مازال الغاز الطبيعي يبدّد هدرا في العراق
أكرم ســالم
بعدّ الغاز الطبيعي الحر و المصاحب للبترول موردا حيويا مهما جدا تزخر به حقول البترول العراقية ،ولا توجد تقديرات ثابتة معلنة عن الكميات الهائلة المؤكدة او المحتملة لذلك ،اذ ان العراق يحتل مراتب متقدمة في هذا المجال ربما تكون الثالثة عالميا بعد روسيا وايران في ظل تضارب تقديرات الخبراء والمعنيين لاحتياطياته المؤكدة وتلك المحتملة الكامنة في الحقول البكر غير المستثمرة الى هذا اليوم لاسباب عديدة يلفها الغموض فضلا عن الاستكشافات المتصاعدة والمتجددة . لكن العراق اخذ في السنوات الاخيرة يخطو خطوات جيدة تدعو للتفاؤل في استثمار الغاز ولاسيما المصاحب ،اذ اعلنت وزارة النفط ان حقل الحلفاية بالعمارة سيشهد التشغيل الفعلي باذار المقبل بانتاج 300 مليون قدم مكعب قياسي يوميا اضافة لانتاج الحقول التي دشنت حيز الانتاج ،وهي خطوة ضرورية في مساعي العراق لاستثمار الغاز المصاحب المتبدد حرقا في الفضاء المحيط من مئات الابار البترولية المنتجة والتي تتسبب في الاضرار المباشر بمناخ وبيئة العراق وصحة سكانه ،عدا الخسائر الاقتصادية واستنزاف العملة التي لايمكن حصرها !! وبذلك فان رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني الذي حضر حفل افتتاح حقل الحلفاية في حزيران الماضي اكد بان نسبة استثمار الغاز المصاحب للبترول ارتفعت من 50 الى 61 بالمئة وان الهدف هو الوصول الى نسبة صفر للغاز المحروق بحلول عام 2028 .ان انتاج الغاز ارتفع من 2972 مليون قدم مكعب قياسي يوميا عام 2022 الى 3100 مليون قدم مكعب قياسي يوميا في هذا العام 2024 غير ان ما يستثمر منه حاليا لا يتجاوز 1800 مليون قدم مكعب قياسي يوميا !! وهو امر يدعو للاستغراب والاسف،ويستدعي ذلك تضافر المزيد من الجهود الوطنية المخلصة لتكثيف عمليات استثمار الغاز الطبيعي المصاحب للعمليات البترولية او الغاز الحر غير المصاحب من حقولنا البكر التي ماتزال مغلقة في عكاز بالانبار وحقول المنصورية بديالى وحقول السيبا بالبصرة ،فيما نجد ان هنالك مساع جادة في حقول خورمور بالسليمانية لانتاج الغاز الحر وتوظيفه في مشاريع الطاقة الكهربائية بنسب مشجعة. ان استثمار الغاز الطبيعي الحر والمصاحب يمثل فرصا اقتصادية كبرى لاقتصادنا الوطني وتقليل الاعتماد على النفط مصدرا رئيسا للايرادات الريعية ،ويمكن استثمار الغاز بمجالات حيوية بكل تاكيد كانتاج الكهرباء الذي يعاني العراق نقصا فادحا متزايدا فيه مما يؤثر سلبا على الحياة اليومية للمواطن العراقي ويعيق الخدمات وعمليات التنمية ومشاريع البناء ،علاوة على امكانية استغلال الغاز في الصناعات الثقيلة والتحويلية كصناعة الاسمدة والبتروكيمياويات ،وهو يوفر فرص عمل واسعة وتعزيزا اكيدا للقطاع الصناعي الوطني المتعثر حاليا ،وذلك سيفضي حتما الى تحويل العراق من دولة تعتمد اعتمادا كبيرا جدا على تصدير النفط الخام الى دولة ذات اقتصاد متنوع قادر على استيعاب التحديات المستقبلية.من الضروري ان يضاعف العراق جهود صياغة ووتائر خططه واستراتيجياته لتطوير قطاع الغاز الطبيعي الحر و المصاحب،على قاعدة تطوير البنية التحتية اللازمة Infrastructure مثل محطات التخزين ونقل الغاز والمعالجة مع تكثيف نقل التكنولوجيا ذات الصلة بانتاج الغاز واستثماره ،من خلال تكثيف التدريب والتعليم العالي ورفع مستوى الخبرات الوطنية المتعلقة بانتاج وتصنيع البترول والغاز في اطار خطة استراتيجية شاملة تهدف الى الاستثمار الامثل للغاز ..ونحو تحقيق تنمية مستدامة للاقتصاد العراقي بما يكفل الاستقلال الطاقوي وتحويل العراق الى مركز صناعي اقليمي ولاسيما في مجال الصناعات البترولية والبتروكيمياوية والتكرير.