مُروءات
حسين الصدر
-1-
اذا كان هناك مَنْ يقطرُ سمّا وخبثاً ولا يرتدع عن مقارفة الاعتداء والاساءة للناس ، فانّ الى جَنْبه مَنْ ترى فيه من معاني المروءة والانسانية ما يجدد لك الثقة بالجنس البشري كله ..
-2-
ومن أصحاب المروءة ( أحمد بن مهدي ) – وهو من حفاظ الحديث المشاهير – نقل عنه انه قال :
« جاءتني امرآة ببغداد ليلةً ، فذكرت انها من بنات الناس ،
وانها امتحنت بمحنة ،
واسألك بالله أنْ تسترني ،
فلقد أُكرهتُ على نفسي ،
وأنا حبلى ،
وقلت :
إنّك زوجي ،
فلا تفضحني ،
ومضتْ .
فلم أشعر حتى جاء :
إمام المحلة ،
والجيران
يهنوني بالولد الميمون ،
فأظهرت التهلل ،
ووزنت في اليوم الثاني للامام دينارين وقلت :
أعطها للمرآة نفقةً فاني فارقتها، وكنتُ أعطيه كل شهرين دينارين يوصلها لها ،
الى أنْ أتَى عليَّ سنتان ، فمات الولد وجاء الناس يعزونني ،
فكنت أظهر لهم التسليم والرضا، فجاءتني المرأة بعد شهر ومعها الدنانير لردّها وقالت :
ستركَ اللهُ كما سَتَرِتَني .
فقلت :
هذه كانت صلة مني للمولود ، وهي لك .. فاعملي بها ما تريدين»
-2-
لقد ستر ( احمد بن مهدي ) المرأة كما أرادتَ، وَمَثَّل دورَ الاب المنفق على الولد ..، وأنقذَها مِنْ مخاطر كبرى كانت تتهددها ، فعل ذلك وهو لا يتوقع منها جزاءً على الاطلاق، فبرهن بذلك على انه ذو نفس طيّبة لا تحجب نصرتها لمن استنجد بها من الناس .
وهنا تكمن المكرمة .
ولولا المكارم والمروءات لأصبحت الحياة لا تطاق لكثرة مَنْ فيها من الشياطين .