المجال للسياسة الامريكية
نزار الربيعي
دعمت الولايات المتحدة في العقود الاخيرة من القرن الماضي اقصى نماذج التشدد الاسلامي سواء أكان في بعض الدول العربية أو بتحالفها مع طالبان ضد الغزو السوفيتي حينذاك، وكان هذا التحالف المرحلي يدخل في السياسة الامريكية ضمن محاربة الشيوعية على مستوى العالم ومحاربة الانظمة القومية الثورية في المنطقة العربية.
ما ان انتهت هذه المرحلة حتى تحولت الصورة نحو اتهام المسلمين بأنهم بحكم الثقافة والعقيدة اكثر ميلاً الى الضعف ووجهت التهمة الى حركات الاسلام السياسي كافة، وصار ينظر لها بوصفها حركات ارهابية وامتدت النظرة في بعض الاحيان لتشمل البلاد العربية والاسلامية التي اتهمت بأن ثقافتها تحبب العنف وترفض القيم الغربية ذات العلاقة الديمقراطية وحقوق الانسان، لقد أدى انتشار مفهوم الحرب ضد الارهاب بصورة واسعة في الادبيات السياسية تحديداً بعد احداث 11 سبتمبر / أيلول 2001 الى حدوث تطورات مهمة في الجانب الفكري إذ تم ترجيح فكرة انفراد النظام الرأسمالي بقيادة العالم وبدأ هذا النظام يقدم ايديولوجية وفكرة كونه المؤهل لقيادة العالم وانه سيسعى الى تقييم ثقافته وقيمه على الاخرين، وان حضارته قد انتصرت ويجب الاخذ بها كما روج لذلك فوكو ياما في كتابه نهاية التاريخ.
لكن هذه الاحداث أعادت الحديث من جديد عن صراع الحضارات كما اشار لذلك صموئيل هنتغتون وتقترب مجاور هذا الصراع الحضاري المفهوم الذي طرحه إذ أصبح الحديث انقسام العالم الى عالم الخير الذي تمثله حضارة الغرب و عالم الشر الذي تمثله بعض الدول العربية والاسلامية التي تعارض توجهاتها السياسية الخارجية الامريكية، وغيرها من دول العالم.
لقد حاولت الولايات المتحدة الامريكية بعد احداث ايلول صياغة خطاب اخلاقي تملي لواسطته على شعوب العالم تعريفها لمفهوم الدولة الصالحة في النظام الدولي الجديد وكذلك الدولة المارقة التي تم تسميتها من إدارة الرئيس السابق بوش.