أهمية إيقاف تنفيذ أحكام الإعدام في العراق
عبد الستار رمضان
اذا كان صحيحاً او دقيقاً ما ورد في بيان لأحد مراصد حقوق الانسان بقيام السلطات العراقية تنفيذ حملة اعدام جماعية هي الاوسع من عام 2003 وتسليم مالا يقل عن 50 معتقلاً لذويهم خلال شهر ايلول الماضي بعد اعدامهم شنقاً في سجن الناصرية المركزي، وعدم صدور بيان او تعليق من أي جهة رسمية او حكومية ما يجعل تناول هذا الموضوع مهماً بل ومن الضرورات والواجبات.
ففي العراق كل شئ ممكن يقع مما هو معقول او غير معقول، اومقبول او غير مقبول، وان الدقة والتنظيم والعدالة في الكثير من الامور والقرارات الحكومية والفردية وحتى الشخصية يمكن ان تكون حسب الاهواء والظروف وتأثيرات المكان والزمان الذي تصدر فيه، وهو ما يجعل ممكناً وجود محكومين تمت ادانتهم والحكم عليهم بمختلف العقوبات، بناءأ على اعترافات اخذت منهم بالقوة وتحت تأثير التعذيب، او افادات المخبر السري او وشاية كيدية من قريب او بعيد نتيجة عداء او خصومة او حسد او لعدم تحقق مصلحة وغاية شخصية كعشق او زواج او طلاق.
عليه تعددت اسباب الحكم على المدانين في العراق ولكن النتيجة واحدة وهي وجود ابرياء مظلومين تمت ادانتهم وفق اجراءات وسياقات قانونية تبدو في الظاهر صحيحة وقانونية، لكن باعتراف بعض القضاة الذين مازالوا في الخدمة والكثير من القضاة واعضاء الادعاء العام المتقاعدين الذين يهمسون ويقولون لبعضهم البعض ان هناك نسبة كبيرة وكثيرة من الاحكام هي مظلومين ابرياء ونسبتهم اكثر من 50بالمئة بل وتزداد هذه النسبة عند البعض الى 70 و80 بالمئة في قضايا الارهاب وبعض الجرائم التي كان لها تأثير في الشعور والرأي العام.
وما علينا من هذه النسبة او تلك التي يتداولها اعضاء السلطة القضائية ذاتهم والتي تشير بل وتؤكد ان هناك شك او عدم عدالة بعض الاحكام القضائية، فان العقل والمنطق والانسانية والمروءة والقانون قبلهم يتطلب ويلزم التريث ووقف تنفيذ جميع احكام الاعدام التي اذا ما نُفذت فلا يمكن بعدها معالجتها او علاجها. حيث دعت الكثير من الشخصيات وبعض الاحزاب المشاركة في السلطة والحكومة الى( توجيه دعوة لرئيس الجمهورية الى تجميد تنفيذ أحكام الاعدام واحالتها الى التحقيق مجدداً ثم عرضها على المحاكمة)، بل وصل القول(ان التصديق على احكام الاعدام من قبل رئاسة الجمهورية يثير علامات استفهام بخصوص توقيته، لاسيما وان الامة تخوض معركة المصير ضد العدوان الصهيوني، كما ان توقف فخامة رؤساء الجمهورية السابقين عن هذه الخطوة كان لأدراكهم تعقيد هذا الملف الانساني الخطير وهو تساؤل ودعوة للاستدراك).
ويمثل تصريح احد اعضاء مجلس النواب العراقي وقوله(تواصلت مع قضاة واعضاء الادعاء العام وقالوا لي نحن على قناة تامة أن هناك محكومين بالاعدام هم أبرياء، وقالوا ان عملية نطق الحكم عليهم كانت بادلة غير صحيحة او المخبر السري او التعذيب ونحن على قناعة ان هناك ناس مظلومة حكمت بالسجن المؤبد او الاعدام وهم أبرياء).
عليه فان الآلاف الذين حكموا بالاعدام بتهمة الارهاب لابد ان يكون بينهم برئ من هذه التهمة بسبب الامراض النفسية الموجودة في الشخصية والمجتمع العراقي بشكل عام، فالعداء الشخصي وتلفيق التهم والمخبرين السريين وتأثير التهديدات والاغراءات على شهود النفي وشهود الاثبات والتهديدات والاغراءات وطردهم وعزلهم بل وحتى تصفيتهم هم وعوائلهم، كلها صور وحالات موجودة في كل قضية او ملف او دعوى ينظرها القضاء، وهو ما يتطلب تحركاً سريعاً من جميع السلطات والجهات في العراق لأهمية وضرورة وقف تنفيذ احكام الاعدام وبعدها الشروع في كيفية معالجة هذا الملف سواء باعادة المحاكمة والتحقيق وتوفير كل اسباب وضمانات المحاكمة العادلة للجميع.