغي على أصحاب الشأن النظر لهذه المشكلة من جوانب عدة بهدف البحث عن أسباب ظاهرة الخونة ومن يقف خلفهم!...

 

 

 


مشاهدات 103
أضيف 2024/10/29 - 3:41 PM
آخر تحديث 2024/10/31 - 5:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 98 الشهر 13118 الكلي 10042841
الوقت الآن
الخميس 2024/10/31 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير